مقالات وآراء
الانتخابات عبر السفارة المصرية في هولندا تجسيد حقيقي للانتماء الوطني

قلم : عبد الله معروف
صرح الدكتور يسري الكاشف، رئيس الاتحاد العام للمصريين في هولندا ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في شمال أوروبا في مقابلة له عبر قناه النيل للاخبار بان السفارة المصرية في هولندا صورت خلال انتخابات مجلس النواب 2025 مشهداً وطنياً مميزاً عكس عمق الانتماء الذي يحمله أبناء الجالية المصرية تجاه وطنهم الأم، رغم بُعد المسافات وصعوبة الظروف المناخية في هذا الوقت من العام. فقد توافد المصريون من مختلف المدن الهولندية إلى مقر السفارة في مدينة لاهاي متحدّين برودة الطقس وانخفاض درجات الحرارة، ليؤكدوا أن المشاركة السياسية واجب لا يتوقف عند حدود جغرافية أو ظروف معيشية، بل هو فعل وطني نابع من الإحساس بالمسؤولية والانتماء.
وقد جاء هذا المشهد متوافقا مع ما أكده الدكتور يسري الكاشف في مقابلته عبر قناه النيل للاخبار ، من أن الجالية المصرية في هولندا تحمل انتماءً صادقاً لمصر، يظهر في كل مناسبة وطنية، وفي مقدمتها الاستحقاقات الانتخابية.
السفارة المصرية لعبت دوراً محورياً في إنجاح عملية التصويت، إذ وفّرت جميع الإرشادات والشروط التنظيمية عبر موقعها الإلكتروني، وسهّلت كل الإجراءات المتعلقة باستقبال الناخبين. وكان السفير عماد حنا في مقدمة المشاركين، حيث حرص على فتح أبواب اللجنة منذ اللحظات الأولى وشارك بنفسه في الإدلاء بصوته، في خطوة كان لها أثر معنوي كبير في تشجيع أبناء الجالية. كما بذلت الهيئة الدبلوماسية جهداً واضحاً في استقبال الوافدين وتنظيم تدفقهم، وهو ما جعل يوم التصويت مناسبة وطنية يشعر فيها المصريون بأن السفارة هي بيتهم وامتداد لوطنهم في الغربة.
ولعل من أكثر الجوانب اللافتة في هذا الحدث هو التجمع الأسري الذي ظهر داخل السفارة، حيث جاء المصريون بأبنائهم وعائلاتهم، في مشهد يحمل رمزية كبيرة تتجاوز التصويت ذاته. فالأهالي يدركون أهمية أن يرى الأبناء صورة الانتماء الوطني في الواقع، لا عبر الحديث فقط. وقد أشار الدكتور يسري الكاشف إلى أن الجالية تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على هوية أبنائها، من خلال تعليم اللغة العربية، والتمسك بالدين والعادات والتقاليد، إلى جانب تعزيز الارتباط الثقافي بمصر. وعلى الرغم من نشأة أجيال جديدة في المجتمع الهولندي بثقافته وأعرافه، إلا أن هؤلاء الشباب ما زالوا يشعرون بانتماء قوي لمصر، وهو ما يظهر بوضوح في مشاركتهم الطوعية في الانتخابات.
تفاعل الجالية مع هذا الحدث يعكس أيضاً قوة العلاقات بين المصريين والسفارة، إذ اعتاد أفراد الجالية أن تكون السفارة مركزاً لاجتماعاتهم ومناسباتهم وأنشطتهم طوال العام، مما يعزز الثقة والتواصل ويجعل العملية الانتخابية تمر في أجواء مليئة بالود والانتماء. ولم يكن المشهد مجرد عملية انتخابية رسمية، بل كان يوماً له طابع احتفالي يشعر خلاله المصريون بأنهم جزء من حدث وطني كبير حتى وإن كانوا خارج حدود البلاد. وهذا الشعور يعكس عمق الرابط بين الإنسان ووطنه مهما طال به الزمن في الغربة.
إن مشاركة المصريين في هولندا في انتخابات مجلس النواب 2025 ليست مجرد أرقام أو نسب مشاركة، بل هي رسالة واضحة بأن المصريين في الخارج جزء أصيل من النسيج الوطني، وأن صوتهم يمثل امتداداً حقيقياً للمواطنة. وقد برهنوا من خلال هذا التجمع، ومن خلال إصرارهم على الحضور رغم الظروف، أن الانتماء لمصر لا تحده المسافات، وأن علاقة المصري بوطنه علاقة متجذرة في الوجدان لا تتأثر بالغربة ولا تضعف بتغير الزمان.



