أخبار

لتجنب الإحراج والسخرية : آلة التزوير تكتفي بنسبة 81% لنجاح بوتفليقة "الرئيس الآلي" في انتخابات الجزائر

اعلن وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز الجمعة ان الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة فاز بولاية رابعة في انتخابات الخميس الرئاسية جامعا 81.53% من الاصوات.

وجاء منافسه الاول علي بن فليس في المركز الثاني بنسبة 18.12%.

واكد بلعيز ان نسبة المشاركة التي بلغت 51.7 بالمئة لا تاخذ في الحسبان الجزائريين الذي انتخبوا في الخارج وعددهم اكثر من مليون ناخب.

وهذه النتيجة لم تفاجئ المراقبين، غير أن عددا ممن يتهمون الجهات المشرفة على الانتخابات بتنفيذ عمليات تزوير على نطاق واسع للنتائج رجحوا أن نتيجة الـ81 بالمائة تم إقرارها بعناية لتجنب الإحراج والسخرية التي عادة ما تواجه بها نتائج الانتخابات في الدول الاستبدادية والتي نادرا ما لا تصل الى التسعين فاصل.

وكانت اتهامات عديدة بتزوير نتائج التصويت قد وجهت للسلطات الجزائرية منذ ليل الخميس اي مباشرة مع إلإعلان عن إغلاق مكاتب الاقتراع. وكان علي بن فليس منافس بوتفليقة المهزوم أول من بادر إلى مثل هذه الاتهامات.

وندد بن فليس في ندوة صحافية ليل الخميس، بما أسماه المؤامرة المفضوحة والجاهزة منذ البداية و”المنفذة بأياد جزائرية ضد الإرادة السيدة للشعب ومصالحه الحيوية وضد البديل الديمقراطي”.

ودعا بن فليس “مجمل القوى السياسية والاجتماعية” للشروع في مشاورات موسعة ومفتوحة للوصول إلى طرق ونهج مقاومة سياسية للخروج بالبلاد “من الأزمة”، منددا باللجوء إلى التزوير الشامل للإبقاء على “نظام ينبذه الشعب”، وأكد أنه لن يقبل بأي شكل وتحت أي ظرف “بهذه النتائج”، معلنا رفضه لها “جملة وتفصيلا”.

وأشار بن فليس إلى أن “التزوير أخمد مرة أخرى صوت التعبير الحر والخيار السيد للشعب الجزائري”، معتبرا أن التزوير الذي تم تسجيله “اليوم” ما هو في حقيقة الأمر “إلا الحلقة الأخيرة من مسلسل بدأ بتوظيف الإدارة والحكومة لتحقيق مآرب انتخابية”، مؤكدا أن المعلومات التي بحوزته تفيد بتسجيل خروقات في العديد من الولايات “زاد عددها وتفاقمت حدتها” مع اقتراب موعد غلق مكاتب التصويت.

ويقول مراقبون إن بن فليس يتكلم من موضع العارف بخبايا ما يحدث فساد داخل مؤسسات الدولة الجزائرية التي لا تعدم القيمين عليها الحيلة لارتكاب جريمة تزوير الانتخابات، مادمت ستبقي على رأس نظام يمكن أن يشكل أحسن غطاء لفسادها المستشري بشكل منظم ورهيب في البلاد منذ عقود.

وسبق لعلي بن فليس أن كان واحدا من الوجوه المحسوبة على جهات بعينها في النظام القائم. وشغل بن فليس منصب وزير العدل كما ترأس الحكومة وديوان رئاسة الجمهورية وشغل منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، وهي مناصب يقول مراقبون إنها لا يمكن أن تسند لشخصية لا تحظى بدعم النواة الصلبة للنظام.

وقال بن فليس إن تاريخ السابع عشر أبريل/نيسان سيبقى في ذاكرة الأجيال القادمة “كموعد آخر ضيعته الجزائر مع التغيير والتجديد”.

ورأى أن التاريخ سيحفظ “هذا اليوم لما وقع فيه من اعتداء على ضمير الأمة عن طريق اغتصاب إرادتها وسرقة أصوات المواطنين ومصادرة الإرادة الشعبية”.

واعتبر بن فليس أن “التزوير قد سلب مرة أخرى الشعب الجزائري حقه في اختيار من يقود زمام أموره وتبني المشروع السياسي الذي يستجيب لآماله وتطلعاته، وأبرز أنه وفي سبيل تنفيذ هذا المخطط الذي وصفه بالسالب لحق الشعب في الاختيار، فرضت على الشعب كل وسائل التخويف والترهيب والاهانة والشتم “واعتمدت أساليب لا أخلاقية لبلوغ هذا المقصد”.

ويقول مراقبون إن فوز الرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة، مثل “نجاحا للاستراتيجية التي تبنتها السلطة الجزائرية المهيمنة على الدولة بكل مؤسساتها في التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي، من خلال توفير الفرصة لبروز الوجوه التي خاضت الدور الأول من الرئاسيات، وهي اسماء وصفوها بأنها “لا يوجد بينها أي من الأسماء المحسوبة على المعارضة التمثيلية النيابية، وهو ما وضع الناخب أمام حتمية الاختيار بين وجوه متعددة لعملة واحدة”.

وقال محللون إن الجزائريين تنازلوا مرة أخرى عن الكثير من الأوراق التي بأيديهم من أجل إعادة انتخاب مرشح أنهكه المرض.

وعزا متابعون لواقع الحياة السياسية في الجزائر نجاح قوى النظام القديم في الحفاظ على نفوذها، أيضا إلى تكريس استمرارية نظامهم إلى “استراتيجية التخويف من المجهول” التي تبنّاها أنصار العهدة الرابعة في حملتهم الانتخابية.

وبدأت هذه الحملة بشكل غير رسمي قبل حوالي السنة، من خلال الزيارات الميدانية التي قادت عبد المالك سلال، الوزير الأول السابق، ومدير الحملة الانتخابية للرئيس المترشح إلى مختلف محافظات الجزائر.

وخلال هذه الزيارات لم يدّخر سلال جهدا، للتذكير بـ”العشرية الحمراء” في إشارة إلى سنوات تسعينات القرن العشرين التي شهدت خلالها الجزائر حربا مدمرة ضد الإرهاب، اندلعت بعد إقدام الجيش على إلغاء نتائج الانتخابات البلدية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الاسلامية (الفيس) المنحلة، وانتهت بمقتل ما لايقل عن 200 الف جزائري وفقا للأرقام الرسمية التي تقدمها السلطات الجزائرية.

وظل سلال يؤكد طيلة هذه الفترة على مقولة واحدة هي أن “بوتفليقة هو من أعاد للبلاد أمنها واستقرارها” الأمر الذي قد يكون ساهم بشكل أو بآخر في فوز الرئيس بوتفليقة مرة رابعة، في واحد من أغرب الاستحقاقات الرئاسية التي عاشتها الجزائر منذ الاستقلال.

وشدد بن فليس على أنه سيعارض بكل قوة “التعدي الانتخابي”، وأنه سيستعمل كل الوسائل السياسية السلمية بالإضافة إلى كل الطرق الشرعية “التي بحوزتي كي يعلو الخيار السيد لشعبنا”، داعيا المواطنين للتحلي برباطة الجأش والصبر والحذر، و”عدم الخضوع إلى أي استفزاز من شأنه المساس بطمأنينة المواطنين أو سكينة المجتمع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: