مقالات وآراء
مع كلمات الشاعر حسين السيد..كيف كان الفن راقيا ويقرب الشعوب
لما قلبك يدق مع نفسك مع اغنية لعبد الحليم ولى عينيك تدمع وانت بتسمع ست الحبايب ولما يكون العزف على اوتارقلبك وانت بتسمع عبد الوهاب بفكر في اللي ناسيني ولى لما قلبك يفرح بضحكة فاتن حمامة في يابوضحكة جنان لفريد الاطرش ولما تضحك من قلبك مع فؤاد المهندس وصباح وانت بتسمع الراجل دة هيجنني في رمضان…تأكد أن دي كلمات الشاعر حسين السيد المولود في اسطنبول وخريج مدرسة الفرير الفرنساوي والذي توقف عند تالتة تجارة لوفاة والده الذي كان من كبار الموردين للأغذية للجيش والمستشفيات ليكمل مشواره..والذي كان حلمه ان يكون ممثلا فعندما طلب المخرج محمد كريم ممثلين لفيلم يوم سعيد ذهب للاختبار..ولكن الصدفة اسمعته حوارا في الكواليس ومطلوب كتابة اغنية تحكي لمشهد ما فبادر بالتطوع بذلك وامهلهم ليلة ولم يصدقوه وعاد بكلمات اغنية وسمعها عبد الوارث عسر وأعجب بها وهي اغنية “اجري اجري”وقدمه لعبد الوهاب ومن يومها أصبح توأمه وعندما قالوا له انه كاتبك الملاكي قال هذا شرف لا ادعيه وتهمة لا انفيها فحسين السيد له اذن تغني وهو يكتب…فقد أبدع مع عبد الوهاب أغنيات وطنية “صوت الجماهير ودقت ساعة العمل ” التي تحس وانت تسمعها انها تشحذ الهمم للانطلاق والبناء كما أبدع في عاشق الروح والحبيب المجهول وعلشان الشوك اللي في الورد..وكاد يكتب لام كلثوم عندما تصالح معسكرها مع معسكر عبد الوهاب في عام ١٩٦٤ واعجبتها” شكل تاني” ولكنها طلبت اضافة لأنها قصيرة وغنتها نجاة وكذلك في يوم وليلة وايضا طلبت تعديل فغنتها وردة فيما بعد وكتب حسين السيد اجمل اغاني عبد الحليم أهواك وقولي حاجة وظلموه وتوبة وعقبالك يوم ميلادك و اغاني وطنية أيضا يا حبايب بالسلامة بعد عودة جيشنا من اليمن وكان يميل حسين السيد إلى الحكاية في أغانيه فكتب لحليم فاتت جنبنا ولنجاة ساكن قصادي وياويلي من حبه لفريد وقدرت تهجر لفايزة وطبعا ست الحبايب التي كتبت عنها حكايات ولكن ما سمعته من ابنته د.حامدة وهي طبيبة وأستاذ تحاليل طبية انها كتبت عندما أقترح علي ومصطفى امين على وزير الإعلام ثروت عكاشة فكرة عيد الام فطلب اغنية تواكب هذه المناسبة وقد كتبها ولحنها مع عبد الوهاب في ٤٨ ساعة…وبرغم السرعة في كتابتها وتلحينها الا انها عاشت أطول من اعمار من ابدعوها وربما لعقود طويلة قادمة…ولا أظن أن أحدا منا يسمعها يوم عيد الام ولاتتحشرج احباله الصوتية وتلمع الدمعة في عيونه وخاصة من فقدوا حنان الأم ودعواتها التي طالما ظلت تحرس خطواتهم وتظلل الطريق وتفتح لهم الدروب المغلقة…. واما ليلى مراد فشدت معه بالحب جميل وياحبيب الروح و اتمختري ياخيل ولاننسى حمدللة على السلامة يا ابو اجمل ابتسامة لنجاة… وكتب للاطفال أغنيته الخالدة لمحمد فوزي ماما زمانها جاية ولصباح امورتي الحلوة واكلك منين يا بطة.. وسلمولي على مصر عندما منعت من دخول مصر بعد انفصال سوريا لأسباب تتعلق بالضرائب والسياسة وفي أول وفد سياسي اوفده عبد الناصر لسوريا برئاسة الوزير محمد فايق اصطحب فيه عبد الحليم حافظ وغنى في دمشق فخرجت كل دمشق تحي الوفد المصري وقابل الوفد المطربة صباح وعادت معهم إلى مصر وبامر من الرئيس ..واسوق هذه الحكاية مرارا لنتذكر كم كان الفن راقيا ويقرب الشعوب إلى مصر وكيف كان يفكر الزعماء في السياسة إذ يعتبرون مزاج وتفكير الشعوب جزء لا يتجزأ منها. .. ولا أنسى أبدا أن شاعرنا قد كتب اغنية تقطع نياط القلب للعظيم وديع الصافي وهي دار يادار فإذا اختليت إلى نفسك وتذكرت بيتكم القديم في قريتك او مدينتك وكم كان عامرا بالاهل والاخوة والأحباب وطيف والديك في كل اركانه وماذا فعل الزمن بك وبهم وماأال اليه من فراق ورحيل وسفر سوف تختلج مشاعرك بكلمات حسين السيد وصوت الجبل وتعيش العمر مرة أخرى ولكن بطعم أخر لايخلو من المرار ..وللعلم انه كان صديقا للرئيس السادات وكان يرسل له سيارته ويسمع منه أغانيه بصوته والقائه قبل أن تغنى” بضم التاء” وقد كان يسكن في العجوزة على مقربة منه في عمارة السعوديين وهي في الاصل عمارة الفنانين وكان حليم وإخوته جيرانه قبل أن يغيروا سكنهم بالزمالك وكذلك فاتن حمامة قبل أن تنتقل لعمارة ليبون بعد زواجها من عز الدين ذو الفقار …ومنحه السادات وسام الفنون إلى جانب وسام العلوم والفنون من عبد الناصر ..ومن الغريب انه برغم هذا الكم الغزير من إنتاج حسين السيد الا انه لم يحظى بأي شراكة مع ام كلثوم ربما لقربه الشديد من عبد الوهاب حتى عندما غنت من ألحانه كانت الكلمات لأحمد شفيق كامل في” انت عمري ” واظنه لو نوى لأبدع فهو في الفصحى يقهر العامية وفي العامية يعانق الفصحى كما النواسي يعانق الخيام…–