شؤون هولندية

كوثر بوشالخت أول نائبة محجبة في البرلمان الهولندي أمام تصاعد اليمين المتطرف

ومن المستجدات داخل الساحة السياسية الهولندية، فقد ثبتت المحكمة العليا بالبلاد حكمها الصادر بحق زعيم حزب الحريَّة اليميني المتطرف، خيرت فلاندرز، بإدانته في ما نسب إليه من تهم “الإهانة الجماعية”، عقب وعوده الانتخابية سنة 2014 بأنه سيضمن هولندا بـ”مغاربة أقل”. الأمر الذي قال عنه قاضي المحكمة العليا في لاهاي بأنه: “بهذا التصريح أساء إلى مجموعة كاملة من الأشخاص”.

هذا وتعرف هولندا، منذ اجتياح وباء كورونا العالم، صعوداً مضطرداً في شعبية حزب فلاندرز، خاصة بين المنتفضين ضد إجراءات الحجر الصحي والمشككين في اللقاح. بالمقابل تعرف إشارات إيجابية آتية من اليسار، حيث تم انتخاب الناشطة البيئية من أصول مغربية، كوثر بوشالخت، نائبة برلمانية عن حزب اليسار الأخضر، لتكون بذلك أول امرأة مسلمة محجبة تدخل القبة التشريعية بالبلاد.

أتت الانتخابات البرلمانية التي عرفتها هولندا في مارس/آذار الماضي تقدماً ملحوظاً للحزب اليميني المتطرف، حيث حل ثالثاً فيها. بالمقابل انتخب الهولنديون الناشطة البيئية الشابة، المسلمة ذات الأصول المغربية، كوثر بوشالخت، لتكون صوتهم داخل قبة البرلمان.

النائبة التي عرفت أساساً بنضالها البيئي، ومشاركتها في العديد من الفعاليات الداعمة للبيئة في هولندا، جرى اختيارها من قبل حزب اليسار الأخضر لتكون واجهته الانتخابية. هي التي لم يتعدّ عمرها الـ 27 سنة، وترأس منظَّمة المسلم الأخضر، تعرف كذلك بكونها كاتبة وصحافية ذات قلم لاذع. كل هذا، إضافة إلى حجابها وإسلامها وأصولها المغربية، جرَّ عليها حملات عنصرية وتشويه، وقف خلفها خصومها من اليمين المتطرِّف ووسائل الإعلام الهولندية.

فيما تعتبرُ كوثر أول امرأة محجَّبة تدخل البرلمان الهولندي، وضع فيها حزب اليسار الأخضر ثقته، مع كل الانتقادات التي وجهت له إثرَ ذاك، تشبَّث بموقفه موضحاً أن “لجنة المرشحين كانت معنية بمواقف بوشالخت حول المناخ”. وعلى هذا الأساس حظيت المرشحة وقتها بثقة الناخبين، ودعم الشباب والجالية العربية بالبلاد، كما كل المناهضين لصعود اليمين الشعبوي بها.

ماذا يعني أن تكون أول امرأة محجبة بالبرلمان الهولندي؟

“إنه يوم أسود في تاريخ هولندا!” هكذا علَّق النائب الشعبوي، غيرت فلاندرز، على إعلان كوثر فوزها بالمقعد البرلماني، قبل أن يسم التغريدة بهاشتاغ: أوقفوا الإسلام! معلناً بذلك حملة من التحريض والتشهير والتشويه، الذي استهدف النائبة اليسارية، منذ دخولها البرلمان. موجهين هجمتهم ضدها بما يخدم في الأصل خطابهم العنصري التحريضي ضد المهاجرين والمسلمين.

هكذا، وكان من ضمن ما تعرضت له النائبة من حملات تشويه، نشر صورة لها وهي تشارك في تظاهرة تضامنية مع أحداث غزة، سنة 2014، مدعين أن متظاهرين قريبين منها كانوا يحملون شعارات معادية للسامية، كما اتهمت أيضاً بعلاقتها بالإخوان المسلمين.

وفي هذا الصدد نشرت وسائل الإعلام الهولندية قبيل الانتخابات تقارير، تتهم فيها كوثر بأنها ترأس منظمة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. في إشارة لكونها تشغل منصب نائب رئيس منظمة الشباب الإسلامي، التي تدعي وسائل الإعلام ذاتها ارتباطها بالجماعة المذكورة. رداً على ذلك، صرح حزب اليسار الأخضر دعماً لمرشحته، قالًا: “علمنا أن لديها هذا المنصب، لن أدافع عن منظمة، لكن المفوضية الأوروبية تعمل معهم ويتلقون تمويلاً أوروبياً”.

كما سبق وصرَّحت النائبة اليسارية نافية عنها الأمر، بالتأكيد أن التزامها السياسي الوحيد هو اليسار الأخضر، وأنها لا تربطها أية علاقة بأي جماعة إسلامية، فيما تشبثها بإسلامها ليس مسألة روحيَّة، وأنها تستمد الكثير مما يوحي به القرآن والحديث الشريف تجاه التعامل مع البيئة. غير أن هذه التصريحات لم توقف تحرُّش الحزب اليميني المتطرف وزعيمه بها، مستهدفين حريَّتها الشخصية في ارتداء الحجاب، كما سبق وغرَّد فلاندرز حول ذلك: “يا إلهي! لا للحجاب الإسلامي داخل البرلمان الهولندي! هولندا ليست دولة إسلامية!”.

بينما غرض فلاندرز ومن معه ليس كوثر بنفسها، بل التحريض العنصري ضد الجالية المسلمة بأكملها، هذا ما تعيه كوثر وعبَّرت عنه قائلة في حوار سابق لها: “إنهم يميلون إلى ربط ديني بالإرهاب وبكل ما هو عنيف وسلبي، وللأسف الكثير في هولندا ما زالوا يرون المسلمين كغرباء، ووسائل الإعلام تدعم ذلك، متيحين الفرصة لصعود شعبية اليمين الشعبوي”.المصدر:TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى