ما هي المهنة التي تصلح لأوباما بعد تقاعده ؟
احتفل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض الخميس بعيد ميلاده الخامس والخمسين حيث ولد أوباما في الرابع من آب من عام 1961 وهو آخر عيد ميلاد له في البيت الأبيض .
أوباما ، الذي احتل رقم ” 44 ” من بين رؤساء الولايات المتحدة ، أراد كما يبدو أن يترك انطباعا جميلا وذكريات شعبية عن نفسه قبيل مغادرته مكتبه البيضاوي بعد أشهر ، ومن أجل ذلك فإن مستشاريه أعدوا له ” لقطة ” فوتوغرافية تؤرخ لحظة احتفاله بيوم مولده ، حيث نشروا له صورة وهو يطفئ شمعة الإحتفال وحيدا مع جو بايدن ” الديكور ” الذي غالبا ما يظهر خلف رئيسه مستغرقا في الإعجاب والتأمل في كلمات رئيسه حتى لو كانت عن كلبه المريض ، بينما وقفت عائلته تنتظر دورها قبل ذهاب العائلة معا إلى مطعم إيطالي يدعى ” فيولا ماري ” في جورج تاون بواشنطن ، وهناك احتشد العشرات للترحيب به ووداعه .
جاءت الصورة المذكورة كدليل على التواضع وكرسالة عاطفية خاصة .
أوباما ، الذي تجاوز بشار الأسد خطوطه الحمراء مئات المرات ،خرج قبل أيام منتقدا الروس ، ومشككا في صفاء نيتهم تجاه مدنيي حلب ، وكما أتقن التمثيل مع إطفاء الشمعة ، وفي حمله أحد الأطفال بيديه بينما هو ممد على ظهره فوق سجادة مكتبه مرتديا بدلته الرسمية ” في لقطة أخرى ” فإنه أتقن أيضا رسم تعابير غضب وامتعاض على قسمات محياه خلال حديثه عن حلب وأطفال حلب والقصف الروسي والخدع الروسية ، وذلك قبيل تحقيق الثوار معجزة الإنتصار وفك الحصار .
لقد بلغ التصنع مداه في رئيس أحسن إلى الأمريكيين عندما رفض إدخال بلاده في حروب خارجية ، إلا أنه هو نفسه ، كان سببا في تدمير بلدان وتشريد ملايين البشر في سوريا والعراق واليمن التي منع الروس بحضور مندوبه تمرير بيان بإجبار الحوثيين على تنفيذ القرار 2216 ، ولكنه لم يحرك ساكنا .
لقد تناسى أوباما الذي حاول إظهار الجدية بخصوص حلب ، أنه هو الذي منع إقامة المنطقة الآمنة ، والمناطق المحمية ، وأنه هو الذي يغطي جويا وحدات الحماية الكردية التي تحتل القرى العربية وتهجر سكانها العرب ، وأن طائراته هي التي تغطي الحشد الشعبي الإيراني الذي يحرق المدن العراقية ويهجر سكانها ، وأنه هو من سمح بحصار عشرات القرى والأحياء في دمشق وحواليها ، وأنه سكت عن تدمير حمص وقتل وتهجير أهلها ، وأنه هو الذي بعث 400 مليون دولار ” كاش ” لإيران كفدية على متن طائرة أمريكية ، وأنه هو الذي تنسق وزارة دفاعه وخارجيته مع الروس والإيرانيين عبر قنوات اتصال مغلقة وفق ما كشفت عنه موسكو ، وأن آثار بصماته موجودة في كل شيء في المنطقة التي تقول أفعاله إنه تخلى عنها .
وعودة على بدء، فإن أوباما وكما يفعل كل رؤساء الولايات المتحدة عندما يتقاعدون ويصبحون ” بدون شغل ” فإنه ومنذ انتهاء السنة الأولى من ولايته الثانية بدأ يبحث عن عمل كرس له وقته في التنظير وإطلاق الحكم والمواعظ والعبارات التي تقطر ندى وبراءة وحصافة ، عله يخلف ذكرى طيبة ، أمريكيا ، وعله يجد من يوظفه في الغرب والشرق ، كما فعل كلنتون ، وكما فعل توني بلير وغيره ، فهو رئيس سابق للولايات متحدة وبيده مفاتيح الغيب والسحر والخوارق .
توقف الأمريكيون كثيرا عند العمل الذي يمكن لأوباما أن يشغله وبدأت السوشال ميديا تدور بمئات بل بآلاف التعليقات التي تقترح العمل المناسب للرئيس المشارف على الغياب : البعض اقترح أن يعمل مدير علاقات عامة في شركة كبرى ، واقترح آخر أن يعمل كما يعمل بعض الساسة المنتهية صلاحيتهم في المنطقة ، فهذا بلير – مثلا – عمل بمهنة ” كذاب” على الفلسطينيين والعرب من خلال الرباعية الدولية ، رغم أن التحقيق الذي أجري بحقه بخصوص مشاركة بلاده في غزو العراق أدان كذبه وفضحه على رؤوس الأشهاد ، واقترح آخرون أن يعمل مذيعا تلفزيونيا كقارئ أخبار ، مثلا ، واقتراح آخر بأن يعمل عريف حفلات ومناسبات كبرى وهذه كلها تعليقات منشورة .
هذا بالنسبة للأمريكيين الذين يبدو أنهم غير ناقمين عليه كونه حسن من الإقتصاد وخفف من نسب البطالة ، ومن حقهم أن يقترحوا عليه أعمالا مشابهة ، وهي كلها أعمال طرحت بجدية ولم تكن على سبيل التهكم .
أما إذا أريد لسكان هذه المنطقة من العالم أن يقترحوا عملا يتناسب مع ” مؤهلات ” أوباما التي برزت خلال ثماني سنوات ، فإن العمل المناسب الذي يصلح لهذا لرجل هو فقط : ” حارس مقبرة ” أو ” مدير مسلخ ” .
هكذا يقول أطفال العراق وسوريا وفلسطين واليمن . ( JBC الإخبارية )
د. فطين البداد