نزاع مدمر قد يمزق الدولة الإثيوبية الحكومة تطلق هجوما على إقليم تيغراي
رئيس الوزراء حذر من تجاوز “الخط الأحمر” وأعلن حال الطوارئ لستة أشهر
قالت مصادر دبلوماسية إن قتالًا عنيفاً اندلع في إقليم تيغراي في إثيوبيا اليوم الأربعاء بعد أن أطلق رئيس الوزراء عملية عسكرية رداً على ما وصفه بأنه هجوم على قوات تابعة للحكومة الاتحادية.
وفي سبتمبر ، أجرى إقليم تيغراي انتخابات في تحد للحكومة الاتحادية، التي وصفت التصويت بأنه “غير قانوني”. وتصاعد الخلاف في الأيام الأخيرة إذ تبادل الجانبان الاتهامات بالتخطيط لصراع عسكري.
وقال مكتب رئيس الوزراء أبي أحمد في بيان في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء إن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حاولت سرقة قطع مدفعية وعتاد آخر من القوات الاتحادية المتمركزة هناك.
“الخط الأحمر”
وأضاف البيان “لقد تم تجاوز الخط الأحمر الأخير بهجمات هذا الصباح، وبالتالي اضطرت الحكومة الإتحادية إلى الدخول في مواجهة عسكرية”. وتابع أن الهدف هو الحيلولة دون زعزعة الاستقرار في البلاد والإقليم.
وقالت بيلين سيوم المتحدثة باسم أبي لرويترز في وقت لاحق إن عمليات عسكرية بدأت في الإقليم، دون أن تكشف عن تفاصيل أخرى.
وذكر مصدران دبلوماسيان في أديس أبابا أن قتالاً عنيفاً اندلع في الإقليم الشمالي الواقع على الحدود مع إريتريا بما يشمل نيران المدفعية.
وأشارت الحكومة المحلية في تيغراي إلى أن القيادة الشمالية للجيش الاتحادي المتمركزة في المنطقة انشقت وانضمت إليها، في بيان وصفته بيلين بأنه “معلومات خاطئة”.
حال الطوارئ
وقال مكتب رئيس الوزراء إن الحكومة الاتحادية أعلنت حالة الطوارئ في الإقليم لمدة ستة أشهر على أن تخضع لإشراف رئيس أركان القوات المسلحة.
وقالت منظمة (نت بلوكس) التي تتابع شبكة الإنترنت إن الاتصال بالشبكة انقطع في الإقليم، مؤكدة تقارير عن وقف السلطات لخدمات الهاتف والإنترنت.
كان سكان تيغراي قد هيمنوا على السياسة الإثيوبية منذ أن أطاح مقاتلون بديكتاتور ماركسي عام 1991، لكن نفوذهم تضاءل في عهد أبي. وفي العام الماضي، انسحبت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من ائتلافه الحاكم.
ومنذ أن تولى أبي السلطة في 2018، تم اعتقال أو إقالة أو تهميش العديد من كبار المسؤولين المنحدرين من تيغراي، فيما تصفه الحكومة الاتحادية بأنه حملة على الفساد لكن سكان الإقليم يرونه وسيلة لقمع المعارضة.
ويشكل سكان تيغراي خمسة بالمئة من تعداد سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة، لكن الإقليم أكثر ثراء وتأثيراً من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد. ويشكل الهجوم محطة مفصلية في إثيوبيا، الدولة الثانية في أفريقيا في عدد السكان، التي تشهد سلسلة من النزاعات الداخلية المتزايدة.
فإذا ما ردت الحكومة المركزية في أديس أبابا على الهجوم، قد يفتح الباب لنزاع محتمل. وكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أحمد أبيي في رسالة على موقعي “فيسبوك” و”تويتر” الساعة الثانية تقريباً بالتوقيت المحلي، أن “جبهة تحرير شعب تيغراي هاجمت معسكراً للجيش (الفيدرالي) في المنطقة”.
وأضاف أن “قواتنا الدفاعية تلقت الأمر (…) بالقيام بمهمتها إنقاذ الأمة، وقد تم تجاوز المرحلة الأخيرة من الخط الأحمر”.
وفي وقت لاحق، صرح أبيي عبر التلفزيون الرسمي، أن “القوات غير الموالية” انقلبت على الجيش في ميكيلي عاصمة تيغراي، ودانشا وهي بلدة تقع في غرب المنطقة.
وقال في خطابه الذي بثه التلفزيون، إن قوات الأمن صدت الهجوم على دانشا في منطقة أمهرة المتاخمة لجنوب المنطقة، كاشفاً أن الهجوم تسبب بسقوط “عديد من القتلى والجرحى وبأضرار مادية”.
توريط إريتريا
واتهم مكتب رئيس الوزراء، في بيان، “جبهة تحرير شعب تيغراي” بأنها ألبست عناصرها بزات عسكرية مثل تلك التي يرتديها جنود الجيش الأريتري، من أجل “توريط الحكومة الإريترية في مزاعم كاذبة بالعدوان على شعب تيغراي”.
وفي بيان نشرته وسائل إعلام محلية، قالت حكومة إقليم تيغراي، إن قيادة الشمال المتمركزة في ميكيلي وجنودها “قرروا الوقوف إلى جانب الشعب والحكومة الإقليمية”، وهو إعلان تعذر التحقق من صحته حالياً، ولم يكن من الممكن التأكد على الفور من روايات الحكومات.
ورصد “نيتبلوكس” الموقع الإلكتروني الذي يراقب عمليات قطع الإنترنت، انقطاع الشبكة على ما يبدو في المنطقة، اعتباراً من الساعة الواحدة بالتوقيت المحلي.
وفي الوقت نفسه، لم تعرف طبيعة الرد العسكري الفدرالي.
نزاع مدمر قد يمزق الدولة الإثيوبية
تضم تيغراي جزءاً كبيراً من الأفراد والمعدات العسكرية للدولة الفيدرالية، وتحمل إرث الحرب التي وقعت من 1998 إلى 2000 بين إثيوبيا وإريتريا الواقعة على حدود الإقليم.
وكشف تقرير لمجموعة الأزمات الدولية الجمعة، أن المنطقة تضم “أكثر من نصف مجمل أفراد القوات المسلحة والفرق المؤللة” في البلاد. وحذرت المنظمة من احتمال وقوع “نزاع مدمر قد يمزق الدولة الإثيوبية”.
وقال مسؤولون في تيغراي أخيراً، إنهم لن يبدأوا نزاعاً عسكرياً. وقال غيتاتشو رضا، المسؤول البارز في جبهة تحرير شعب تيغراي، لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي “لن نكون أول من يطلق النار ولا أول من يفشل”.
وقبل ساعات من إعلان رئيس الوزراء، قال وونديمو أسامنيو وهو مسؤول كبير آخر في تيغراي، مساء أمس الثلاثاء، إن الحكومة الفيدرالية تحشد القوات على الحدود الجنوبية لتيغراي، في معلومات لا يمكن التحقق منها من مصدر مستقل.
وأضاف وونديمو “أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالتعبئة العسكرية، فهذا ليس لعب أطفال. هذا يمكن أن يطلق حرباً شاملة”، مؤكداً أن “ما يفعلونه هو لعب بالنار”.
وتابع “يمكن أن يحدث أي شيء في أي وقت. شرارة صغيرة يمكن أن تشعل المنطقة بأكملها، لذلك أعتقد أننا في حالة تأهب قصوى، ويمكنني أن أؤكد أننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا”.