تحقيقات وتقاريرشؤون عربية

في ذكرى الثورة التونسية.. الآلاف يتظاهرون ضد الرئيس سعيّد

شارك الآلاف من التونسيين في مسيرات احتجاجية بالعاصمة تونس ضد الرئيس التونسي قيس سعيّد وتنديدا بالوضع الاقتصادي المتردي. وفيما تأتي الاحتجاجات في ذكرى مرور 12 عاما على الثورة، رفع متظاهرون لافتات تطالب برحيل سعيّد.

خرج آلاف المتظاهرين في مسيرة مناهضة الرئيس التونسي قيس سعيد شبه الكاملة على السلطة في وسط تونس العاصمة اليوم السبت (14 يناير/ كانون الثاني 2023) مطالبين بتنحيه، وذلك في الذكرى السنوية ليوم رئيسي في ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية.

أرشيف: قيس سعيد بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2019

واكتظ شارع الحبيب بورقيبة وسط المدينة، وهو الموقع التقليدي للمظاهرات الكبرى، بآلاف المحتجين الذين يلوحون بالأعلام التونسية، بحسب صحفي من رويترز هناك، وسط هتافات “الشعب يطالب بإسقاط النظام”.

واستمر الوجود المكثف للشرطة قرب مبنى وزارة الداخلية في الشارع إلى جانب مدافع المياه. واستمرت الاحتجاجات لساعات بهدوء دون أي اشتباكات مع المتظاهرين.

وقال زعيم حزب العمال المعارض في تونس حمة الهمامي، إن “مصير الرئيس التونسي قيس سعيد، سيكون السجن أو الهروب الى الخارج”، خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة اليوم السبت بمناسبة ذكرى الثورة.

Tunesien Tunis | Parlament

وشارك حزب العمال اليساري التوجه في الاحتجاجات اليوم مع باقي الأحزاب المعارضة في مسعى لزيادة الضغط على الرئيس التونسي، الذي يقود السلطة بصلاحيات واسعة كرسها الدستور الجديد، الذي وضعه عبر استفتاء شعبي في 25 تموز/يوليو الماضي.

وقال الزعيم التاريخي للحزب في شارع الحبيب بورقيبة الذي شهد توافد أنصار المعارضة، “نحيي ذكرى الثورة التي تنكر لها قيس سعيد وحاول أن يلغي هذا اليوم”. وتابع الهمامي “نحن هنا في الشارع لنوجه رسالة إلى قيس سعيد  لنقول له “ارحل” وأن هذا الشعب سيسقطك مثلما أسقط بن علي”.

وفي مثل هذا اليوم عام 2011 شهد الشارع نفسه احتجاجات حاشدة أدت في نهاية المطاف إلى مغادرة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي للبلاد بعد 23 عاما في الحكم الى المملكة السعودية حيث قضى بقية حياته حتى وفاته في ٢٠20

وشهد الانتقال الديمقراطي في البلاد منذ 2011 الكثير من المطبات في حين حذرت منظمات حقوقية من خطورة الصلاحيات شبه المطلقة للرئيس على الديمقراطية.

وتتهم المعارضة الرئيس قيس سعيد بالتأسيس لحكم فردي بعد إعلانه التدابير الاستثنائية منذ 25 تموز/يوليو 2021 وحله البرلمان المنتخب في 2019 وإلغائه دستور 2014

وتجاوز المتظاهرون صفوف رجال الشرطة والحواجز المعدنية للوصول إلى الشارع، متحدين الجهود الأولية التي بذلتها السلطات لفصل عدة احتجاجات متوازية دعت إليها أحزاب سياسية مختلفة ومنظمات المجتمع المدني.

وقالت شيماء عيسى، وهي معارضة لسعيّد وناشطة شاركت في ثورة 2011 “كنا في شارع بورقيبة في جان (يناير) في 2011. حين لم يكن سعيّد هناك وكان يتقرب من حزب التجمع (حزب بن علي). اليوم يغلق الشارع أمامنا. سنصل إلى الشارع مهما كان الثمن. أمر حزين ومخز أننا نتظاهر ضد الاستبداد بعد 12 عام من الثورة”.

وعقب وصول المحتجين لشارع بورقيبة رفعوا شعارات “ارحل ارحل” و”الشعب يريد إسقاط الانقلاب.. يا شعب ثور على سعيّد الديكتاتور”.

Tunesien Tunis | Parlamentswahl | Stimmabgabe Präsident Kais Saied

وحل سعيد البرلمان المنتخب في عام 2021 وبدأ في إعادة تشكيل النظام السياسي، لكن ضعف الإقبال على انتخابات ديسمبر/ كانون الأول لاختيار أعضاء مجلس تشريعي جديد بلا سلطات في الغالب كشف عن ضعف التأييد الشعبي لما أجراه من تعديلات.

ويقول الرئيس التونسي المنتخب بأغلبية فاقت 70 بالمئة بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية في 2019، إنه يريد تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة. وتعارض القوى السياسية الرئيسية، بما في ذلك معظم الأحزاب والنقابات العمالية، الآن مشروع سعيد ويصفه الكثيرون بأنه انقلاب مناهض للديمقراطية.

وفي غضون ذلك يتهاوى الاقتصاد، مع اختفاء سلع أساسية من على الأرفف دون تمكن الحكومة بعد من تأمين خطة إنقاذ دولية.

Symbolbild Arabischer Frühling Tunesien

شرارة الربيع العربي الأولى

كانون الأول/ ديسمبر 2010 – بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.

Tunesien Ex-Präsident Zine El Abidine Ben Ali gestorben

هروب بن علي

كانون الثاني/ يناير 2011 – هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.

Tunesien wählt neues Parlament

                                                            فوز حزب النهضة

تشرين الأول/ أكتوبر 2011 – حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.

جدل بشأن علمانية الدولة

أذار/ مارس 2012 – تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.

اغتيال شكري بلعيد

شباط / فبراير2013 – اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.

تخلي حزب النهضة عن الحكم

كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.

دستور جديد لتونس

كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.

فوز السبسي

كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.

الإرهاب يضرب تونس

آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم “داعش” على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.

مواجهة الإرهاب

آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم “داعش” الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.

العجز التجاري يرتفع

كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.

قيس سعيد رئيسا لتونس

تشرين الأول/ أكتوبر 2019 – الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.

فضيحة فساد

كانون الثاني/ يناير 2020 – بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.Tunesien Tunis | Kais Saied, Präsident & Hichem Mechichi, Premierminister

سعيد المشيشي رئيسا للوزراء

آب/ أغسطس 2020 – سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.

الاحتجاجات متواصلة

كانون الثاني/ يناير 2021 – بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.

إقالة الحكومة وتجميد البرلمان

تموز/ يوليو 2021 – سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه “استجاب لإرادة الشعب”.

احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي

يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه “شارع الثورة”، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.

الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور

في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها “تخرج” عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.

الإعلان عن خارطة طريق للبلاد

بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ “الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.

حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع

في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان – وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.

إحكام القبضة على القضاء

بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس “أصبح من الماضي”، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.

تنديد داخلي وانتقادات دولية

قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ “المذبحة”. كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى “عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع” موقف عبر عنه أيضا الإتحاد

“دولة مهددة بالإفلاس”

حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر “إفلاس” التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة “اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية”، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.

مسودة دستور جديد

في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس

باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى