أخبارمقالات وآراء
يا رايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي
ا.د.صلاح سلام
حكت لي امي انه يوم ذهاب والدي الذي لم اعيه إلى الحج في اوائل خمسينات القرن الماضي خرج من منزلنا الكائن في وسط مدينة العريش على الطريق الرئيسي إلى محطة القطار التي تبعد عنا قرابة الكيلومترين في زفة من حملة الإعلام الخضراء المكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله وعلى نقر الدفوف ويلبس جلبابه الابيض والقفطان وعلى رأسه غطرة بيضاء وحوله بعص راكبي الابل وظل هكذا مترجلا إلى أن وصل إلى محطة القطار وسط اغاني الذكر ومديح الرسول عليه الصلاة والسلام…وربما لم تكن السيدة ليلى مراد قد غنت اغنيتها الشهيرة التى تعصف بكل عواطفك و تشعر بالحنين إلى البيت الحرام وينتابك شعور مختلط من الفرحة والبكاء في نفس الوقت وانت تراها تشدو “يا رايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي” في فيلم بنت الاكابر وهي تودع ابيها زكي رستم ولكنه كان يلبس بدلته الباشوية ويركب سيارته الفارهة وهي تقف بشباكها تودعه..فالمشهدين مختلفين و المناسبة واحدة… ترى هكذا فعلت امي التي هي من نفس مواليد ليليان والتي غيرت اسمها إلى ليلى مواليد ١٩١٨ وليس من ياسمين إلى وهيبة كما فعلوا مع والدتي؟…لقد انتابني نفس الشعور وانا أودعها وهي في طريقها إلى أرض الحجاز وانا في مقتبل العمر…تلك الاغنية وذاك المشهد..ياريتني كنت وياكم واروح للهادي وازوره وابوس من شوقي شباكه وقلبى يتملى بنوره…واحج واطوف سبع مرات والبي واشوف منى وعرفات واقول ربي كتبهالي….وصوت الكور س وهم يحملون الدفوف يذكرون..الله.. الله… الله..هذه الكلمات التي صاغها ابو السعود الابياري…والتي اظن انها جعلت ليلى مراد تحج بقلبها بعد أن اشهرت اسلامها ١٩٤٦ على يد شيخ الازهر وهي ابنة الموسيقار زكي مراد ومن أسرة يهودية واخت الفنان منير مراد..ولاعجب أن اليهود كانوا يعيشون في مصر مثلهم مثل باقي الديانات قبل ثورة يو ليو ١٩٥٢ وكذا الجريج”اليونانيين”والطليان” الايطاليين” الذين كان معظمهم يعيشون في الإسكندرية المدينة الكوزموبوليتان..فمصر هي أم الدنيا…وقد اعتزلت السيدة ليلة مراد بعد مسيرة حافلة امتعتنا فيها بمئات الاغاني و٢٧ فيلما.. بنت الفقراء وبنت الاغنياء وبنت الريف.. اشهرهم طبعا شاطئ الغرام الذي غنت فيه لسحر مرسى مطروح..وعاشق الروح والتقت بعد الوهاب و السنباطي والقصبجي و شاركت زو جها الأول أنور وجدي في ٧ افلام تقريبا وتزوجت المخرج فطين عبد الوهاب وانجبت منه زكي على اسم جده وتزوجت سرا بعضو قيادة الثورة وجيه اباظة وانجبت اشرف واعتزلت مبكرا في ١٩٥٣ عاشت لبيتها واولادها واصدقائها اكثر من أربعين عاما بعد الاعتزال ..لقد غنت هذه القيثارة ألحان لايمكن نسيانها ..الحب جميل للي عايش فيه..وابجد هوز مع الريحاني…واسكتش كلام جميل وكلام معقول مع مجموعة فنانين..والتقت بيوسف بك وهبي في اكثر من فيلم…. ولم أقرأ أنها قد قد حجت ام لا ولكن…ستبقى اغنيتها الخالدة تشعل جذوة الحنين إلى الرحاب الطاهرة ..أمانة الفاتحة يامسافر لمكة تأدي فرض الله..هترجع والاله غافر ذنوبك لما نلت رضاه..ياريتني معاك في بيت الله وازور وياك حبيب الله… سمعتها وهزني الشوق فزرفت عيناي دمعا ولا ادري أهو الحنين إلى الديار..ام طلبا لصحبة الاخيار …ام تراني تخيلت انني اصاحب ولدي الذي يعد العدة ويستعد لشد الرحال إلى أم القرى إلى أطهر وأطيب بقاع الأرض فيها جبال النور طلة على البيت المعمور فيها طرب وسرور وفيها نور على نور… البيت الذي جعله رب العزة مثابة للناس وحقق دعاء سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء “ربنا اني اسكت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم” صدق الله العظيم..سلاما على ابراهيم وال ابراهيم وعلي محمد وآل محمد في العالمين..انك حميد مجيد–