بهذا العام.. احترقت عاصمة العثمانيين وقتل عشرات الآلاف
الحريق دمر أجزاء كبيرة من العاصمة العثمانية القسطنطينية وتسبب في مقتل حوالي 40 ألف شخص
خلال العام 1648، خلعت قوات الإنكشارية السلطان إبراهيم الأول من الحكم عقب ثورة وفوضى عارمة اجتاحت القسطنطينية. وخلال شهر أغسطس من العام نفسه، أعدم إبراهيم الأول خنقا بمقر إقامته ليصنف بذلك كثاني السلاطين الذين قتلوا عمدا بتاريخ الدولة العثمانية.
ومع نهاية فترة إبراهيم الأول، اعتلى ابنه، البالغ من العمر ست سنوات، محمد الرابع الحكم سنة 1648. وقد امتدت فترة حكم الأخير لنحو 40 عاما وانتهت بعزله سنة 1687. إلى ذلك، شهدت فترة محمد الرابع العديد من الأحداث الدامية. وقد جاء أبرز هذه الأحداث عام 1660 بسبب حريق هائل اجتاح القسطنطينية ودمّر قسما هاما من معالمها.
حريق غامض
يوم 24 من شهر تموز/يوليو 1660، اهتزت العاصمة العثمانية القسطنطينية على وقع حريق هائل اندلع بشكل غامض بالمدينة. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، سجّل الحريق ظهوره بالقسم الغربي من منطقة إمينونو (Eminönü) المكتظة بالسكان. وقد تميزت هذه المنطقة حينها بانتشار المنازل العتيقة والقديمة المبنية من الخشب بها. إلى ذلك، ساعدت هذه العوامل، إضافة لقلة خبرة العثمانيين في مواجهة الحرائق، في توسع الحريق بشكل سريع.
ومع ضعف إمكانيات التصدي للحرائق حينها، امتدت ألسنة اللهب لتلتهم حوالي ثلثي القسطنطينية مدمرة في طريقها العديد من المباني التاريخية الهامة. وحسب تقارير معاصرة، أسفر حريق القسطنطينية عام 1660 عن تدمير حوالي 280 ألف منزل ومقتل ما لا يقل عن 40 ألف شخص، إما حرقا أو اختناقا. ومن ضمن الخسائر المادية المسجلة، تواجدت 25 كنيسة إضافة لسبعة معابد يهودية قديمة.
قرارات غريبة عقب الحريق
خلال العقود التي سبقت الحريق، أمرت السلطانة صفية، زوجة السلطان مراد الثالث، بتشييد المسجد الجديد، المعروف أيضا بيني مسجد، بالقسطنطينية. وقد انطلقت أشغال البناء حينها على الأراضي التي صادرتها السلطات العثمانية من السكان غير المسلمين بالقسطنطينية. وعقب توقف استمر لعقود، واصلت السلطات العثمانية بناء المسجد على الأراضي المحترقة المملوكة لغير المسلمين بالعاصمة بعد منعهم من العودة إليها. من جهة ثانية، اتهم العثمانيون اليهود والمسيحيين بالتسبب بالحريق. وانطلاقا من ذلك، منعت السلطات العثمانية اليهود والمسيحيين من إعادة بناء وترميم معابدهم الدينية المدمرة بسبب حريق العام 1660.
وبدعوة من الصدر الأعظم فاضل أحمد باشا الكوبريللي ورجل الدين المتشدد محمد أفندي، شدد السلطان محمد الرابع الإجراءات التي منعت استهلاك الكحول والقهوة والتبغ، أو السجائر، بالقسطنطينية. وبعد مرور سنوات على حريق العام 1660، سمحت السلطات العثمانية لليهود والمسيحيين بإعادة شراء المعالم الدينية الخاصة بهم المتضررة من الحريق، كما وافقت أيضا على السماح لهم بإعادة ترميمها واستخدامها وصنفتها بقائمة المباني السكنية.