بعد حادثة بائعة السجائر.. مقتل الآلاف في تايوان
مع انتصار الشيوعيين بالحرب الأهلية الصينية، لم يتردد ماو تسي تونغ عام 1949 في إعلان قيام جمهورية الصين الشعبية على أرض بر الصين الرئيسي.
في مقابل ذلك، انسحب القوميون، بزعامة شيانغ كاي تشيك (Chiang Kai-shek)، نحو جزيرة تايوان معلنين عن انتقال الحكومة الصينية الشرعية إليها. ومع إعلانهم لأنفسهم ممثلين لكامل الشعب الصيني، اتخذ القوميون من مدينة تايبيه عاصمة لهم.
وقبل انتقال الحكومة القومية إليها بنحو عامين، كانت تايوان عام 1947 على موعد مع ثورة ضد سلطة القوميين. فعقب احتجاجاتهم على عدد من الممارسات، اتجه أهالي تايوان للتجمهر بالشوارع لترد عليهم السلطات القومية حينها بوابل من الرصاص تزامن مع انتشار مكثف للجيش وإعلان حالة الطوارئ.
حادثة بائعة السجائر
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وافق الحلفاء عام 1945 على إعادة جزيرة تايوان للصين واضعين بذلك حدا لحوالي 50 عاما من الاحتلال الياباني. ومع استئناف المعارك ضمن الحرب الأهلية الصينية، ظلت جزيرة تايوان قابعة تحت سلطة القوميين.
إلى ذلك، رفض سكان الجزيرة سياسة الكومينتانغ (Kuomintang)، أي الحزب القومي، واتهموا أفراده بممارسة سياسة قمعية واعتماد منهج اقتصادي رديء ومصادرة الأملاك الخاصة للسكان.
بالفترة التالية، تزايدت حدة التوتر والعداوة بين الكومينتانغ وسكان تايوان. ويوم 27 شباط/فبراير 1947، ثارت الجزيرة ضد القوميين عقب حادثة بائعة السجائر. فخلال ذلك اليوم، أقدم أفراد مكتب الاحتكار الحكومي، مدعومين برجال الشرطة، على مصادرة بضاعة أرملة، امتهنت بيع السجائر بأحد الأحياء الفقيرة، وأبرحوها ضربا أمام الجميع.
على إثر ذلك، تجهر عدد من المارة الغاضبين قرب موقع الحادثة قبل أن تندلع مناوشات بينهم وبين رجال الأمن. وفي خضم هذه الأحداث، أقدم أحد رجال الأمن على إطلاق الرصاص نحو المحتجين متسببا في مقتل واحد منهم.
عشرات آلاف القتلى
باليوم التالي الموافق لـ28 شباط/فبراير 1947، شهدت معظم مدن تايوان مظاهرات حاشدة ضد سلطة الكومينتانغ. وفي خضم الاحتجاجات، سيطر المتظاهرون على مقر إحدى إذاعات الراديو المحلية وبثوا من خلالها دعوات للثورة ورسائل معادية للقوميين.
ومع خروج الوضع عن السيطرة، استنجد حاكم تايوان القومي تشين يي (Chen Yi) بالقوات العسكرية. وتلبية لندائه، انتشرت أعداد كبيرة من قوات الجيش الوطني الثوري، قوات الكومينتانغ، بالشوارع قبل أن تباشر بعملية قمع المحتجين. إلى ذلك، استمرت العمليات الأمنية التي قادها الكومينتانغ ضد المحتجين أسابيع وانتهت بمقتل ما بين 18 و30 ألفا من المحتجين. وبالأشهر التالية، أرسى الكومينتانغ حالة طوارئ، استمرت لمدة 38 عاما، بتايوان.
منتصف التسعينيات، اتجهت السلطات التايوانية لإجراء تحقيق بالحادثة. وعلى إثر ذلك، قبلت الحكومة بتشييد نصب تذكاري لتخليد الأحداث الدامية لعام 1947. أيضا، وافقت السلطات التايوانية على تقديم تعويضات مادية لعائلات القتلى الذين سقطوا عقب تدخل الجيش لقمع الاحتجاجات