مقارنة بين حاملات الطائرات الأميركية والصينية
أجرى موقع “بزنس إنسايدر” مقارنة بين حاملات الطائرات الصينية الناشئة ونظيراتها في الولايات المتحدة التي تعد رائد في هذا المجال الحيوي من الصناعة البحرية العسكرية في العالم.
ودخلت الصين حديثا في هذا المجال، ما يمثل خطوة رئيسية في تعزيز البحرية الصينية في إطار سعي بكين لترسيخ وجودها في المحيط الهادئ وأبعد منه.
في الأول من مايو، أبحرت حاملة الطائرات الصينية فوجيان إلى عرض البحر لإجراء تجاربها البحرية الأولى، والتي تعد الأحدث والأكبر مقارنة بحاملتي الطائرات الأخريتين لياونينغ وشاندونغ.
ووصف تقرير أصدرته خدمة أبحاث الكونغرس في يناير نقلا عن وزارة الدفاع، قوات البحرية الصينية بأنها الأكبر في العالم، متوقعا أن تنمو لتضم 435 سفينة بحلول عام 2030.
ووفقا لتقرير “بزنس إنسايدر” فإن مراجعة سريعة لقدرات فوجيان تظهر أنها تفتقر إلى بعض المزايا الرئيسية لأحدث فئة من حاملات الطائرات الأميركية الفائقة وكذلك البنية التحتية التي تتطلبها العمليات البعيدة، وربما ربط عملياتها بالقرب من البر الرئيسي للصين.
تم تشغيل أول حاملتين صينيتين، لياونينغ من النوع 001 والفئة شاندونغ من النوع 002، في عامي 2012 و2017 على التوالي.
ومع بدء بناء الحاملة الصينية الأكبر في عام 2017، تعد فوجيان ثالث حاملة طائرات تبنيها الصين لبحرية جيش التحرير الشعبي
تعتمد كل من لياونينغ وشاندونغ على تصميم مأخوذ من حاملات تابعة للاتحاد السوفياتي السابق.
اشترت الصين لياونينغ كهيكل غير مكتمل من أوكرانيا في عام 1998 مقابل 20 مليون دولار فقط، بحجة أنها ستحولها إلى كازينو، لكن بدلا من ذلك تم سحبها إلى الصين وأعيد تجهيزها كآلة حربية.
تم تعديل لياونينغ وشاندونغ بشكل طفيف عن تصميمهما السوفييتي الأصلي لدمج التكنولوجيا الحديثة وإتاحة مساحة أكبر للطائرات.
يبلغ وزن لياونينغ وشاندونغ 60 ألف طن و 66 ألف طن على التوالي وبطول يصل لنحو 300 متر.
على الرغم من محاولات التحديث، فإن قدرات لياونينغ وشاندونغ محدودة بسبب استخدامهما لنظام الإقلاع القصير المعروف باسم “STOBAR”.
يفرض استخدام هذا النظام قيودا على وزن الطائرات عند الإقلاع، حيث يجب أن تكون خفيفة بما يكفي لترتفع من على سطح السفينة بمحركاتها الخاصة.
ونتيجة لذلك، لا يمكن لطائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا وطائرات التزود بالوقود الجوي أن تعمل على لياونينغ وشاندونغ.
أما أجنحة حاملتي الطائرات لياونينغ وشاندونغ فتتسع لـ 24 إلى 32 طائرة مقاتلة ومن 12 إلى 17 طائرة هليكوبتر، لكن القيود المتعلقة بالوزن تجبر الطائرات المقاتلة على حمل كمية محدودة من الأسلحة والوقود، مما يقلل من قدراتها ونطاقها القتالي.
وبسبب هذه القيود الشديدة، يرى خبراء أن لياونينغ وشاندونغ ليستا سفينتان حربيتان جاهزتان للمعركة، بل أشبه ما تكونان منصات تدريب يمكن للصين من خلالها اكتساب الخبرة.
بالمحصلة تعتبر فوجيان التصميم الأكثر تقدما وقدرة، حيث يتجاوز طولها 315 مترا وبوزن يصل لنحو 80 ألف طن.
الميزة الأكثر وضوحا لحجمها الأكبر هي أنها تتيح مساحة أكبر يجعلها تتسع لحوالي 60 طائرة.
ومع ذلك، فإن أهم ترقية في فوجيان هي استخدامها لنظام إقلاع أكثر تطورا يدعى ” EMALS” الكهرومغناطيسي والذي يستخدم المنجنيق لإطلاق طائرة من على سطح حاملة الطائرات.
وعلى الرغم من أن هذا النظام ليس جديدا، إلا أن فوجيان هي واحدة من حاملتين فقط في العالم مجهزتين بهذا النوع من المقاليع، إضافة إلى حاملة يو إس إس جيرالد فورد الأميركية الجديدة.
يجعل هذا النظام حاملة الطائرات فوجيان قادرة على إطلاق طائرات أثقل من المقاليع البخارية- المستخدمة في الحاملتين الأخريتين.
ومع وجود ثلاث مقاليع على سطحها، سيكون لدى فوجيان معدل إطلاق طلعات أعلى من سابقاتها، حيث ستكون قادرة على قذف طائرات متعددة في السماء في غضون ثوان من كل إطلاق.
وبالمقارنة، فإن لياونينغ وشاندونغ لا تستطيعان إطلاق سوى طائرة واحدة في كل مرة.
فئات نيميتز وفورد
بالمقابل يتكون أسطول حاملات الطائرات التابع للبحرية الأميركية حاليا من 11 حاملة طائرات من فئتي “نيميتز” و “جيرالد آر فورد” الجديدة.
جرى بناء الحاملات العشرة التي تمتلكها الولايات المتحدة من فئة نيميتز بين عامي 1968 و2006 ودخلت الخدمة منذ عام 1975، ويبلغ طول كل حاملة 332 مترا وبوزن 97 ألف طن.
تعمل جميع هذه الحاملات بالطاقة النووية، مما يعني أن مداها غير محدود فعليا، وهي قادرة على حمل حوالي 65 طائرة من أنواع مختلفة، بما في ذلك المقاتلات متعددة المهام وطائرات الحرب الإلكترونية وطائرات النقل وطائرات الهليكوبتر.
تستخدم جميع حاملات الطائرات من فئة “نيمتز” نظام “كاتوبار” للإقلاع وهي مجهزة بأربعة مقاليع بخارية.
ومع ذلك، فإن عددا قليلا فقط من حاملات الطائرات العشر قادر على تشغيل مقاتلات إف-35 المتطورة، حيث يتطلب حمل هذا النوع من المقاتلات إجراء تعديلات على مساحات الصيانة ومخازن الأسلحة الخاصة بالحاملة.
في عام 2017، دخلت أدخلت البحرية الاميركية حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” للخدمة، لتخلف بذلك تلك التي من طراز “نيميتز”.
يبلغ طول هذه الحاملة 337 مترا ووزنها 100 ألف طن وتعد أكبر سفينة حربية جرى بنائها على الاطلاق في العالم، كما أنها واحدة من أكثر حاملات الطائرات تقدما، حيث تحتوي على 23 تقنية جديدة.
من بين الانظمة الحديثة التي تحتويها هذه الحاملة نظام رادار ثنائي النطاق جديد، ومفاعلين نوويين مصممين حديثا قادران على توليد طاقة أكبر بثلاث مرات تقريبا من المفاعلات الموجودة في فئة “نيميتز”، فضلا عن نظام رفع جديد تم تصميمه ووضعه خصيصا ليتناسب مع الذخائر الذكية الحديثة.
ومن بين أكثر التحديثات إثارة للاهتمام هو احتوائها أربعة أنظمة إقلاع من طراز “إيمالز” جعلتها قادرة على زيادة معدل الطلعات الجوية بنسبة 33 في المئة مقارنة بفئة “نيميتز”.
وهناك حاملتان أخريان من طراز فورد، وهما “يو إس إس جون إف كينيدي” و”يو إس إس إنتربرايز” قيد الإنشاء، ستدخلان الخدمة خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفقا للتقرير فإن سرعة وحجم تطوير أسطول حاملات الطائرات الصيني أمر مذهل، ولكن من المهم أيضا ملاحظة حدوده، خاصة عند مقارنته بالبحرية الأميركية.
لا يزال أسطول حاملات الطائرات الصينية، الذي يبلغ من العمر 11 عامًا فقط، في مرحلة النشأة مقارنةً بالبحرية الأميركية، التي بدأت تشغيل أول حاملة طائرات لها منذ أكثر من قرن من الزمان.
ونتيجة لذلك، تتمتع البحرية الأميركية بخبرة كبيرة في مجال النقل، بما في ذلك الأفراد المتمرسين والقدرة على نقل الخبرات للأجيال الجديدة من البحارة والطيارين البحريين.
في المقابل، تتمتع الصين بخبرة لا تتجاوز بضع سنوات في مجال حاملات الطائرات، وليس لديها خبرة تاريخية أو عملية في حماية حاملات الطائرات من الأسلحة المضادة للسفن أو غواصات العدو.
وهناك عامل مقيد كبير آخر وهو حقيقة أن جميع حاملات الطائرات الصينية حتى الآن تعمل بالطاقة التقليدية، مما يعني أن توربيناتها البخارية تعمل عن طريق احتراق الوقود، وهذا يعني أن نطاقها محدود للغاية لأنه سيتعين إعادة تزويدها بالوقود، وهو أمر صعب بسبب افتقار الصين إلى شبكة من القواعد البحرية المخصصة في الخارج مقارنة بالبحرية الأميركية.
قد توفر الموانئ التي تسيطر عليها الصين في بعض البلدان مواقع لحاملات الطائرات الصينية للتزود بالوقود، لكن من غير المرجح أن تكون قادرة على تقديم أنواع أخرى من الدعم الضروري مثل صيانة الطائرات.
ويرى التقرير أن عدم امتلاك الصين لمحركات تعمل بالطاقة النووية يمكن أن يحد أيضا من معدل الطلعات الجوية في “فوجيان”، حيث من غير المعروف مدى قدرة توربينات البخار التقليدية ومولدات الديزل على توليد الطاقة لأنظمة الاقلاع وبقية أنظمة السفينة.