أخبارشؤون هولندية

اقتربوا من نصف مليون وحازوا وظائف مرموقة.. كيف يعيش المغاربة في هولندا؟

تفيد أرقام مركز الإحصاء الهولندي سي بي إس أن عدد المغاربة في هولندا يبلغ 386100، وينظر لها على أنها مجموعة مندمجة، لا يتسبب أفرادها في مشاكل كبيرة داخل المجتمع الهولندي

وتأتي الجالية المغربية التي تعيش في هولندا في المرتبة الثانية من حيث العدد بعد الجالية التركية، وإن كان بفارق بسيط، ضمن مجموع الجاليات التي تشكل جزءا مهما من النسيج المجتمعي الهولندي

الهجرة الأولى

لقد عرف المغرب منذ بداية القرن الماضي هجرة العمالة إلى أوروبا، لكنها كانت بأعداد قليلة، وخلال النصف الثاني من القرن أصبح المغرب أحد البلدان الرئيسية المرسلة للعمالة، وظلت أوروبا لفترة طويلة مركز الجذب الأول للهجرة المغاربية

تعود الهجرة المغربية إلى هولندا إلى ستينيات القرن الماضي، حيث كان أول المهاجرين هم عمال مناجم ليمبورخ، وفي سنة 1963 قامت مناجم ليمبورخ بتشغيل المغاربة الأوائل الذين بلغ عددهم 392 عاملا

ونظرا لنجاح هذه التجربة التي اشتهر المغاربة أثناءها بجديتهم في العمل تصاعدت وتيرة تشغيل المغاربة في أغلب مناجم ليمبورخ

وعلى مدى سنوات، ظل الإعلام الهولندي ينشر على كل رأس سنة جديدة صورة نمطية عن المهاجرين المقيمين في هولندا، وخاصة المغاربة، باعتبارهم الجالية الأكثر عددا في الأراضي المنخفضة

التوزيع الجغرافي

وفيما يخص التوزيع الجغرافي للمهاجرين المغاربة في هولندا، فأغلبية مهاجري الجيل الأول تنحدر من منطقة الريف في شمال المغرب، حيث تأتي أقاليم الناظور والحسيمة وتطوان في المقدمة

ثم ظهر تيار الهجرة الذي انطلق من باقي مناطق المغرب التي كانت خاضعة للحماية الفرنسية، حيث تركز توجه الهجرة نحو بلجيكا وألمانيا والسويد وإسبانيا وهولندا

وفيما يتصل بالبنية العمرية للمغاربة المهاجرين فنسبة من تقل أعمارهم عن 19 عاماً أعلى بصورة لافتة للنظر مقارنة بالهولنديين الأصليين

اندماج الأجيال

كما يشير تحليل معدل الخصوبة بين المغاربة في هولندا إلى انخفاضه رغم أنه يظل مرتفعا بالمقارنة مع الجاليات الأخرى، ويعود ذلك إلى تزايد اندماج الجيل الثاني في المجتمع المضيف

الكاتبة والمؤرخة الهولندية هانيكا فربيك، المتخصصة في مجال الهجرة، تناولت في كتابها الجديد، (صدر في مايو الماضي)، قصصا إنسانية لمجموعة من المغاربة المقيمين بهولندا، وذلك بمناسبة الاحتفاء بمرور خمسين سنة على الهجرة المغربية إلى بلاد الأراضي المنخفضة

واستعرض الكتاب المسار الحياتي لمجموعة من المغاربة المقيمين بهولندا، ذكورا وإناثا، ينتمون إلى الجيلين الأول والثاني من المهاجرين، الذين تحدثوا عن الظروف الصعبة التي عاشوها في البداية أثناء اندماجهم بالمجتمع الهولندي

وطوفت الكاتبة إلى بعض الطرائف العجيبة التي صادفت المهاجرين المغاربة في البدايات الأولى، وتطرق أيضا إلى العراقيل التي واجهتهم في مقرات الشغل، خاصة أن أغلبهم كانوا يشتغلون بأعمال المناجم والموانئ والبناء وخلافه

محفزات المناصب العليا

وبحسب الوثيقة ذاتها فقد رصدت الباحثة الهولندية الإشكالات المناخية التي واجهها الجيل الأول والثاني من مغاربة هولندا، في ظل انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير خلال فصل الشتاء

وعن المجهودات الأسرية المهمة التي بذلها مغاربة هولندا لتعليم أبنائهم، وتحفيزهم على تقلد مناصب عليا بالمجتمع الهولندي، وهو ما تحقق بالفعل، إذ أصبحت الكفاءات المغربية تشغل وظائف خاصة وعامة مرموقة

فيما تطرقت الباحثة على التضحيات التي بذلها المغاربة منذ قدومهم إلى هولندا، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن أوروبا عامة، أو هولندا خاصة، لما تعرضت لـ الغزو النازي في الحرب العالمية الثانية، إذ مازالت قبور الجنود المغاربة موجودة بمنطقة زايلوند الهولندية

خاتمة

يرجع تاريخ العلاقات بين المملكة المغربية ومملكة الأراضي المنخفضة (هولندا) إلى عهد تكوين الدولة الهولندية التي كانت تعرف بجمهورية الأقاليم السبعة المتحدة سنة 1579م

وتم التوقيع على أول اتفاقية مغربية ـ هولندية في لاهاي يوم 24 ديسمبر 1610 م، بعد أن أرسل المغرب في عهد السعديين سفيرا له إلى لاهاي عام 1609م

وبذلك كان المغرب أول دولة تعترف بالمناطق السبع لصالح هولندا. وكانت قضايا سلامة المواصلات البحرية وتنشيط التجارة أهم ما ميز هذه العلاقات. المصدر : صحيفة تواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى