قصص أناشيد وطنية عربية لحنها ملحنون من دول أخرى
الأخوان فليفل… البداية من سوريا
في سوريا وجد الأخوان محمد وأحمد فليفل سر نجاحهما في تلحين الأناشيد الوطنية العربية، إذ لحنا نشيداً سورياً اسمه “سوريا يا ذات المجد”، عام 1923، وهو من كلمات الشاعر مختار التنير. وبعد 15 عاماً من ذلك، نجحا في وضع ألحان النشيد الوطني السوري المعتمد حتى الآن، وهو نشيد “حماة الديار”.
حكاية “حماة الديار” تبدأ من سعيهما إلى الجمع بين ولائهما لوطنهما الأم لبنان وعشقهما للقومية العربية، وفقاً لكتاب “اللحن الثائر… سيرة الأخوين فليفل”، لمحمد كريم وجورج حرو، والصادر عن جمعية “عرب للموسيقى” عام 2014، في محاولة لتوثيق مشوار “الأخوين فليفل” الفني الذي انطلق من لبنان ومر بأغلب الأوطان العربية. بعد مشوار إبداعي مميز في بيروت، تقدم الأخوان فليفل، عام 1938، للاشتراك في مسابقة تضم 60 متسابقاً لتلحين النشيد الوطني السوري، من بينهم، الملحن الشهير أحمد الأوبري، وكان اختيار الحكومة السورية، قد وقع على قصيدة “حماة الديار” للشاعر السوري خليل مردم. لكن لجنة المسابقة رفضت مشاركة الأخوين فليفل، فقررا عرض اللحن على رئيس مجلس النواب السوري آنذاك، فارس الخوري. ولما استمع إليه أعجب به كثيراً ووجده مفعماً بالوطنية والإحساس، وطلب منهما تعليمه للأطفال في المدارس حتى يحين موعد إعلان نتيجة المسابقة.
سعد عبد الوهاب ملحناً للنشيد الإماراتي
في ثلاثة أيام فقط من عام 1986، كتب الشاعر الإماراتي الدكتور عارف الشيخ كلمات النشيد الوطني الإماراتي، وكان ذلك بعد تأسيس الإمارات بـ15 عاماً. وهذا النشيد من ألحان الموسيقار المصري سعد عبد الوهاب، ابن شقيق موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. ووفقاً لحديث إذاعي للشيخ عبر إذاعة “نور دبي”، عام 2010، وضع الموسيقار المصري سعد عبد الوهاب، بداية العام 1972، ألحان “معزوفة السلام” قبل كتابة النشيد الذي جاء لاحقاً بتوصية من الوزير الإماراتي السابق، أحمد حميد الطاير، أثناء توليه وزارة التربية والتعليم بالإنابة، عام 1986. ولأن الشيخ كان يعمل في الوزارة، وقتها، كُلّف بكتابة النشيد، مع الإبقاء على اللحن الموجود في السلام الوطني، وخلال ثلاثة أيام فقط، وضع الكلمات على لحن الموسيقار المصري سعد عبد الوهاب. تقول كلمات النشيد: “عيشي بلادي/ عاش اتحاد إماراتنا/ عشت لشعب/ دينه الإسلام/ هديه القرآن/ حصنتك بسم الله يا وطن”.
كان سعد الوهاب يعمل، وقت وضعه اللحن، مستشاراً للأغنية الوطنية في الإذاعة الإماراتية، ووضع معزوفة موسيقية مدتها لا تتجاوز الدقيقة ونصف الدقيقة، وتبدأ بمقدمة حماسية تظهر فيها المارشات العسكرية بوضوح. سعد عبد الوهاب هو مغنٍ وموسيقار مصري، مواليد عام 1926، عمل في الإذاعة كمذيع خمس سنوات، وابتعد عن الغناء عشرين عاماً تقريباً عمل خلالها مستشاراً للأغنية الوطنية في الإذاعة الإماراتية.
العراق… اللحن لبناني والشعر فلسطيني
جدل واسع دار حول النشيد الوطني العراقي، فقصيدة “أرض الفراتين”، اعتمدت رسمياً نشيداً وطنياً للعراق منذ عام 1981 حتى 2003. وبعد سقوط نظام صدام حسين، استبدل النشيد بآخر اسمه “موطني”. حكاية هذا النشيد بطلاها الشاعر العراقي شفيق الكمالي، والملحن اللبناني وليد غلمية، والنشيد كان بديلاً لآخر استخدم عقب عام 1963، وهو النشيد الوطني المصري السابق “والله زمان يا سلاحي”، وهو أغنية لأم كلثوم من ألحان كمال الطويل وكلمات الشاعر صلاح جاهين.
الموسيقار وليد غلمية لبناني ولد عام 1938، وبدأ التأليف الموسيقي الاحترافي عام 1963، وعمل رئيساً للمعهد الوطني العالي للموسيقى حتى وفاته في 7 يونيو 2011.
أغنية كاظم الساهر “سلام عليك” شاركت في مسابقة لاختيار نشيد وطني جديد للعراق
أما الشاعر إبراهيم عبد الفتاح طوقان، فولد عام 1905 في نابلس بفلسطين، وهو شقيق فدوى طوقان، الملقبة بشاعرة فلسطين، وأحمد طوقان، رئيس وزراء الأردن في بداية سبعينيات القرن الماضي. في نهاية عهد صدام حسين، أعلنت محاولات لتغيير النشيد الوطني، وأذيع في قنوات العراق والشباب والفضائية العراقية عدد منها، وطلب من المشاهدين التصويت عليها، لكن لم يُعتمد أي منها، وكان من بين المشاركين الموسيقار كاظم الساهر بقصيدة “سلام عليك”، تأليف الشاعر العراقي أسعد الغريري.
وفقاً لكتاب “اللحن الثائر… سيرة الأخوين فليفل”، بعد سقوط نظام صدام، وقع اختيار رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة، بول بريمر، على نشيد “موطني” وهو في الأساس كان نشيداً وطنياً لفلسطين، وكتبه الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، ولحنه الأخوان محمد وأحمد فليفل عام 1934، ليصبح النشيد الوطني للعراق.
ويتحدث الموسيقار نعمة مهدي الذي وضع التوزيع الموسيقي الجديد للنشيد الوطني العراقي “موطني” عن تجربته قائلاً: “انتهيت من وضع التوزيع الموسيقي الجديد للنشيد منذ عام 2006، لكنه لم يرَ النور إﻻ عام 2013، ليعطي للعراق القوة القانونية لعزفه في جميع المحافل الدولية، بعد أن وافق عليه مجلس الوزراء.