مستقبل البشرية مع الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء
هذا يعني أن الساعات، التلفزيونات، النظارات، الأثاث، الحافلات، السيارات، السفن، القوارب، الطائرات، الأشجار، المباني، الشوارع، الحيوانات، أعضاء جسم الإنسان، والإنسان نفسه؛ تُعد أشياء إذا ما أُلصق بها أو بمحيطها عنوان إنترنت معين.
ومع هذه التكنولوجيا الرهيبة، سوف نتحول إلى المدن الذكية، المصانع الذكية، المباني الذكية، الطاقة الذكية، الرعاية الصحية الذكية، الزراعة الذكية، البيئة الذكية، سلاسل الإمداد الذكية، قطاع التجزئة الذكي، وسائل النقل الذكية، السيارات الذكية، الأمن الذكي، أنظمة المراقبة والإنذار الذكية؛ أي سيكون هناك مليارات الأشياء المتصلة بالإنترنت؛ ما يمكنها من الاتصال ببعضها البعض لإرسال واستقبال البيانات للتخاطب والتفاهم؛ عبر الإنترنت دون تدخل مباشر للإنسان؛ كونه أحد طرفي الاتصال كأي شيء آخر؛ ما يمكن أن نطلق عليه ” الحياة الذكية”.
ومن خلال إنترنت الأشياء، الذي يولد بيانات ضخمة (Big Data) ترصدها أجهزة استشعار تعمل على مدار الساعة في مختلف الظروف دون كلل، فإن الذكاء الاصطناعي (AI-Artificial Intelligence) سوف يتيح للآلات التفكير والتعلم بطريقة تشبه البشر، ويحلل هذه البيانات بفاعلية في أجزاء من الثانية؛ لاستخلاص المعلومات التي تستخدم في دعم اتخاذ القرار، وليتخذ الذكاء الاصطناعي القرار المناسب.
أجهزة استشعار صحية
ومثال على ذلك، يمكن لثلاجة المنزل التواصل مع مركز التسوق وشراء المستلزمات وتوصيلها دون تدخل بشري، كذلك ارتداء الشخص أجهزة استشعار صحية ذكية لمراقبة مؤشراته الحيوية ومواعيد تناوله الدواء. وبدمج ذلك مع الذكاء الاصطناعي، يستطيع اكتشاف المشكلات المفاجئة عن بعد، سواءً بتغير ضغط الدم أو مستويات السكر أو درجة الحرارة أو سرعة نبضات القلب، وتخزينها في مراكز البيانات لتحليلها؛ للكشف عن المرض، وتحديد التدخل الطبي في الوقت المناسب.
إن الذكاء الاصطناعي يحسِّن قدراته بسرعة، ويثبت ذاته في المجالات التي يسيطر عليها الإنسان تاريخيًا؛ لذا يتوقع كثير من الخبراء أن يكون الذكاء الاصطناعي في غضون قرن من الزمان قادرًا على فعل أي شيء يمكن للإنسان القيام به، بل قد يتفوق على الإنسان.
انتهاك خصوصية البيانات
وفي ظل حدوث طفرة هائلة في نمو إنترنت الأشياء، تتزايد المخاوف الأمنية من احتمال اختراق تلك الأشياء، وانتهاك خصوصية البيانات والمعلومات المتداولة من خلالها، فإذا ما اخترقت شبكة الأشياء المتصلة، يمكن التحكم في الأشياء أو تزويدها ببيانات خاطئة لإحداث خلل في أداء وظائفها؛ ما قد يكون له خطر مباشر على صحة الإنسان أو حياته؛ ما يتطلب تعزيز منظومة الأمن السيبراني.
وسيكون الذكاء الاصطناعي أحد الركائز الأساسية في مجال الأمن الإلكتروني خلال الأعوام المقبلة؛ فكثير من برامج الأمن الإلكتروني وعدت بدفاعات لا يمكن اختراقها؛ لاعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُمكنها من الكشف الفوري عن أي برامج ضارة على الشبكة، والاستجابة للحوادث، واكتشاف الاختراقات قبل أن تبدأ، والتصدي لها.
الروبوت “صوفيا”
وفي استشرافها للمستقبل، منحت المملكة، الجنسية السعودية للروبوت “صوفيا” (Sophia) كبادرة رمزية لمشروع مدينة نيوم الذكية؛ ليكون له دور محوري في إدارة مدينة المستقبل؛ إذ تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على تحسين جودة الحياة، وترشيد استخدام الموارد، وتقليل استهلاك الطاقة والمياه، وتوفير الموارد الطبيعة، والحفاظ على البيئة، وتحسين الأمن، واستباق كثير من الأحداث والمخاطر، وتحديد التهديدات المحتملة، واتخاذ الإجراءات الوقائية دون تدخل بشري.
علاج الأمراض المستعصية
كذلك، ستساهم في تقديم حلول لمعظم التحديات الملحة التي تواجهها البشرية، بدءًا من الطاقة النظيفة، ووصولًا إلى علاج الأمراض المستعصية؛ لأن قوة الذكاء الاصطناعي جاهزة اليوم، يقودها لاعبون كبار؛ مثل: جوجل، وفيسبوك، وأبل، وأمازون، وتطبيق المساعد الصوتي سيري(SIRI ) الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي.
هذا يدعونا إلى ضرورة تعديل اتجاه البوصلة من الناحية التعليمية والاستثمارية؛ بالتركيز على علوم المستقبل؛ حيث ستظهر لنا فرص استثمارية هائلة غير معروفة حاليًا في مجال إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، يتولد عنها وظائف كثيرة مبتكرة لا نعلمها اليوم؛ ما يدفعنا للتساؤل عما يخبئه لنا المستقبل، عندما نستبدل الإنسان بالآلة التي لا تعرف الإحساس الإنساني أو العاطفة، وماهي التكلفة التي ستقدمها البشرية مستقبلًا مقابل ذلك؟!
المصدر : رواد الأعمال