حرب أكتوبر 73 سيمفونية عظيمة عزفها المصريون.. وتهافت العرب على المشاركة فيها

ولم تقتصر المساندة والدعم من قبل الدول العربية فقط، بل سارع عدد من الدول غير العربية إلى تقديم الدعم والمساندة لمصر.
وقد تنوّعت وتعددت أشكال المساعدات التي قدّمتها الدول لمصر فهناك من استخدم سلاحالبترول والغاز فقام بمنع تصديره لإسرائيل والدول الداعمة لها، والبعض أرسل مساعدات عسكرية من طائرات وصواريخ، أما الآخر فساهم بدعم مادي ومعنوي.
يستعرض «المرصد المصري» أبرز الدول التي دعمت مصر في حرب أكتوبر 1973، وما قدمته من دعم ومساعدة.
الشيخ زايد يقود العرب في وجه «إسرائيل»
“ليس المال أغلى من الدم العربي وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسوريا”.. هكذا قال حاكم الإمارات الراحل الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، عبارته التي بقيت في ذاكرة المصريين والعرب أجمعين.
وقرر الشيخ زايد قطع النفط عن إسرائيل والدول التي تساندها، وتبعته في ذلك الدول العربية، ما شكل عامل ضغط قوي على إسرائيل وحلفائها.
فعندما بدأت حرب أكتوبر كان الشيخ زايد، في زيارة إلى العاصمة البريطانية، وقبل أن يقطع زيارته ليعود ويُشارك مع باقي الدول في دعم مصر بمعركتها ضد إسرائيل، أكّد في مؤتمر صحفي عقده بلندن إن بلاده ستقف بجانب مصر بكل حسم.
السعودية تقطع البترول
في أغسطس 1973، قام الرئيس المصري محمد أنور السادات، بزيارة سرّية إلى الرياض، التقى خلالها بالملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، حيث كشف له عن قرار الحرب على إسرائيل، مؤكدًا له أن الحرب «قريبة لا محالة».
وطلب «السادات» خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.
وفي 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونجرس اعتماد 2.2 مليار دولار، في مساعدات عاجلة لإسرائيل، ما أدى إلى قيام الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى، بإعلان حظر الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، ما خلق أزمة طاقة طاحنة.
5 طائرات كويتية تحارب في الجيش المصري
عقب اندلاع الحرب، بعثت الكويت 5 طائرات «هوكر هنتر» على الرغم من امتلاكها 8 طائرات فقط، بالإضافة إلى طائرتي نقل من طراز سي-130 «هيركوليز»، لحمل الذخيرة وقطع الغيار.
ووصلت الطائرات إلى مصر في مساء 23 أكتوبر ونزلت في قاعدة «قويسنا» التي كانت أنوارها مطفأة لظروف الحرب، وحال وصول الطائرات الكويتية أُضيء المُدرّج لثوانٍ مُحددة لنزول الطائرات، ثم أغلقت أضواؤه فورًا.
بالإضافة إلى إرسال الكويت قوة حربية إلى الجبهة المصرية، أسوة بما أرسلته إلى الجبهة السورية.
سرب طائرات جزائري ولواء مدرّع
بعد اندلاع الحرب في 6 أكتوبر 1973 أرسل الرئيس هواري بومدين، سرب طائرات سوخوي-7، وسرب ميج-17، وسرب ميج-21، إلى الجبهة المصرية، وصلت في أيام 9 و10 و11 أكتوبر.
فيما وصل إلى مصر لواء جزائري مدرّع في 17 أكتوبر 1973، وخلال زيارته إلى الاتحاد السوفييتي في نوفمبر 1973، قدَّم مبلغ 200 مليون دولار للسوفييت لحساب مصر وسوريا، بمعدل 100 مليون لكل بلد، ثمنًا لأي قطع ذخيرة أو سلاح يحتاج لها البَلَدَان.
إيران تمد مصر بالبترول
عقب البدء في حرب أكتوبر طلب الرئيس السادات من شاه إيران إمداد مصر بالبترول اللازم خلال الحرب، فقام الشاه بإصدار أوامره لناقلة نفط كانت في عرض البحر بتغيير مسارها إلى الموانئ المصرية، وأوقفت إيران صادراتها النفطية عن الدول الأوروبية وأمريكا.
اليمن تغلق مضيق باب المندب
لعبت اليمن دور كبير في الحرب، فبفضلها أُغلق مضيق باب المندب، ومُنع مرور أي سفن حربية خلال الحرب.
فقد تحرّك الفريق فؤاد ذكري، بثلاث قطع بحرية مصرية إلى مضيق باب المندب، في سريّة تامة، عند نقط تسمح لها بمتابعة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر راداريًا وتفتيشها، ولم تجرؤ سفينة عسكرية إسرائيلية واحدة على عبور مضيق باب المندب طوال الحصار.
الطائرات العراقية تشارك في الضربة الجوية الأولى
زار رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق سعد الدين الشاذلي، بغداد في 26 مايو – 2 يوليو 1972، قبل عام من حرب أكتوبر، وقابَل الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، وطرح مشاركة العراق في حرب مُحتملة ضد إسرائيل، وبرغم بعض المشاكل التي كان يُعاني منها العراق لكنه أبدى استعدادها لإرسال قوات عسكرية حال نشوب الحرب.
وأثناء الحرب كُلفت الطائرات العراقية بواجبات في الضربة الأولى، ويَذكر الفريق «الشاذلي» أن القوات البريّة المصرية كانت تهتف “نريد السرب العراقي”، و”نريد سرب الهوكر هنتر”، ما اعتبره «الشاذلي» شهادة على كفاءة السرب العراقي وحُسن أدائه خلال حرب أكتوبر.
وكان مقررًا حسب اجتماع مجلس الدفاع العربي، في نوفمبر 1971، أن يتم إرسال طائرات «هوكر هنتر» إلى الأردن، ولكن «البكر» أبدى رغبته لـ«الشاذلي» في أن يتم إرسال الطائرات إلى مصر.
وفي نهاية مارس 1973 وصل من العراق سربان من تلك الطائرات، وكان الاتفاق بين مصر والعراق يقضي بإرسال سربين كاملين من تلك الطائرات، بعد أن يتم إصلاح الطائرات الناقصة، إلا أن العراقيين لم يتمكنوا من إصلاح جميع الطائرات، فتم إرسال السربين غير مكتملين، وبلغ مجموع الطائرات العراقية التي وصلت مصر 20 طائرة، استقرّت في مطار قويسنا بمحافظة المنوفية.
السودان يُعلن اللاءات الثلاثة
كان السودان في طليعة الدول التي ساندت مصر، إذ نظّم مؤتمر الخرطوم الذي أُعلنت من خلاله اللاءات الثلاثة «لا صلح – لا اعتراف – لا تفاوض»، وعندما اشتدت الغارات الصهيونية داخل العمق المصري لم تتردد السودان في نقل الكليات العسكرية إلى أراضيها، كما أرسلَت فرقة مشاة إلى الجبهة.
البحرين تصطدم مع واشنطن
لم تترك البحرين، مصر خلال حرب أكتوبر، فقد شهدت شوارع البحرين اجتماعات ولقاءات شعبية للتبرّع بالأموال والدماء لمساندة الجيش المصري.
كما أعلنت البحرين على لسان الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة القرار قرارًا جاء نصّه كالتالي: “تعلن حكومة دولة البحرين أنها بالنظر للموقف الذي تقفه الولايات المتحدة الأمريكية من الأمة العربية، وهي في غمرة نضالها العادل والمشروع ضد العدو الصهيوني، وانسجامًا مع كل ما يتطلبه الواجب القومي حيال الأُمة، فقد قررنا وقف تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية”.
وأُلحق القرار بآخر، نصّ على إنهاء جميع الاتفاقيات الموقعّة بينها وبين أمريكا، لمنح تسهيلات لبواخرها في ميناء البحرين.
سربين من الطائرات الليبية ولواء مدرّع
وبحكم التلاحم الجغرافي والعربي، قامت ليبيا بعد نشوب حرب أكتوبر بإرسال لواء مدرّع إلى مصر، وسربين من الطائرات، سرب يقوده مصريون والآخر ليبيون.
الاتحاد السوفييتي.. قوة عظمى تساند العرب
كان للدعم السياسي السوفيتي خلال حرب أكتوبر من خلال ثلاث جبهات حيث كان لها دور واضح بشأن القرار الذي يُصدره مجلس الأمن الدولي، ففي 10 أكتوبر أبلغت موسكو واشنطن موافقتها على صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في مواقع القوات الحالية على أن يتضمّن القرار البدء في المفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وفي 13 أكتوبر وجّه الاتحاد السوفيتي احتجاجًا على الغارات التي شنّها الطيران الإسرائيلي على أهداف مدينة مصرية وسورية،كان أرسل الاتحاد السوفيتي احتجاجًا لمجلس الأمن بشأن الجسر الجوي الأمريكي لإسرائيل.
كما قامت موسكو بالاتصال ببعض الدول العربية وحثّها على المشاركة في العمليات العسكرية, والتدخل لدى إيران وممارسة الضغط عليها حتى لا تقوم بإجراء يكون من شأنه تعويق قدرة العراق على دعم الجبهة السورية حتى قرار وقف إطلاق النار في 22 أكتوبر، وما تبعه من تصعيد دبلوماسي وسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
طائرات كوريا الشمالية تشارك بطيّاريها
في بداية مارس 1973 زار نائب رئيس جمهورية كوريا الشمالية، مصر وبرفقته وزير الدفاع، الذي أبدى رغبته في زيارة جبهة قناة السويس، إذ رافقه رئيس الأركان «الشاذلي»، ودار حديث بينهما حول نقص الطيارين المصريين، وعرض «الشاذلي» على وزير الدفاع فكرة إرسال طيارين كوريين، وأن ذلك سيحل مشكلة نقص الطيارين، وسيمنح الكوريين خبرة قتالية، لكون الإسرائيليين يستخدمون نفس الطائرات والتكتيكات التي من المنتظر أن يستخدمها الأمريكيون.
وبعد أسبوعين من مغادرة الوفد جاء الرد بالموافقة، ودعوة الجانب المصري إلى زيارة العاصمة بيونج يانج، للتعرّف إلى الطيارين وكفاءتهم، وقد وصل الفريق «الشاذلي» هناك في 6 أبريل من نفس العام، وفي أوائل يوليو وصل الطيّارون إلى القاهرة، وقد بلغ عددهم 30، إضافة إلى 8 موجهين جويين، و3 عناصر للقيادة والسيطرة، و5 مترجمين، وطبّاخ وطبيب، وقد اكتمل تشكيل السرب الذي يعملون به في يوليو 1973.
أما عن الدول الداعمة لإسرائيل فكان أبرزها أمريكا التي قدّمت كل شيء من أجل تحقيق إسرائيل انتصار في هذه الحرب.
واشنطن تدعم إسرائيل بكل قوتها
كان لأمريكا دور كبير في دعم إسرائيل خلال حرب 73، وكان الدعم عسكريًا وسياسيًا، ولعب هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت دورًا هامًا في وقوف الولايات المتحدة بجانب إسرائيل في الحرب.
وقام الكونجرس الأمريكي بدوره في مساندة إسرائيل حتى سمح لأمريكا بالجسر الجوي لإسرائيل، ويذكر المشير عبدالغني الجمسي، أن واشنطن استخدمت على هذا الجسر 228 طائرة بلغت عدد رحلاتها 596، بالإضافة للجسر البحري الذي قام بنقل الدبابات والمدافع والعربات المدرّعة وكان من الواضح أن وصول هذه الأسلحة إلى إسرائيل أدى إلى دعم القدرة العسكرية الإسرائيلية وهو ما مكنها من مواجهة الهجوم الذي قامت به القوات المصرية في 14 أكتوبر.
وفي يوم 17 أكتوبر طلب «كيسنجر» استمرار الجسر، مؤكدًا “لابد أن نمضي في هذا الشوط حتى يصرخ أحد الأطراف ويخرج من المعركة”.
وفي 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونجرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لإسرائيل.
ولم يكن دور أمريكا تعويضًا لإسرائيل عمّا لحق بها من خسائر، وإنما أيضًا تزويدها بمخزون ضخم من الأسلحة يضمن تفوّقها، وعدم تعرّضها للهزيمة في حالة تجدد القتال، بل والعمل على استمرار القتال رغم الاتفاق على قرارات وقف إطلاق النار، حتى يضمن انتصار إسرائيل الساحق مع تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية، حتى أنه أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لتواصل هجومها على الجيش الثالث، وتوسع الثغرة التي نجحوا في فتحها على الضفة الشرقية للقناة برغم صدور قرار رسمي بوقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر، في إطار انحيازها بشكل كامل ومطلق لإسرائيل. (المرصد المصري)