أخبار

محمود عزت… غموض كاذب عن إخواني يحمل ألقاب الثعلب والرقم صفر

تقوم التحليلات التي تناولت شخصية د.محمود عزت نائب المرشد العام للإخوان المسلمين الذي تردد أخيرا أنه أصبح المرشد العام، وأنه هرب إلى غزة عقب عزل الحاكم الإخواني محمد مرسي، على ما سمحت به الجماعة من معلومات عنه، وما يذكره منشقون عنها عايشوه وكانوا شهود عيان على بعض حواراته، وما تسربه أجهزة الأمن والمخابرات من ملفات.

فالرجل الذي أطلق عليه الكثير من الألقاب لكل منها تفسيره كـ”الثعلب”، و “الحديدي”، “الصقر”، “الرقم صفر”، “الناب الأزرق”، “رأس الأفعى”.. إلخ، تحوط شخصيته وحركته هالة من الغموض، إذ لم يسمح لأحد للتقرب منه، ولم يشر أحد من قيادات الجماعة سواء المنتظمين أو من انشقوا إلى أنه كان قريب منه، اللهم إلا محمد مهدي عاكف المرشد الأسبق بحكم المصاهرة بينهما، كما أنه لم يتول منصبا خارج العمل التنظيمي للجماعة للتعرف على طبيعة حركته ومواقفه وردود أفعاله.

لذا تظل حواراته التليفزيونية ولقاءاته الصحفية النادرة مادة بالغة الأهمية في التعرف على جانب من شخصيته التي أظن أنه يعمد لترويج صور كاذبة عنها ليخفي ضعفه وانكساره وكذبه واضطراب رؤاه وأفكاره وإنغلاقها على ما حفظه من كتابات سيد قطب، وهو الأمر الذي يجعله تآمريا أكثر منه قويا أو منظما.

حواراته التلفزيونية القليلة تؤكد أنه ليس خطيبا مفوها، وليس مثقفا عارفا أو ضليعا في العلوم الدينية، لكنه كذاب ماكر ومراوغ فيما يملك من معرفة عامة بسيطة وخبرة تنظيمية عميقة، يحب أن يبدو غامضا بعيد المنال، وسنضرب مثالا بسيطا على ذلك أنه ما من حوار أجري معه وسئل عن الجماعة يتنازعها فريقان: تيار حسن البنا وتيار سيد قطب، وأنه ينتمي للتيار الأخير، إلا نفى وجود التيارين تماما كنفيه لوجود محافظين وإصلاحيين، على الرغم من أن الشواهد تؤكد ذلك.

لا جزم بقطبيته

في حواره مع د.ضياء رشوان على قناة الفراعي�ه لا تحصى ولا تعد وترجمت لأكثر من عشر لغات ومتفق عليها من غالبية قرائها بأنها تحمل أفكاراً مستنيرة إيجابية للمجتمعات بشكل عام حيث تدعو للفضيلة والالتزام”. ثم يضيف ردا على سؤال مباشر عن تشدد سيد قطب ” عن طريق نفر قليل ممن يهدفون إلى تشويه صورة الإخوان”.

وأكد ذلك في حوار آخر “في عام 2005 أُثيرت قضية كتابات سيد قطب سواء من خلال بعض التصريحاتِ لعددٍ من الإخوان أو في المقالاتِ التي كان يكتبها عددٌ آخر، بل وحتى من مذكرات شخصية من عددٍ من الإخوان، فيها أن هناك كلامًا لسيد يُكفِّر فيه المجتمعَ باعتباره مجتمعًا جاهليًّا، وأنَّ هذا الكلام كان له تأثير على جماعاتٍ أخرى غير الإخوان أدَّت إلى انتهاجها منهج العنف.

وعندما ناقش مكتب الإرشاد هذه القضية قرر إحالتها لقسم التربية؛ حيث إنه القسم المهتم بفكر الجماعة، وللإخوان الذين عاصروا سيد قطب، وخاصةً الذين تعاملوا معه بشكلٍ مباشر، وبعد دراسة مستفيضة للموضوع وافق مكتب الإرشاد، وأعلن المرشد العام محمد مهدي عاكف موقف الجماعة؛ حيث قال إن كلام سيد قطب لم يخرج عن فكر الإخوان، وإن الإخوان عندما بدأ سيد في كتابه أثناء وجوده في السجن كانوا يراجعونه، وقد التقى عمر التلمساني سيد قطب في سجن ليمان طرة، وسأله أسئلةً محددةً، وفي النهاية رأت الجماعة أن الأستاذ سيد قطب لا يحمل فكرًا مخالفًا لتوجهاتِ الجماعة، وأنه يؤمن بما قاله الأستاذ البنا في رسالة التعاليم.. “لا نُكفِّر مسلمًا- أقرَّ بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدَّى الفرائض- برأيٍّ أو بمعصية، إلا إن أقرَّ بكلمة الكفر، أو أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو كذَّب صريح القرآن، أو فسَّره على وجهٍ لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحالٍ، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر”.

كيف تكون الجماعة راجعت أفكار قطب ووضعت الضوابط الفقهية لها ورأت فيها خروجا على فكرها وأخذت البيعة على رسالة المراجعة “دعاة لا قضاة” للمرشد حسن الهضيبي، ومن لم يبايعها خرج من الجماعة، وأفكار قطب سليمة ومستنيرة ومن يشوهها يستهدف تشويه صورة الإخوان؟. الإجابة أن الرجل “كذاب”، وأنه قطبي يؤمن بالتكفير والحاكمية والجاهلية والسلاح سبيلا للتغيير، وإنه إن لم يكن تتلمذ مباشرة على يد سيد قطب شخصيا، فقد تتلمذ على يد شكري مصطفى الابن النجيب لسيد قطب، والذي انشق عن الجماعة ليكون جماعة “التكفير والهجرة” انطلاقا من أفكار قطب.

وقد أشار ثروت الخرباوي إلى محمد بديع ومحمود عزت وخيرت الشاطر وقيادات أخرى تزاملوا مع القيادي التكفيري شكرى مصطفى فى السجن واعتنقوا جميعا الفكر التكفيري لسيد قطب من خلال دستور العنف الذي وضعه لهم في كتاب “معالم على الطريق”.

وكشف أن شكري أخذ العهد والبيعة من الإخوان في السجن وعلى رأسهم بديع وعزت والشاطر، وطالبهم بأن يخفوا نظرتهم للمجتمع الجاهلي الكافر حتى يخرجوا من السجن، وحتى يصلوا لمرحلة التمكين، وأكد أن الشيخ محمد الغزالى حذر منهم ومن فكرهم وأسماهم بتنظيم “العشرات” نظرا لأنهم جميعا دخلوا السجن عشر سنوات من عام 1965 وحتى عام 1975.

نشأة مضطربة

نشأ عزت حياة أسرية مضطربة فبعد أربع سنوات من ولادته 13 آب/ أغسطس عام 1944 تزوج والده على أمه 1948 لتذهب مسؤولية أمه وأخواته إلى جده بحى السكاكينى بالعباسية، ويذكر أن الجد كان عنيفا وحادا في سلوكه وتعامله، أفكاره الدينية متشددة ومضطربة ومشوشة، لكن في العام 1960 اضطر والده إعادة والدته وأخواته بعد انقلب الجد ورفضه الانفاق عليهم، وجراء هذه الحياة المضطربة رسب عزت في الشهادة التوجيهية ـ الثانوية العامة حاليا ـ ليعود مرة أخرى إلى بيت الجد بعد أن طرده والده ويحصل على شهادته ويلتحق بكلية الطب عام 1961، وقد أكمل دراسته عقب خروجه من السجن في قضية تنظيم 65 وتخرج في كلية الطب عام 1976، سافر إلى إنكلترا ليكمل رسالة الدكتوراة، ثم عاد إلى مصر ونال الدكتوراة من جامعة الزقازيق سنة 1985.

هذا الاضطراب الأسري من جهة والفكري الديني المتشدد للجد من جهة أخرى يفسران السر وراء انضمام عزت للجماعة بينما كان لا يزال صبيا لم يبلغ عمره 9 سنوات، والانتظام في صفها أيضا في سن صغيرة حيث كان يبلغ من العمر 18 عاما، بل إن أولى عملياته داخل الجماعة كانت في سن 21، حيث انضم إلى تنظيم 1965 الانقلابي ضد نظام الرئيس جمال عبد الناصر، وقد ألقي القبض عليه ضمن 43 قيادة حوكمت عسكريا، وكان نص الاتهام أن “المتهمون في الفترة من سنة 1959 حتى آخر سبتمبر 1965 بالجمهورية العربية المتحدة وبالخارج حاولوا تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة، بأن ألفوا من بينهم وآخرين تجمعًا حركيًا وتنظيمًا سريًا مسلحًا لحزب الإخوان المسلمين المنحل يهدف إلي تغيير نظام الحكم القائم بالقوة باغتيال السيد رئيس الجمهورية والقائمين علي الحكم في البلاد وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة في البلاد، وتزودوا في سبيل ذلك بالمال اللازم، وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم علي استعمال هذه الأسلحة والمفرقعات، وحددوا أشخاص المسئولين الذين سيجري اغتيالهم، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التي سيخربونها، ورسموا طريقة تنفيذ ذلك، وتهيئوا للتنفيذ الفعلي، وعينوا الأفراد الذين سيقومون به، وحال ضبطهم دون تمام مؤامراتهم. وكان المتهمون السبعة الأول هم المتولين زعامة التنظيم”.

حكم على عزت بعشر سنوات، ذاق وشاهد فيها من الأهوال في السجن الحربي، ما وسع دائرة اتجاهه للعنف وجعله عقيدة، وربما هذا ما أهله للقبض على مسئولية التنظيم السري بملفاته الشائكة ـ الشرطة، الجيش، القضاة ـ وأهمها الملف العسكري، حيث كان يشرف على إرسال عناصر الإخوان إلى معسكرات التدريب العسكري في الخارج بطرق سرية تختلف أشكالها للتمويه على أجهزة الأمن ومنعا لإثارة الشك ولفت الانتباه، بعض هذه المعسكرات يتم تمويلها ـ بتنسيق منه ـ عن طريق شركات الإخوان الموجودة في الخارج تحت لافتات مهمات العمل والانتداب وتبادل الخبرات والإعارة للخارج، أو عن طريق عقود عمل مؤقتة غالبا ما تكون وهمية تابعة لإحدى الشركات التي يمتلكها الإخوان في الخارج أو عن طريق لجنة الإغاثة الطبية التي ترأسها لفترة د.عبد المنعم أبو الفتوح.

العلاقة مع حماس

من هنا كان تعززت علاقة عزت بقيادات حركة حماس عسكريا وتمويليا وهي حركة إخوانية تشكل جزءا من التنظيم الدولي، وقد قام في العام 2007 بجمع نصف مليار جنيه من كوادر الإخوان دفع بها للحركة عقب انقلابها على السلطة الوطنية الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس، وقاد المظاهرات التي خرجت التي خرجت في القاهرة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة.

وشكل لجنة إخوانية مهمتها جمع القوى السياسية والحركات الشعبية والأحزاب والنقابات المهنية والبرلمانيين للضغط على نظام مبارك وقتئذ لفتح الحدود ورفع الحصار ودعم حماس.

حين يتحدث عزت لا يمكن التعرف على مدى حرارة إيمانه بما يقول، وجهه تكسوه برودة الموت، وكلماته بلا قلب، ونظراته عالقة باللاشئ، ينحو دائما نحو الوصاية على الإسلام والعالم متكئا على الكليات دون أن ينجر إلى التفاصيل أو يلمح بها فهو مثلا يرى أن العمل العالمي واجب يفرضه الإسلام وكذا تفرضه الجماعة، ويؤكد أن هناك ضرورة بشرية أن يقوم الإخوان بواجب الدعوة وأيضا مواجهة الجانب السلبي للحضارة الغربية ـ لا يسميها ـ والممثل في الشذوذ الجنسي ومعاملة المرأة بانحطاط واحتلال الشعوب وسرقة مقدراتها، واستخدام الجانب الإيجابي من أدوات وتقنيات والعمل بها.

ويقول “نحن جماعة عالمية إذا صلحت مصر صلح العالم الإسلامي، وإذا صلح العالم الإسلامي تتحقق للبشرية النجاة من هذه المادية التي أشقتها”.

محاولة عزت إخفاء ما يبطنه يسقط بخروجه من دوائر العمل التنظيمي للجماعة للعلن حيث الحوار والنقاش، وهذا واضح في أمر قطبيته التي كشف عنها حواره مع ضياء رشوان ثم حواراته الصحفية التالية، وهنا ربما يتفق مع نسيبه ومرشده السابق محمد مهدي عاكف الذي يمكن إخراج ما في باطنه من أفكار ومعلومات، ولأن الأمر كذلك ربما فضل عزت البقاء في الخفاء داخل التنظيم حتى لا ينفضح باطنه إذا خرج للعلن، وينكشف ستر ما يحمله من أفكار كما حدث حين سئل في مؤتمر جماهيري للجماعة بمنطقة إمبابة في 2011 حول تطبيق الحدود فقال “الحدود تكون بعدما نملك الأرض، لما أملك الأرض أولا أضع الحدود حولها، لابد من تطبيق الحدود ولكن بعد أن يقوم الإسلام في حياة الناس، في قلوبهم، في أخلاقهم، في تعاملاتهم، وعندئذ لابد أن تقام الحدود”.

ويبقى أن أشير إلى أن غموض الرجل لا يؤكد قوته بل اضطراب، وأن ما يتردد عن قوته وما حصله من ألقاب ضخمة مجرد هالة كاذبة لرجل مضطرب عقليا ونفسيا ينبغي ـ برأيي ـ التعامل مع خطورته من هذا المنطلق. المصدر: محمد الحمامصي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: