الأورطة المصرية السودانية في المكسيك سمعنا عن حاكم يجامل صديقه الحاكم بهدايا من الأموال او الأراضي او حتى الآثار و التاريخ .. لكن هل سمعتم عن حاكم يجامل صديقه الحاكم بفرقة من جيش بلاده .. لا أظنكم سمعتم بذلك من قبللكن هذا ما حدث مع الاورطة المصرية في حرب استقلال المكسيكشهدت المكسيك في تلك الفترة حركة أصلاح ديموقراطي الا ان الدول الأوروبية عارضت تلك الحركة لهذا قامت فرنسا و النمسا بتعيين احد افراد اسرة الهابسبورغ النمساوية و هو مكسيميان الأول حاكما على المكسيكالا ان الحرب ما لبثت ان نشبت بين الدول الاوربية " إنجلترا فرنسا النمسا اسبانيا " و القوى المعارضة في المكسيكو قد تذرعت الدول الأوروبية بعاملة حكومة المكسيك السيئة للرعايا الأوروبيين و عدم سداد ما عليها من ديونالا انه الحقيقة وراء الحرب هي رغبة الدول الأوروبية في صنع حكومة مكسيكية موالية لها لتوازن القوى في أمريكا الشمالية مع الولايات المتحدةالا ان إنجلترا و اسبانيا ما لبثتا ان سحبتا جنودهم من تلك المعركة و تركتا فرنسا وحدها في الصراع .. و هنا لجأ " نابليون الثالث " الى صديقه خديوي مصر " سعيد باشا " ليرسل فرقة من الجنود للمشاركة في القتال هناكو كانت تلك مجاملة من سعيد باشا لصديقه نابيليون الثالث .. تخيلوا ان يجامله بفرقة من جنوده ليذهبوا الى بلاد لا يعرفونها و يحاربوا في طقس لم يعتادوه و على ارض لا يألفوها مع جنود اخرين لا يفهمونهم من اجل قضية لا تخصهمو مع ذلك ذهبت الاورطة المصرية السودانية و التي كانت تتكون من 453 جندي و وصلت الى المكسيك يوم 23 فبراير 1863 بعد ان مات 7 من جنودها خلال الرحلة الطويلة .. و قبل وصولها كان سعيد باشا قد توفى في 18 يناير 1863و كان اول ما واجه الاورطة من مصاعب هي صعوبة التواصل مع بقية الجنود و قد حل هذه المشكلة الجنود الجزائيين الذين تولوا امر الترجمة .. هذا غير صعوبة التضاريس و المناخ و الامراض المعدية .. و بسبب الحمى فقدت الاورطة بعد وصولها بفترة وجيزة قائدهاو رغم كل هذا الا ان الاورطة ابلت بلاءً حسنا في القتالحيث جاء في احدى التقارير الفرنسية عن الاورطة :" تميزت هذه الوحدة بالشجاعة و البراعة في الرماية و قوة التحمل لذلك أوكل إليها دعم المواقع المتقدمة، و تلي أصعب المهام، و هي صد الغارات التي تُشن على قوافل المؤونة و الذخيرة "كما جاء في سجلات قصر عابدين عن الاورطة المصرية السودانية في المكسيك رسالة كتبها الخديوي إسماعيل إلى قائد الحملة يعبر فيها عن تقديره :" ورد على مسامعنا ما قمتم به من ثبات و إقدام في الحرب، و ما أبديتموه من شجاعة و مهارة، ما أوجب الالتفات إليكم من الدولة الفرنسية، وارتحنا غاية الارتياح لما ظهر منكم فحافظتم على الشرف الذي حصلتم عليه من الحكومة المصرية و أقصى آمالنا انقيادكم للأوامر التي تصدر من الجنرال الفرنسي، و حصول سرورنا يكون بحصول سرور الجنرال و سرور الدولة الفرنسية من أفعالكم "كما جاء في التقارير الفرنسية عن الاورطة :" إنها كانت ذات ملابس حسنة وسلاح جيد وهيئة أنيقة واستعداد عسكري يثير إعجاب كل من يراه "" ومن الصعب العثور على كلمات يمكن التعبير بها عن بأس هذه الأورطة البارعة وبسالتها وصبرها على الحرمان واحتمال المشاق وحميتها في إطلاق النار وجلدها على السير "" أبلت الحملة بلاء حسنًا، ولم يبالوا بقوة النيران التي أُطلقت عليهم، وردوا المهاجمين الذين يفوقونهم عددًا بنسبة تسعة إلى واحد "" لقد قاتلت الأورطة بشجاعة نادرة. لم أشاهد قتالًا نشب في هدوء وحماس كما شاهدتهم، فكانت أعينهم وحدها هي التي تتكلم، وكانت جرأتهم تذهل الجميع "و قد عادت الاورطة المصرية السودانية الى مصر بعد ان فقدت 140 جندي من جنودها مات كثيرا منهم بسبب الامراض المعدية .