ثقافة وفنون

ثمانية كليبات «خادشة» في مصر: حلم الشهرة السريعة ينتهي بكابوس السجن

حلم الشهرة السريعة، الذي راود صناع 8 كليبات في مصر، خلال عامين فقط، انتهى إلى كابوس السجن، بعد اتهامهم بتقديم محتويات «خادشة للحياء وتحض على الرذيلة».
وعلى الرغم من الرواج الواسع لتلك الكليبات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن صناعها لم يجدوا القدر نفسه من التعاطف بعد نهايتهم المؤلمة.
وتتنوع أساليب «خدش الحياء» في تلك الكليبات، بداية من أسماء تحمل مغزى جنسياً، وكلمات فيها إيحاءات مبتذلة، وصولاً إلى كثير من مشاهد العري.
ويرى ناقد فني أن صناع تلك «الكليبات» من المغمورين كانوا يبحثون عن فرصة للشهرة، ولا يجب حبسهم، لأن ما قدموه محاولة للفت الانتباه، وسط كثرة المعروض في الساحة.
بينما يطالب ناقد آخر بتشديد العقوبات على من يقدم هذه المواد، فيما يعتبر خبيران أحدهما نفسي، والثاني اجتماعي أن «الكليبات الخادشة للحياء» تمثل خطورة بالغة على المجتمع.
وعادة ما تبدأ الأزمة بانتشار واسع للكليب، عبر موقع «يوتيوب»، تعقبه بلاغات تتهم صناعها بـ»التحريض على الفسق والفجور» ومن ثم القبض على منتجيها ومخرجيها وأبطالها.

من أضواء الشهرة لظلمة الحبس

مطربة مغمورة تدعى «ليلى عامر» أحدث ضحايا السعي وراء الشهرة، في كليب يحمل اسماً، اعتبرته السلطات «مخلاً بالآداب».
وأحيلت إلى النيابة العامة، التي أحالتها للمحاكمة العاجلة، الشهر الماضي، ولم تفصل المحكمة في أمرها بعد.
وقبلها بأيام، وتحديدا في 12 ديسمبر/ كانون أول الماضي، تم حبس «شيما» سنتين، وغرامة 10 آلاف جنيه (600 دولار)، بسبب أغنية أخرى تضمنت، وفق التحقيقات، «إيحاءات جنسية».
وجرى تخفيف الحكم إلى الحبس عاماً واحداً مطلع يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أمرت النيابة بإحالة أحمد نافع، ومحمود جمعة، للمحاكمة بتهمة «تقديم محتوى يتضمن ألفاظا خادشة للحياء»، عبر فيديو كليب.
كما أحيلت مطربة مغمورة تدعى فاطمة أحمد، لمحكمة الجنايات العاجلة، وما زالت قضيتها منظورة للسبب ذاته. والعام الماضي صدر حكم نهائي بحبس مطربة تدعى «إنجي» لمدة عام بتهمة «التحريض على الفسق والفجور».
وفي مايو/ أيار 2015 تم حبس المخرج وائل الصديق لمدة عام، ومراقبة في المدة ذاتها، وعاماً آخر لمطربة مغمورة تدعى سلمي الفولي، بتهم مشابهة.
وحبست الراقصة برديس، والمطربة شاكيرا في سبتمبر/أيلول 2015، 6 أشهر مع الشغل والنفاذ لاتهامهما بصناعة أغنيتين خادشتين للحياء والفعل الفاضح.

عقوبة مغلظة

وحسب الخبير القانوني حسين حسن، فإن الحبس في تلك القضايا يستند إلى نصوص قانونية تعني بمكافحة جرائم الآداب.
وينص القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن يوم ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة من مئة جنيه (6 دولارات) إلى ثلاثمئة جنيه (18 دولارا)، من يدان بـ «خرق الآداب».
ويقول حسن، إن القاضي عادة ما يصدر الحكم في تلك القضايا بالحبس ما بين 6 أشهر و3 سنوات.
ويختلف اثنان من النقاد الفنيين، حول ما إذا ما كان ما يقدم بتلك الكليبات يمكن وصفه بـ «الفن» أم لا.
وحسب الناقد الموسيقي محمد شميس، فإن غالبية هذه الأعمال توافرت فيها العناصر الأساسية للأغنية (كلمات- لحن- موسيقي) إلا أن بعضها لا يناسب القيم المجتمعية.
ويضيف أن هذه المواد لا تعد ظاهرة فهي بالمقارنة بما يعرض سنويا في مصر «قليلة جداً»، إلا أن إثارتها وكثرة العري فيها يجعلها تنتشر سريعا.
ويرجع شميس سبب ظهور مثل تلك الكليبات إلى رغبة مطربات مغمورات في الشهرة السريعة بعمل صادم.
ورأى أن بعض المطربات الشهيرات بدأن بالطريق نفسه، لكن بعدما رفض المجتمع تلك المحتويات تحولن للفن الراقي.
ويرفض شميس حبس أي فنان يقدم محتوى مرفوض مجتمعيا، مشيرا إلى أن أفضل آليات التعامل مع هذه المواد، هو النقد الفني والمقالات، حتى يتم تقويم الفنان.
لكن الملحن الشهير حلمي بكر يختلف مع الرأي السابق، حيث طالب، في تصريحات تلفزيونية، كررها أكثر من مرة، بتشديد العقوبة على من يقدم مثل هذه النوع من الغناء.
واتهمهم بـ «تخريب الذوق العام، ونشر الرذيلة»، كما أن «الفن مرآة المجتمع» فإذا كانت المرآة تنقل ما يخدش المجتمع فهذه فضيحة، حسب قوله.
ويرى بكر أن السكوت على مثل هذه المحتويات هو سبب انتشارها، لذا يجب تشديد العقوبات.
ويرد شميس على هذه المطالبات بأنه لا يمكن اعتبار هذه الأغاني «عملاً جنائياً»، لكن يمكن معاقبة مقدميها من خلال النقابات المعنية بذلك، أو أن يقاطع المجتمع ما يراه مخالفا لقيمه.
الكليبات الخادشة للحياء تقريبا أكثر الفيديوهات مشاهدة على موقع يوتيوب في مصر، وهو ما يبرره الخبير النفسي جمال فرويز، بأنه راجع لغياب المؤسسات الثقافية في البلاد منذ سبعينات القرن الماضي. ويقول إن الإعلام المرئي عموما أصبح يقدم رسائل سلبية تبني صورا ذهنية خاطئة لدى الأطفال والمراهقين.
ويضيف أن غياب الدور الثقافي، الذي كانت تقدمه المدارس وقصور الثقافة (حكومية)، حول الغالبية العظمى منا إلى قطيع ينساق خلف هذه الكليبات.
ويؤكد الطبيب النفسي أن تعرض الجماهير «منزوعة الثقافة» لهذه المحتويات الهابطة ينشر الانحرافات الجنسية والبلطجة، لاسيما بين صغار السن الذين يسعون دوما للتقليد.
ويتفق معه الأكاديمي جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة المنوفية (حكومية)، في أن هذه المحتويات تعمل – مع غيرها من العوامل – على هدم الأسرة. ويقول إن الحل في مواجهتها يكون من خلال إعلام هادف ينقد مثل هذه المحتويات ويساعد في عدم انتشارها.
ويطالب حماد وسائل الإعلام المحلية باستيعاب الجمهور ومحاولة تثقيفهم بمواد أبعد من الأخبار، التي تتناول هذه المحتويات، من خلال النقد والتشريح وإعادة القيم الموروثة. الاناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: