أثار ظهور 3 مسلات معدنية غامضة واختفائها فجاة في مناطق مختلفة من أميركا والعالم خيال الكثيرين من الناس في العالم واستغرابهم، إلى حد أن اعتبرها بعضهم أنها مقدمة لغزو فضائي محتمل قادم.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت مؤخرا عن ظهور تلك الأجسام المعدنية في ولايتي يوتا وكاليفورنيا الأميركيتين، وبلدة في رومانيا. وفي كل مرة تظهر هذه الأجسام فجأة ثم تختفى فجأة.
وبدأت القصة مع اكتشاف مسلة معدنية غامضة في جزء ناء من صحراء ولاية يوتا الأمريكية، وهي تلمع وسط الصخور الحمراء المتربة. وبعد أيام، اختفى الجسم المعدني فجأة دون إنذار، مما دفع البعض لتخيل أن الجسم المعدني كان من صنع سكان فضائيين وأنهم قد استرجعوه.
مازاد من غموض الأمر، هو أن وكان المكتب الأمريكي لإدارة الأراضي الذي يشرف على الصحراء قال الأسبوع الماضي إنه لا يحقق في أمره لأنه ملكية خاصة وليست عامة، في حين قال قائد مكتب شرطة مقاطعة سان هوان قال في بيان إنه «لم يكن يملك الموارد الكافية لتخصيص الكثير من الوقت» للنظر في وصول أو اختفاء العمود.
فكيف اختفى الجسم المعدني الغامض من صحراء يوتا، وكيف اختفى الجسم الاخر من صحراء كاليفورنيا؟ ومن يقف وراء صنعهم.
سر اختفاء الجسم المعدني
رفضت السلطات المحلية الكشف عن مكان الجسم المعدني في صحراء يوتا، خوفا من أن يصبح مكان جذب للسياح، وهو ما قد يؤدي بدوره لتعريض حياة المغامرين للخطر إن ضلوا الطريق في الصحراء الشاسعة.
لكن ذلك لم يمنع المغامرون من البحث عن المسلة وتحديد مكانها، فتحولت بالفعل لمزار سياحي حتى اختفائها.
المصور الأميركي روس برناردس نشر صوراً في حسابه على “انستغرام» لما قال إنها لحظات العمود الأخيرة وهي صور بينت أنه لا علاقة للجسم المعدني بالفضاء إذ بدا أنه صفائح معدنية مثبته بهيكل خشبي مفرغ، وفقا لوكالة “رويترز”.
وفي الوصف المرافق لمجموعة الصور، تحدث برناردس عن رحلة بالسيارة مع ثلاثة أصدقاء استغرقت ست ساعات لالتقاط بعض الصور التذكارية مع العمود في ضوء القمر.
وأضاف أنهم بعدما التقطوا بعض الصور سمعوا أصوات أشخاص قادمين نحو الوادي وظهر أمامهم أربعة رجال.
وكتب أنه تنحى جانباً حتى تقضي المجموعة الجديدة وقتاً ممتعاً بمفردها مع العمود، لكنه وجدهم يشرعون في دفعه.
وقال: «دفعوا العمود دفعتين أو نحو ذلك وقال لنا أحدهم: أرجو أن تكونوا قد التقطتم صوركم، ثم دفعوه دفعة قوية فمال على جانبه». وأضاف أن أحدهم قال: «لذلك يجب ألا تترك قمامة في الصحراء».
وكتب برناردس أن العمود سقط بعد وقت قصير محدثاً دوياً عالياً وأن الرجال فككوه بسرعة ونقلوه في عربة يد.
ولاحقا ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن مرشدا سياحيا يدعى سيلفان كريستنسن و مغامر رياضي اسمه آندي لويس قد اعترفا بتدميرهما لتلك المسلة ضمن مجموعة أطلقت على نفسها “ديزرت كارينز”.
وبرر الرجلان فعلتهما بأنهما أرادا الحفاظ على البيئة بعد أن شاهدا تهافت السياح على الموقع لالتقاط الصور والتخييم، ما أدى لتلوث المنطقة بالفضلات والمخلفات.
وقال كريستنسن في تصريحات صحيفة إنه وبالتعاون مع لويس وشخصين آخرين، عمدا إلى تدمير ذلك المجسم ونقله من مكانه، وعندما سئل أين يحتفظ به، رفض الإجابة.
أما المسلة المعدنية الأخرى التي ظهرت في ولاية كاليفورنيا، فقد اختفت إثر تعرضها للتخريب هي الأخري، فوفقا لصحيفة الغارديان، فإن مجموعة مسيحية متطرفة أقدمت على تدمير المسلة المعدنية التي ظهرت فجأة في على قمة في ساوث كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
وكان الهيكل الغامض قبل إزالته يقبع فوق تل في أتاسكاديرو، بمنتصف المسافة بين سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، وفق ما ذكرت قناة “كيت-تي في” التلفزيونية.
وبحسب “الغارديان” فإن مجموعة من الشباب قد أقدموا على تدمير المسلة ووضع صليب خشبي مكانها، وهم يرددون عبارات مثل “المسيح هو الملك” و”لا مكان للفضائيين والمكسيكيين في أرضنا”.
وقد أثار ذلك التخريب المتعمد للمسلة غضب المسؤولين المحليين، إذ قالت عمدة أتاسكاديرو ، هيذر مورينو ، في بيان صحفي: “نحن مستاءون لأن هؤلاء الشباب شعروا انهم بحاجة إلى قيادة السيارة لمدة خمس ساعات للدخول إلى مجتمعنا وتخريب المنولث”.
وأضافت “كان المنولث شيئًا فريدًا وممتعًا للناس في أوقات صعبة”.
“الغموض” يصل إلى رومانيا
وإذا كانت “مسلة يوتا” قد ظهرت في 18 نوفمبرق بل أن تختفي في 27 من نفس الشهر، فإن مسلة أخرى ظهرت مباشرة عقبها ولكن في رومانيا وفي النصف الآخر من الكرة الأرضية.
وعثر على المسلة الجديدة في تل باتكا دواميني في شمال البلاد، مما دفع عمدة مدينة بياترا نيمت لإصدار بيان على حسابه في موقع “فيسبوك” بشأن هذه المسلة .
وأوضح العمدة، أندريا كارابيليا، في بيانه أنه لا يوجد سبب للذعر” متابعا بشكل ساخر: ” أظن أن بعض الفضائيين المراهقين قد قد قدموا إلى كوكب الأرض، ووضعوا هذه المسلات في مناطق مختلفة حول العالم. أولا في يوتا ثم في بياترا نيمت. ويشرفني أنهم اختاروا مدينتنا”.
وتابع: “بخلاف نظريات المؤامرة التي يمكن أن تكون جذابة، أنا أرى أن ما حدث دليل إضافي على أن مدينتنا لها جاذبية خاصة ليس فقط لأبناء الأرض”، منوها إلى أنه أنه كان سيكون شاكرا لو جرى تقديم طلب للحصول على تصريح بناء قبل تشييد الهيكل.
لكنه أعرب في بيانه عن أمله في أن تجذب المسلة الغامضة المزيد من السياح إلى مدينته.
ولكن المسلة اختفت لاحقا بشكل مفاجئ، وذكر أحد الصحفيين المحليين لوكالة “رويترز” أن المسلة اختفت بشكل مفاجئ بين ليلة وضحاها.
وذكرت الصحف الرومانية أن تلك المسلة كانت عبارة عن “عمل فني ضعيف الجودة” مشيرة إلى أن “عامل لحام فاشل هو من صنعه على ما يبدو لأن الصفائح التي تشكلت منها المسلة كانت ملحومة بشكل سي” وليس فيها نفس الإبداع الذي ظهر في “مسلة يوتا.
ولم يحدد المسؤولون الرومانيون حتى الآن المسؤول عن تصميم “المونليث”، وقالت مسؤولة الثقافة والتراث في المدينة، روكسانا جوسانو: ” لقد بدأنا في البحث مسألة تلك المسلة، ولا نعرف صاحبها حتى الآن، ولكنه وضعها في موقع أثري محمي، وهذا مخالف للقانون، وكيف يجب الحصول على إذن مسبق من وزارة الثقافة”.
“الفنون جنون”
وإذا كان لم يتضح حتى الآن من أقدم على بناء المسلات الثلاثة، وفيما إذا كانت هناك علاقة تربط بينهما، فإن التفسير الأغلب حتى الآن هو أن صناع المسلة الأولى على الأقل أرادوا إحياء تراث النحات التشكليي جون مكراكين الذي توفي في العام 2011.
وبحسب موقع “فوكس نيوز“، قال باتريك مكراكين، نجل مكراكين، لصحيفة نيويورك تايمز إن والده كان يتصور ذات مرة إقامة منشآت فنية في أماكن نائية ليصادفها المشاهدون في المناطق البرية.
وأوضح باتريك أن “اكتشاف تلك المسلة – يتماشى إلى حد كبير مع رؤية والده الفنية.”
وكان مركاكين مؤمنا بوجود كائنات فضائية، ويصنع أعمالا فنية مستلهمة من هذا الاعتقاد، وتشبه مسلة “يوتا” أحد أعمال مركراكين التي يقال أنها كانت مصدر إلهام مسلة “المونوليث” في فيلم أوديسا الفضاء الشهير.
من جانبه قال ديفيد زويرنر ، مالك معرض ديفيد زويرنر ، الذي يملك أعمال مكراكين إنه يعتقد أن مسلتي يوتا ورمانيا هي أعمال أصلية للنحات الراحل، مضيفا: ” ربما ترك تعليمات سرية لفريقه للكشف عنها بعد وفاته”.
لكن زويرنر تراجع عن اعتقاده السابق، وقال لاحقا لصحيفة “ذا تايمز” أن مكراكين الذي كان يفضل صنع منحوتاته بشكل يدوي لم يكن ليصنع “مسلة يوتا” التي جرى إنشاؤها بطريقة آلية.
ويرج نقاد أن صناع مسلتي يوتا وكاليفورنيا يتمتعون بمهارة فنية عالية، أما مسلة رومانيا فمن عمل هواه أعجبوا بالفكرة وأرادوا تقليدها.