اضطراب العمه (Agnosia) انواعه واعراضه
ترجمة وإعداد سائر بصمة جي
الحواس وسيلتنا للتواصل مع العالم، وترسل الحواس المعلومات للمخ، الذي يعالجها، ما يسمح للمخ بتفسير المعلومات الحسية المستقبلة، وفي اضطراب “العمه” يفقد المخ القدرة على معالجة المعلومات الحسية؛ فالعين ترى ولكن المخ لا يفسر ما يراه، وهكذا في كل الحواس.
* ما هو اضطراب العمه
العَمَهْ (Agnosia)، هو اضطراب عدم القدرة على معالجة المعلومات الحسية، وهو اضطراب عصبي نادر يؤدي لفقدان القدرة على التعرف على الأشياء أو الأشخاص أو الأصوات أو الأشكال أو الروائح، أو عدم القدرة على فهم معنى أي جسم أو صعوبة معالجة المعلومات الحسية، مثل اللمس والصوت والضوء حتى في حال كانت الحواس سليمة، ولا يوجد أي فقدان كبير للذاكرة.
ويرتبط الاضطراب عادةً بإصابة الدماغ أو الأمراض العصبية، بشكل رئيسي في الفص القذالي أو الصدغي أو الجداري في جذع الدماغ البطني، وبخلاف الأمراض العصبية، يمكن أن ينجم العَمَهْ أيضاً عن سكتة دماغية أو إصابة شديدة في الرأس أو اضطرابات في النمو أو الخرف، وسنتعرف في هذا المقال على هذا الاضطراب العصبي، وكيفية التعامل مع أنواعه المختلفة.
تحدث العمه عندما تفقد مراكز المخ قدرتها على معالجة المعلومات الحسية
* أنواع العَمَهْ
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من العَمَهْ، هي: البصرية، والسمعية، واللمسية.
1- العَمَهْ البصرية Visual agnosia
تعيق العَمَهْ البصرية قدرة المرء على معالجة المعلومات المرئية الواردة وفهم معناها، وهناك نوعان رئيسيان هما الإدراكي والترابطي.
ولا يمكن للأشخاص الذين يعانون من العمه الإدراكية apperceptive agnosia معالجة ما يرونه والتمييز بين المنبهات البصرية المختلفة بشكل صحيح، وحتى الجسم الظاهر نفسه من زوايا مختلفة قد لا يظهر كجسمٍ واحد لهم.
لا يمكن للأشخاص الذين يعانون من العمه الترابطية associative agnosia مطابقة الشيء الذي يرونه مع المعلومات المخزنة في ذاكرتهم، ويمكنهم رسم صورة لجسمٍ ما (ما يعني أنهم يعالجون المعلومات من المحفزات المرئية بشكل صحيح)، لكنهم لا يستطيعون معرفة ما هي حقيقته، وهناك نوع من العمه الترابطية هو عمه تعرّف الوجوه prosopagnosia حيث يكون الشخص المصاب غير قادر على التعرف على الوجوه، ويحدث هذا غالباً عند مرضى الزهايمر ومرضى التوحد.
2- العمه السمعية Auditory agnosia
هو عدم القدرة على معالجة الأصوات، وكما هو الحال في حالة العمه البصرية تماماً، لا تتأثر جودة السمع، وإنما ينبع السبب من الفصل بين منطقة معالجة الصوت، ومراكز اللغات في الدماغ، حيث تبقى قدرات المرضى على القراءة والكتابة والتحدث سليمة، ويعد العمه الصوتي عبارة عن نوع فرعي من حالة فقدان السمع، وهو المصطلح الذي يستخدم لوصف عدم القدرة على التعرف على الأصوات المألوفة، ولكن يمكن التعرف على الكلمة المنطوقة أو الأصوات البيئية.
3- العمه اللمسية Tactile agnosia
هو عدم القدرة على التعرف على الأشياء عن طريق اللمس، ويمكن للمريض تقييم ما يشعر به ووصفه، لكن هذه المعلومات لا تخبره بشيء عن الجسم، وفي حالة عَمَه التجسيم اللمسي، أو عدم تمييز الأجسام باللمس astereognosis، يمكنه تحديد الجسم عن طريق البصر، مع عدم القدرة على تحديده عن طريق اللمس.
* عوامل الخطر
عوامل الخطر المرتبطة بالعمه تشمل ما يأتي:
– يصيب العمه النساء بشكل شائع أكثر من الرجال.
– أي نوع من الإصابات الشديدة في الرأس.
– العرق القوقازي أكثر عرضة للعمه.
– كبار السن.
– التدخين.
– البدانة.
– إذا كان الفرد يعاني من مرض في الأوعية الدموية مثل مرض الشريان التاجي، وفرط كوليستيرول الدم، وتصلب الشرايين، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، إلخ.
* الأسباب
يتسبب العمه في تلف الفص الجداري أو الصدغي أو القذالي في المخ، وتخزن هذه المناطق ذكريات استخدام وأهمية الأشياء المألوفة والمعالم السياحية والأصوات، وتدمج الذاكرة مع الإدراك وتحديد الهوية، وغالباً ما يحدث العمه فجأةً بعد إصابة في الرأس أو سكتة دماغية.
وقد يحدث العمه البصري الأساسي نتيجة التعرض المفرط للسموم البيئية الخطرة (مثل التسمم بأول أكسيد الكربون)، وفي بعض الحالات، قد يكون سبب تلف الدماغ غير معروف، وقد تختلف الأعراض، وفقاً لمنطقة الدماغ المصابة.
قد يحدث العمه البصري أيضاً بالاقتران مع الاضطرابات الكامنة الأخرى (اضطرابات بصرية ثانوية) مثل مرض الزهايمر، وتكوُّن الجسم الثفني، والميلاس MELAS (أي اعتلال الدماغ بالميتوكوندريا، والحمض اللبني، والسكتة الدماغية)، وأمراض أخرى تؤدي إلى الخرف التدريجي، وتشمل الاضطرابات التي قد تسبق تطور العمه البصري الأساسي (وقد تكون مفيدة في تحديد السبب الكامن وراء بعض أشكال هذا الاضطراب) مرض الزهايمر، ومرض بيك (نوع من الخرف يصيب الشق الأمامي الصدغي)، واضطراب نادر يسمى متلازمة بالينت (متلازمة ثلاثية غير شائعة وغير مفهومة بشكل كامل تتضمن اعتلالات نفسية عصبية شديدة).
* الأعراض
تختلف أعراض العمه تبعاً للفص التالف:
– الفص الجداري
هذا النوع من الضرر ينتج عادة عن السكتة الدماغية، حيث يواجه الأشخاص صعوبة في تحديد شيء مألوف (مثل المفتاح أو الدبوس الآمن) الذي يتم وضعه في يده مقابل الجسم المعرّض للضرر (يُسمّى العمه الحسي somatosensory agnosia)، ومع ذلك، عندما ينظر المصابون إلى الجسم، يتعرفون عليه على الفور، ويصرّ بعض الناس على أنه لا يوجد خطأ أو أنهم يتجاهلون المشكلة، حتى عندما يكون أحد جوانب الجسم فيه نقص.
– الفص القذالي
لا يمكن للناس المصابين التعرف على الأشياء الشائعة، مثل الملعقة أو قلم الرصاص، وعلى الرغم من أنه يمكنهم رؤية هذه الأشياء، ويسمى هذا الاختلال العمه البصري، وقد لا يتعرفون على الوجوه المألوفة (يسمى عمه تعرف الوجوه) أو الأماكن (الذي يسمى العمه البيئي).
– الفص الصدغي
قد لا يتمكن الأشخاص من التعرف على الأصوات على الرغم من أنه يمكنهم سماع الأصوات، ويسمى هذا اختلال العمه السمعي.
وهناك أعراض لحالات أخرى قد تحدث مثل:
– عمه التحسس البصري الجزئي
ويتميز المصاب بعمه التحسس البصري الجزئي Simultanagnosia بعدم القدرة على القراءة وعدم القدرة على رؤية محيطه بشكلٍ كامل، ويمكن للفرد المصاب رؤية أجزاء من المشهد المحيط، ولكن ليس بكامله، أي يكون لديه عجز في فهم أكثر من جزء من مشهد مرئي في وقت واحد أو لتنسيق الأجزاء.
العمه يمكن أن تؤثر على حاسة البصر
– عَمَهُ تَوَضُّع الجسْم
في حالات نادرة، قد لا يتمكن الأشخاص الذين يعانون من العمه البصري من التعرف على أعضاء مختلفة من جسمهم (عَمَهُ تَوَضُّعِ الجِسْم autotopagnosia)، وقد تشمل الأعراض أيضاً فقدان القدرة على التمييز بين اليسار واليمين.
* التشخيص والاختبارات
1- يتم تقييم الخطوة الأولى في تشخيص حالة العمه بشكل صحيح من قبل الطبيب، وسيُطلب من المريض تحديد أجسام شائعة باستخدام البصر أو اللمس أو أي حاسة أخرى، وقد يساعد الفحص البدني الطبيب في تشخيص اضطراب آخر قد يكون سبباً لأعراض المرض، مثل وجود مشاكل في الرؤية أو السمع.
2- هناك بعض الاختبارات المعيارية التي تقيِّم وظيفة الدماغ (الاختبارات العصبية والنفسية) التي تطرح من خلالها أسئلة أو يُطلب فيها القيام بأعمال محددة.
3- يمكن أيضاً استخدام اختبارات التصوير مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالاعتماد على تشخيص المريض وأعراضه وتاريخه الطبي.
* العلاج والأدوية
1- لا يوجد علاج محدد للعمه، فإذا كان الأطباء قادرين على تحديد السبب، فسيتم تخصيص علاج للمشكلة المحددة، وعلى سبيل المثال، إذا تسبب خَرّاج في حالة العمه، فقد يصف الطبيب المضادات الحيوية ويحيل المريض لإجراء عملية جراحية لاستنزاف الخرّاج.
2- يمكن أن يستفيد الأشخاص المصابون بالعمه من الكلام والعلاج المهني لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الاعتلال في حياتهم اليومية.
3- إذا عُولج سبب العمه بشكل صحيح، يجب أن يحدث الشفاء في غضون الأشهر الثلاثة الأولى، على الرغم من أنه قد يستغرق ما يصل إلى عام، حيث يعتمد نجاح الشفاء على نوع وحجم وموقع الضرر وشدة الإصابة وعمر الشخص المصاب وكذلك فعالية العلاج.
* الوقاية
لا توجد تدابير وقائية للعمه، ومع ذلك، يمكن قصره على مستوى معين من خلال الكشف المبكّر عن المرض المرتبط بالعلاجات الطبية المناسبة والعلاجات ذات الصلة.
أيضاً، يمكن للشخص المصاب اتباع النظام الغذائي المذكور أدناه من أجل منع المزيد من المضاعفات:
1- تناول المزيد من الفواكه والخضروات الطازجة ومنتجات الألبان وفول الصويا وزيت الجوز والأطعمة الزيتية والمأكولات البحرية والحلويات.
2- الحد من استهلاك الأسماك واللحوم.
العمه قد تؤثر على حاسة اللمس
* خلاصة القول
يتميز المصاب بالعمه بعدم القدرة على التعرف على الأشياء و/ أو الأشخاص وتحديدها، وقد تختلف الأعراض وفقاً لمنطقة الدماغ المصابة، ويمكن أن يقتصر العمه على حاسة واحدة مثل الرؤية أو السمع، وعلى سبيل المثال، قد يواجه الشخص صعوبة في التعرف على جسم مثل الكوب أو تحديد صوت كالسعال.
يمكن أن ينجم العمه عن السكتات الدماغية أو إصابة الدماغ المؤلمة أو الخرف أو الورم أو اضطرابات النمو أو التعرض المفرط للسموم البيئية (مثل التسمم بأول أكسيد الكربون) أو حالات عصبية أخرى، وقد يحدث العمه البصري أيضاً مرتبطاً مع الاضطرابات الكامنة الأخرى، وقد يحتفظ الأشخاص المصابون بالعمه بقدراتهم المعرفية في مناطق أخرى.
علاج العمه يتعلق بنوع وحجم الإصابة، وقد يساعد الكشف المبكّر على منع المزيد من تلف الدماغ.