أخبار

قبلات جنيف 5+1 …. وغياب رباط العنق الكرواتى ..!!

كان مشهداً عالمياً ملفتاً ومثيراً فى تلك الجلسة التاريخية الختامية لأهم جولات التفاوض التى عقدتها لجنة او مجموعة ( 5+1 ) فى جنيف لوضع حل للملف النووى الايرانى. أما المقصود بالخمسة فهم الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الامن الدولى وهى : الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين …أما (+1 ) فالمقصود به المانيا الكبيرة بحاضرها الاوروبى و الصغيرة بهزيمتها فى الحرب العالمية الثانية.

وبعيداً عن حسابات الكسب والخسارة فإننا سنأخذ بتصريح سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى الذى حسم جدلية تحليل خبراء السياسة والاعلام فى مجال تقييمهم لحصاد إتفاق جنيف المرحلى حول الملف النووى الايرانى بقوله بكلمات دقيقة موجزة : “الكل رابحون وليس هناك من خاسر “.

ولكننا هنا يجب علينا ان نستثنى العرب من هذا التصريح الروسى نظراً لفروق التوقيت والتأثير….. ففى يوم 23-24 نوفمبر 2013 ليلة وصبيحة جلسة الختام كان الشرق الاوسط يغط فى نمو عميق عدا اسرائيل التى كانت تتابع الموقف عن كثب وصدرت عن قادتها تصريحات محددة بما فيها تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتنياهو الذى إعتبر الاتفاق خطأً تاريخياً مؤكداً على أن هذا الإتفاق غير ملزم لإسرائيل … أما اعضاء المجموعة 5+1 فكانت الليلة ليلتهم بحق فلقد كانوا ساهرون فى جنيف يتبادلون القبلات ونخب النجاح بمناسبة إتمام الاتفاق المرحلى على تسوية الملف النووى الايرانى الذى طال إنتظاره لسنوات من الشد والجذب.

وكانت القبلات ساخنة وسريعة ويبدو أنها لم تشبع الرغبة الجامحة لدى متبادليها فى تفريغ شحنة كبت قلق الانتظار وجهد الحوار لمدة اربعة أيام متتالية للإتفاق على صياغة بنود الإتفاق: كلمة …كلمة … وبدقة محسوبة بعناية لكل حرف … وكان المشهد فريداً فجميع من حضروا شعروا رغم تداخل وتعارض مصالحهم بأنهم قد حققوا لبلادهم ما أرادوه ….وغاب العرب عن المشهد بل ورحب معظمهم بنتائجه عدا السعودية المتخوفة من عودة ايران كشرطى امريكى للخليج كما كان حالها فى عهد الشاه .

ولم يلتفت المتفاوضون الحاضرون إلى أعناقهم حيث الاختلاف الظاهر بين اولئك الذين يضعون رباط عنق وكلهم ينتمون الى مجموعة 5+1 ومن لايضعون هذا الرباط وهم جميع اعضاء الوفد الايرانى الملتزم بمبادىء بلاده فبعد الثورة الإيرانية عام 1979، درجت السلطات الايرانية على عدم الترحيب بارتداء رباط العنق بإعتباره أحد رموز رمز الثقافة الغربية. وشهدت السنوات الأخيرةتساهلا من هذه السلطات مما ادى الى شيوع استخدامه غير الرسمى في الحفلات والمناسبات الشعبية ،ولم يمتد هذا الاستخدام للمستوى الرسمى بما فى ذلك فى السلك الدبلوماسى الايرانى في الخارج .

ولقد حاول الرئيس الايرانى السابق أحمدي نجادالخروج عن هذا التقليد وقام بوضع رباط العنق فى احدى المناسبات الرسمية قائلاً : ” لا أحد من كبار رجال الدين حرم ارتداء رباط العنق”…ممادفع رجل الدين الإيراني المحافظ آية الله أحمد خاتمي إلى إنتقاد الرئيس قائلاً :” قلت له إن الكثير من رجال الدين يرون أنه لا ينبغي وضع رباط العنق. …فالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نفسه أكد في فتوى له بأن ارتداء الكرافت ورباط العنق الرسمية الصغيرة غير جائز».

الطريف فى تاريخ ظهور رباط العنق انه قد تم إستخدامه لأول مرة فى كرواتيا عندما وضع الجنود الكروات الشيلان حول اعناقهم خلال حرب الثلاثين عاما التى إجتاحت أوروبا (1618-1648) لينتقل هذا التقليد بتطوره الى اوروبا ليصبح رابط العنق على حاله الذى نراه اليوم بمختلف اشكاله واطواله كموضة عالمية واحدة … بل ويظل الاسم الفرنسى المتداول (كارافته ..Cravate) هو الأكثر شيوعاً وذلك تحريفاً لكلمة كروات التى يستخدمها العرب احياناً لتوصيف حالة او موقف ” ما ” للفظ عامى دارج هو ” كروتة” اى تمرير اهداف هذه الصفقة بسرية وتمويه وخداع فى شكل مباراة واسعة المدى لن يخسر فيها الا العرب …أما الإيرانيون فهم المستفيدون من هذه الصفقة التى ستتيح لهم المرحلة الانتقالية من الآن حتى نهاية شهر مايو القادم العودة ثانية لإرتداء رياط العنق الغربى … وإن غداً لناظره قريب …..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: