مقالات وآراء

تحديات ومعركة مصير .. ودور الكاتب والمثقف العربى

تتعرض الشعوب العربية والأمة الإسلامية فى هذه الحقبة من الزمن لإعتى المخاطر والتحديات الفكرية والسياسية وصلت إلى المساس بعقيدتها وقدراتها الحضارية والثقافية بل بهويتها الإسلامية , هذه المخاطر عادة ماتأتى من الغرب بالطبع وبالتحديد من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية المرتبطة مصالحها الإقتصادية وللأسف الشديد بالعرب وثرواتهم .
والذى يتولى قيادة هذه المخاطر هى منظمات معينة فى الولايات المتحدة الامريكية التى تلعب الدور البارز مع بعض اللوبيات السياسية والإعلامية الذى يقودها المحافظون الجدد و المسيحيين الصهيونيين الذين كشفوا أوراقهم بعد إنتصار أمريكا فى الحرب على الإتحاد السوفيتى فى أفغانستان وبعد غزو العراق عام 1990م وإحتلاله عام 2003 م وشق الصف العربى والإسلامى وتقسيمه إلى إرهابيين ومتطرفين وإلى عقلانيين وغير ذلك ولاندرى ماذا بعد , بعد أن غدو يصرحون إن الإسلاميين والعرب هم الإعداء للحضارة الإنسانية , والمسلمون هم العدو الحقيقى للبشرية جمعاء بتشويه
صورة الإسلام والمسلمين , بعمد وخطة محكمة رسموها ويتم تنفيذها بحرفية وإتقان , ودعوا بأن تتجه خطواتهم القادمة بشن صراع ضد العرب والمسلمين لسيادة الحضارة والثقافة التى يهدف اليها الغرب عموماَ والتى تكمن فى سيطرة النظام العالمى الجديد بإسم العولمة من خلال السيطرة على الثروات النفطية والمواقع الإستراتجية فى البلاد العربية , وتناسوا الحضارة الإسلامية التى أخرجتهم من ظلماتهم التى اخذوها من العروبة والإسلام عندما كانت أوربا تغط بالجهل والتخلف والفقر , تلك الحضارة التى أسهمت فى التراث الإنسانى التى لولاها ماوصل الغرب لما وصل إليه
اليوم من تقدم حضارى وفكرى وثقافى وفلسفى من شعر ورواية ونقد بلورت لديهم الإتجاهات النقدية الجديدة متزرعين بالإرهاب الذى يقولون أنه نتاج طبيعى للإسلام مع أن الإرهاب موجود فى كل البلدان والدول وتعانى منه كل شعوب العالم وموجود فى كل الأديان والثقافات , وهم يعلمون يقيناَ أن الإسلام يتمتع بالفكر السوى وإلا لما بنى الحضارات وأبدع الفكر والفلسفات على مر العصور والأزمة ,وإذا ظهرت هنا أو هناك حالات مما يطرحون فإن ذلك من الحالات الشاذه .

وفى مقال للكاتب العربى (صالح باعامر ) وضح هذا الكلام صراحة قرأت له فى مقال تحت عنوان ( الكاتب العربى والتنوع الثقافى) فى مقابلة معه فى زيارة للعريش مع الكُتاب والمثقفين العرب واعضاء إتحاد كتاب مصر عند زيارتهم لسيناء عام 2008م فى ذكرى الأرض ونكبة فلسطين , وكنا رافقناهم فى زيارتهم لسيناء بحضور كوكبة من الأدباء والكُتاب والمفكرين فى هذه الزيارة التى تركت آثر طيب لدى شعراء سيناء ومثقفيها , وكنت ضمن اللجنة التى إستقيلت الضيوف العرب فى قرية سما العريس , ومن هنا قمت بالربط بين ما كتبه الأدباء وما يجرى الآن فى غزة تحديدا وما حدث بعد ثورات
الخريف العربى وتفكيك آواصر العروبة وتشتيت ماتبقى من الدول العربية وتمزيقها وجدت أن المثقف العربى له دور مهم فى طرح فكر دعوى وتوعوى لما يجرى الآن فى منطقتنا العربية والدول الإسلامية , وأقول لابد من وقفة مع أنفسنا لنعيد ترتيب أوراقنا وإلا سنبكى على اللبن المسكوب يوم لاينفع البكاء والندم , وهذا لايتأتى إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمفهوم الوسطى للدين الحنيف , وتوعيه الشباب الذين هم عماد المستقبل وثروة الأمة الطبيعية والحفاظ على المواهب وتبنيها وإكتشافها فى كل وقت والعمل على تقويمها وتوجيها
التوجية الأمثل لخدمة العروبة والإسلام ,مع تقويم الخطاب الدينى ومنهجته منهجه تخدم الأمه ,
وهنا يجب طرح مفهوم متقارب بين الشعوب العربية والحرص على لم الشمل العربى والإسلامى فى ورقة عمل كمشروع جاد ومهم لابد من صياغتها صياغة جادة وأمينة للوصول إلى هدف محدد مع مرور الوقت بالتعاون مع الأنظمة والشعوب كلها .
أننى ارى ان أن حوار الحضارت والأديان هو الذى يمكن أن يتم ولكن قبل ذلك لابد أن ترتقى الشعوب العربية إلى مستوى هذا الحوار وذلك لن يتم إلا بإرتقاء المثقف والكاتب العربى نفسه إلى المستوى الذى يجب أن يكون عليه لمواجهة الآخر حضارياَ وثقافياَ من خلال فهم الحضارة الغربية الفهم الكامل وما الذى سيفيدنا منها وما الذى سيضرنا وبيهت شخصيتنا وإرثنا الحضارى المشرق ؟
لذا لابد أن يغدو الكاتب العربى أكثر تنوعاَ فى ثقافته إلى جانب حرصه على تخصصه الثقافى والعلمى والإبداعى كل حسب إهتمامته الثقافية والفكرية , فلابد أن نعرف ثقافة وحضارة الآخر وأن نمتلك لغة وأدوات وأن ندرك كيف يفكر فى ذاته وفينا .
لقد كثر الحديث فى السنوات الأخيرة عن حوار الحضارت والثقافات لما لذلك من أهمية فى إحداث التقارب بين الشعوب والذى يقيناَ سيؤدى إلى تقارب الساسة والأنظمة وعلى وجه الخصوص من كتاب وأدباء وفنانين ومفكرين وفلاسفة.

لن يأتى هذا الهدف ولن يتم إلا بوضع برنامج لمشروع حضارى ثقافى عربى إسلامى يخدم الفكر والعقل والحرية يحدد هذا المشروع موقفنا من بعض المفاهيم المطروحة عالمياَ مثل الحداثة وكيف تتعامل معها شعوبنا هل نأذها كاملة أو بعضاَ منها ؟ والتى تتؤائم مع تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا العربية والإسلامية التى آخذها الأخر فى وقت مضى وإستطاع أن يقيم حضارته ومنجزاته من تجديدها وتطويرها , وها هو الآن اقصد الآخر يتحكم ويملى الشروط علينا ونحن ليس لنا حولا ولاقوة .
وأعتقد أن المواجهة لن تتم بالأحلام والتمنيات والتنظير بل بالعمل الجاد وبالوحدة الشعبية ووحدة الكُتاب والمنظمات والأحزاب بكل تنوعاتها وأطيافها الفكرية والسياسية وحتى الحزبية بعيداَ عن الإدعاءات والمذهبية والطائفية والدينة .
وهنا تأتى المسؤلية على الكاتب المثقف العربى ودوره فى تحديات ومعركة المصير ……

أولاَ : أن الكاتب عليه ألا يكتفى بثقاته الأحادية الجانب بل لابد له أن يطلع على ثقافة الآخر وأن يستوعبها والحديث النبوى الشريف يقول : من عرف لغة قوم أمن شرهم …. واللغة هى مفتاح الثقافات والحضارت والعلوم السياسية .
ثانياَ : أن تلتقى الشعوب العربية حول نظرة واحدة لمواجهة الآخر وهذا الدور لابد أن تقوم به منظمات المجتمع المدنى والأحزاب والتنظيمات السياسية والنقابية والشبابية والنسوية والتجارية والآدباء وكل الوطنيين ويكون للمثقف والكاتب دور أبرز بالطبع .
ثالثاَ : أن يمتلك الأدوات والطرق التى يستخدمها الآخر ليتماها مع معطياتها الإنسانية ليتمكن مع إجراء الحوار معه بشكل متكافىء والتنوع الثقافى لا يقتصر على مايأتى من الكتاب أو المجلة أو الصحيفة اليومية بل من خلال كل الوسائط الثقافية والفنية من سينما وتلفاز وفنون تشكيليه وآدب وإبداع ومن كل المنجزات الثقافية التى شهدها العالم وأنجزها الإبداع الإنسانى كل هذه التنوعات الثقافية إذا ألم بها الكاتب العربى وتشبع بمضامينها يقيناَ سيكون له القدرة على التآثير البارز فى كيفية المواجهة لأن ذلك سيمكنه ثقافياَ لمناظرة الآخر وتساعده على خلق أجواء للمساعدة على إجراء حوار بين الحضارات والثقافات , وإلا ظللنا نهيم فى احلامنا وأمنياتنا والتغنى بالتاريخ وما قدمه السلف.

abo_hag2006@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى