غرامة ضخمة تطيح برؤوس كبيرة في قطاع النفط الكويتي
يشهد قطاع النفط الكويتي الذي يعتمد عليه اقتصاد البلاد بشكل شبه تام تغييرات إدارية بعد أن دفعت الدولة هذا الشهر 2.2 مليار دولار غرامة لشركة داو كيميكال الأميركية تعويضا عن انسحابها من مشروع مشترك.
وأطاح النزاع الذي استمر ما يقرب من أربع سنوات بالرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية فاروق الزنكي وأدى إلى إجراء تغييرات في مجلس إدارتها.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن مجلس الوزراء اعتمد مشروع مرسوم بتعيين نزار محمد يوسف العدساني نائبا لرئيس مجلس الإدارة ورئيسا تنفيذيا لمؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة وهي الذراع التنفيذية للحكومة في القطاع النفطي وتندرج تحت مظلتها كل الشركات النفطية الحكومية.
وكان العدساني يشغل موقع رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية.
ودفعت الكويت في السابع من الشهر الجاري لشركة داو كيميكال أكبر منتج للكيماويات في الولايات المتحدة 2.2 مليار دولار كتعويض من شركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية المملوكة للدولة عن انسحابها من مشروع مشترك بقيمة 17.4 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2008. وعزت الشركة الكويتية انسحابها إلى تدهور الاقتصاد العالمي في ذلك الوقت.
وأثار المشروع حساسيات سياسية في الكويت وتعرض للتدقيق في مجلس الأمة (البرلمان) في وقت كان السجال فيه محتدما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وشملت التعديلات أيضا تعيين عضوين جديدين في مجلس إدارة المؤسسة هما خالد بو حمره وحمزة بخش.
وقرر مجلس الوزراء إيقاف القياديين المسؤولين بشركة صناعة الكيماويات البترولية عن العمل “حفاظا على سلامة التحقيق وضمانا لحياديته وتجنبا لأي شبهات تطال التحقيق أو المساس بسمعتهم”.
وقرر المجلس إحالة كل ما يتصل بالعقد المبرم بين شركة الكيماويات البترولية وداو كيميكال إلى النيابة العامة بما في ذلك إجراءات إعداد العقد وشروطه والتوقيع عليه وما يتصل بإجراءات إلغاء العقد والتعويض الاتفاقي والخطوات المتخذة بعد قرار الإلغاء.
وقالت شركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية هذا الشهر انها دفعت المبلغ بعد أن “استنفدت جميع إجراءات التحكيم”. وأنهت هيئة التحكيم أعمالها في بداية العام.
وتشغل داو كيميكال وشركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية حاليا أربعة مشروعات مشتركة أخرى.
وتزخر الصحف الكويتية ومواقع الإنترنت بالعديد من التكهنات عن تغييرات قادمة في هيكل الإدارة بالشركات النفطية الرئيسية المملوكة للدولة.
وقال المحلل النفطي كامل الحرمي إن المسؤولين الجدد سيكونون “أكثر حذرا” في التعامل مع هذا القطاع الذي عانى كثيرا مما وصفه “بالتدخلات السياسية”.
وأضاف أن هذا الحذر قد يساهم في مزيد من التأخير لمشروعات نفطية استراتيجية كانت تعتزم الحكومة المضي فيها خلال الفترة المقبلة وأهمها مشروع إنشاء مصفاة الزور ومشروع الوقود النظيف الذي يشمل تطوير مصفاتين قائمتين.
ويقدر حجم الاستثمارات في مشروع مصفاة الزور عند 14.5 مليار دولار وتصل طاقتها التكريرية إلى 615 ألف برميل يوميا.
ويهدف مشروع المصفاة الجديدة إلى إنتاج وقود صديق للبيئة لتغذية محطات الكهرباء والماء في الكويت وبعض المنتجات الأخرى المخصصة للتصدير.
وتملك شركة البترول الوطنية الكويتية التابعة لمؤسسة البترول الكويتية ثلاث مصاف للنفط هي مصفاة الشعيبة والأحمدي وميناء عبد الله.
وكانت الكويت ألغت مناقصات طرحتها لتنفيذ المشروع بعد اعلان نتائجها وذلك بسبب اعتراضات من نواب في البرلمان على الاجراءات القانونية للمناقصات وأحالت الموضوع للدراسة من جديد.
وكان من المتوقع طرح المناقصات المتعلقة بإنشاء المشروع والتي تتضمن توريد المواد الخام والتنفيذ بداية العام الحالي لكن الأمر تأخر دون أسباب معلنة.
ويهدف مشروع للوقود النظيف إلى تطوير مصفاتي ميناء عبد الله والأحمدي ورفع طاقتهما التكريرية الإجمالية إلى 800 ألف برميل يوميا وربطهما ليصبحا مجمعا تكريريا متكاملا وتأهيلهما لإنتاج مشتقات بترولية عالية الجودة وصديقة للبيئة مثل الديزل والكيروسين.
وتبلغ الطاقة الانتاجية لمصفاة الأحمدي حاليا 466 ألف برميل يوميا ولمصفاة ميناء عبد الله 270 ألف برميل يوميا.
وقال الحرمي إن العوامل السياسية هي التي تسببت في دفع الكويت غرامة بهذا الحجم مضيفا أن القطاع النفطي لم يكن مسؤولا بشكل مباشر عن هذه الخسارة.
وقال “وزير النفط … أمامه فرصة لبناء فريق متناغم ومتجانس” والمضي به قدما لتحقيق أهداف القطاع بعيدا عن أي ضغوط”.