شؤون عربية
سر راية داعش محفوظ في متحف بإسطنبول..!
تختلف راية داعش عن الرايات السابقة للتنظيمات الجهادية بشكل ملفت، يتوسط سوادها دائرة بيضاء تثير الفضول، تتبدّل فيها مواضع الألوان بشكل مقصود، فيستخدم اللون الأسود هذه المرة في نقش كلمات لا تعطي معنى مفهوما إن قُرئت من الأعلى نحو الأسفل (الله، رسول، محمد)، وتعلوها عبارة منقوشة بالأبيض على الخلفية السوداء هي الشق الأول من الشهادتين في الدين الإسلامي (لا إله إلا الله).
في السابق، تشابهت رايات التنظيمات الجهادية في كونها سوداء بالكامل، وأحياناً بيضاء بالكامل، مكتوبٌ عليها عبارة مكتملة هي (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، يُذيّل تحتها اسم التنظيم أحياناً، كما هي راية “جبهة النصرة” اليوم مثلاً، أو راية “حزب التحرير”، أو القاعدة في وقت سابق.
السر المحفوظ في متاحف اسطنبول
حتى يصبح لها معنى، تُقرأ الكلمات الموجودة في الدائرة البيضاء من الأسفل نحو الأعلى، لتشكّل استكمالاً للشق الأول من الشهادة: (لا إله إلا الله)، وأمّا سرّ ذلك فيمتلكه متحف “توب كابي” في “اسطنبول”، البقعة البيضاء هي تمثيل لخاتم كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- يختم به مراسلاته لسلاطين العالم، يحتفظُ المتحف بنسخة منه.
وتتفق أغلب القراءات التاريخية والدينية بأن الختم كان بهذا الشكل، (محمد رسول الله) في دائرة تُكتب فيها الكلمات من الأسفل نحو الأعلى، ويحتفظ المتحف بمراسلات مختومة بهذا الخاتم، إلا أن أغلب المراجع تذكر أن الخاتم الموجود في المتحف مصنوع بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لأن الأصلي كان قد ضاع بعد أن سقط من يد “عثمان بن عفان”.
يرد بهذا الخصوص في صحيح البخاري: (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم قيل له إنهم لن يقرأوا كتابك إذا لم يكن مختوماً فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه محمد رسول الله فكأنما أنظر إلى بياضه في يده)، ويرد عن ضياع الخاتم في “سنن أبي داود” في “باب ما جاء في اتخاذ الخاتم”: (فكان في يده حتى قبض وفي يد أبي بكر حتى قبض وفي يد عمر حتى قبض وفي يد عثمان فبينما هو عند بئر إذ سقط في البئر فأمر بها فنزحت فلم يقدر عليه)، وعن المكتوب على الخاتم يرد: (أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى بعض الأعاجم فقيل له إنهم لا يقرءون كتابا إلا بخاتم فاتخذ خاتما من فضة ونقش فيه “محمد رسول الله”)
ونقلت “الدولة العثمانية” مقتنيات هذا المتحف الإسلامي من “الحجرة النبوية” في المدينة المنورة عام 1917 في ذروة الحرب العالمية الأولى، واحتفظت بها الدولة التركية حتى اليوم.
راية واحدة تجمع الإرهاب
يعتقد أن الظهور الأول للراية الداعشية الحالية كان بعد مقتل “أبو مصعب الزرقاوي” في العراق، وتأسيس ما سمّي بـ”دولة العراق الإسلامية” بقيادة “أبو عمر البغدادي” عام 2006 كفرعٍ من فروع القاعدة، والذي ما إن قُتل حتى خلفه “أبو بكر البغدادي” شاغل الدنيا والعالم اليوم، إذ أنه لم ينتظر طويلاً حتى انشقّ عن “تنظيم القاعدة” وغيّر اسم تنظيمه لـ”دولة الإسلام في العراق والشام”، ثم إلى “الدولة الإسلامية” مختاراً لنفسه لقب “خليفة”، ومحتفظاً بالراية كعلم للدولة التي أسسها من حدود بغداد وحتى حدود حلب.
وبمجرّد ظهور الراية بعد مقتل “الزرقاوي”، تبنتها العديد من التنظيمات الجهادية التابعة للقاعدة في العالم واستبدلت بها الرايات القديمة، كـ”تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” والموجود في اليمن، و”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وغيرها، وذلك على حساب الرايات الأصلية والتي كانت سوداء بالكامل منقوشٌ عليها الشهادتان في الدين الإسلامي: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وتكمن المفارقة اليوم بالتالي: انشقت داعش عن القاعدة، ونددت تنظيمات القاعدة في العالم بذلك وأعلنت استمرار تأييدها للظواهري، إلا أنّ جميع هذه التنظيمات -القاعدة وداعش- تتمسك بهذه الراية ممثلاً لها، وترفعها أينما حلّت دون أن تمايز بين بعضها البعض، وكأنها تتزاحم في أحقية امتلاكها.