مقالات وآراء

فيلم مثير للجدل يسيء للسعودية

“ملك الرمال” فيلم مسيء للسعودية يشهد اقبالا شديدا من مؤيدي بشار الأسد في لندن: “ملك الرمال” فيلم سينمائي يخترق المحرمات ويحطم الممنوعات ويكسر قيود التقاليد، يصدم المشاهد ويلقى اعجاب مؤيدي النظام السوري ويغضب السعوديون ومؤيديوهم. فيما يلي النص العربي لتقييمي للفيلم وكتبته باللغة الانجليزية ونشر في عدة مواقع في الولايات المتحدة واستراليا وبريطانيا وهي الهافنغتون بوست ونيوز بليز وغيرها. استلمت قبل عدة اسابيع دعوة لحضور افتتاح فيلم “ملك الرمال” في سينما هاي ماركت Haymarket Cinema القريبة من حلبة بيكاديلي وسط لندن ومن ميدان ليستر سكوير الاربعاء الموافق 11 ايلول 2013. ذهبت مع مرافق في مساء لندني ماطر. كان الافتتاح مهيبا مع سجادة حمراء مفروشة على رصيف مدخل صالة العرض لاستقبال المدعوين وتواجدت كاميرات تلفزيونية من قناة “برس تي في” الايرانية “والميادين” الممولة ايرانيا. سررت برؤية بعض الاصدقاء الذين لم اراهم لفترة غير قصيرة ورؤية بعض زملاء وزميلات سابقين.

ملك الرمال The King of the Sands فيلم تاريخي عن سيرة حياة مؤسس المملكة العربية السعودية ومن اخراج نجدت انزور المخرج السوري المعروف. الفيلم ذاته يصدم المشاهد. لا يمكن وصفه بأوبرا السيف والبعير والصندل لأن هذا يقلل من أهميته ومغزاه. تدرو أحداث الفيلم أوائل الثلاثينات في الصحراء السعودية. يتحرى الفيلم ويستكشف جذور العائلة الملكية السعودية ويسرد قصة مليئة بالملابسات والغموض عن “كيف استطاع المؤسس الأمير عبد العزيز عبد الرحمن آل سعود من نزع السلطة من سلالة آل رشيد في الرياض بالقوة ويعلن نفسه ملكا عام 1932 وبمساعدة بريطانية.

” “ملك الرمال” هو دراسة لسيرة حياة عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود والذي يعرف بابن سعود امير قبيلة آل سعود ومؤسس المملكة العربية السعودية المعاصرة. كليشات مبتذلة وهراء؟؟ هناك قدر كبير من الكليشات وعناصر الاثارة في الفيلم مثل الغدر والدسائس والطعن من الخلف والخيانة والخداع والتآمر والاحتيال والعنف المفرط وانتهاك العذارى وقطع الرؤوس وبتر الأيدي لللسارق المزعوم ورجم الزاني والزانية.

ويبرر القائمون على كل فعل عنيف وانتهاك بالاستشهاد بآيات قرأنية او حديث نبوي الخ. تستطيع ان تتخيل ما يحدث في غرفة نوم الملك من التشنجات والتقلبات التي تظهر على وجه الخادم الأسود كرد فعل لما يشاهده من افعال مثل ادخال الاصبع في مهبل العذاراء. وصدمت من منظر ذبح البعير الصغير والخروف ذبحا حسب شعائر وطقوس الذبح المعروفة لدى المسملين. منظر الذبح كان مؤلما لبعض المشاهدين البريطانيين حسب ما لاحظت.

السيد روجر هيغنسون خبير في الشؤون الدولية مع اهتمام خاص بالشرق الأوسط قال لي بعد مشاهدة الفيلم “لا اعتقد ان المشاهد الأوروبي سيرتاح من هكذا فيلم. الفيلم ميلودرامي مثير جدا وتبسيطي.”

ولكن السيد بوتكين آزارميهر اصلاحي وناشط ايراني قال ” سأعطي الفيلم 5 من 10 واكون سخيا بذلك. القصة لم يتم سردها جيدا والتمثيل لم يكن جيد جدا والقصة صدمتني بشدة وسأحاول التأكد من صحة المعلومات التاريخية لأن معرفتي بتاريخ السعودية مثل الكثيرين لا تزيد عن الصفر.”

ربط ضعيف بالارهاب: تستند أرضية الفيلم على نظرية ربط الارهاب المعاصر بالمذهب الوهابي. يبدأ الفيلم بمناظر هجوم 11 ايلول 2011 الأيقونية على أبراج مركز التجارة العالمية في نيويورك وتفجير القطارات في مدريد في تشرين الثاني نوفمبر 2004 وتفجيرات ميترو لندن في تموز 2005.

افتتاح الفيلم في لندن عقد الاربعاء 11 ايلول 2013. هل من تصادف؟ محاولة الفيلم تثبيت الربط بين الارهاب الجهادي المتطرف والوهابية والتأثر بها لم تكن مقنعة. “من الواضح ان محاولة التهجم الغير مباشرعلى السعودية سيجلب بعض الدعاية الاعلامية للمخرج الذي يبدو انه يتمتع بدرجة من الشهرة المثيرة للجدل.

يفشل الفيلم بخلق ربط يمكن تصديقه بين الوهابية في العشرينات واحداث 11 ايلول اليوم. سيكون من المثير ان نرى مدى النجاح الذي سيحققه الفيلم تجاريا عندما يعرض في صالات السينما” يقول هيغنسون. ينجح الفيلم في الاستفزاز واثارة الجدلية حيث يرسم صورة سلبية عن السعودية بمشاهد مليئة بالعنف والممارسات الجنسية الفظة.

اتساءل هل هذا هو السبب في تواجد عدد كبير من مؤيدي بشار الأسد بين الحضور من النادي السوري البريطاني الاجتماعي ونشطاء آخرين مؤيدين للنظام السوري والمناوئين للسعودية. مخرج مستقل لا يلتزم بالنمطية: لا يمكن مقارنة الفيلم بافلام المخرج ديفيد لين الذي اخرج افلام لورانس العرب وجسر على نهركواي ودكتور زيفاغو . يفتقر الفيلم لما يسمى ملحمة اكتساحية ومناظر الصحراء الخلابة.

وربما هذا يعود للميزانية المحدودة وليس نقصا في المواهب والقدرات الفنية للمخرج السوري نجدت انزور وفريق الانتاج. انزور مخرج غير عادي يعمل باستقلالية وبطريقته الخاصة وهذا يميزه عن معاصريه في الشرق الأوسط لأنه يبتعد عن النمطية الروتينية.

أنزور مخرج ذو خلفية طويلة وباع أطول في الغوص في مواضيع ممنوعة ومحرمة وحساسة. تناولت أعماله الفنية مواضيع مثيرة للجدل مثل الاصولية الاسلامية والارهاب والقضايا الاجتماعية.

ومن أعماله الدرامية البارزة كانت بالتعاون مع الدكتورة هالة دياب وجلبت هذا الاعمال اهتمام كبير في العالم العربي. هالة دياب كاتبة دراما سورية ومنتجة افلام واعلامية سورية وناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة وحائزة على جوائز تقديرية.

عملت دياب مع انزور في انتاج العديد من مشاريع الدراما التلفزيونية مثل مسلسل شيفون ويقتلون الياسمين وما ملكت ايمانكم وغيرها. وهذا الأخير اثار ضجة كبيرة ولا يزال موضوع نقاش وبحث في الشرق الأوسط.

في الوقت المناسب ومع مرور الزمن قد نرى نجدت أنزور يتطور لأورسون ويلزOrson Welles السينما العربية او جون هوستون John Huston الشرق الأوسط. ويلز وهوستون مخرجان سينمائيان عرفا باستقلاليتهما وتمردهما على المألوف والمتوقع. “ملك الرمال” في نظري فيلم قوي وعنيف وساحق كبير لمن هو ضد السعودية. وعمل سينمائي رائع وانتصار عسكري لمن يؤيد بشار الأسد. ولمن يؤيد السعودية فهو فيلم ساقط وفضائحي ومليء بالتشويهات والمبالغات وللمحايد فهو فيلم ميلودارمي مروّع.
المضدر وطــن نــيــوز
الكاتب: نهاد إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: