فاطمة عباس: امتداد لرؤية سميرة موسى في الفيزياء النووية وتجربة PESTSTEP العالمية
تُجسد الباحثة فاطمة عباس اليوم امتدادًا طبيعيًا لمسيرة العالمة الرائدة سميرة موسى، أول عالمة عربية في مجال الفيزياء النووية. وبينما شقت موسى طريقها في منتصف القرن العشرين، تأتي فاطمة في العصر الحديث لتكمل هذه المسيرة من خلال أبحاثها في ألمانيا، حيث تُساهم بدور محوري في التجارب المتقدمة مثل PESTSTEP، ما يُعزز الحضور العربي العلمي عالميًا.
سميرة موسى: الريادة التاريخية
وُلدت العالمة سميرة موسى عام 1917 في مصر، وكانت من أوائل النساء اللواتي دخلن مجال الفيزياء النووية على مستوى العالم. ارتكزت رؤيتها على تحقيق استخدامات سلمية للطاقة النووية، وجعلها متاحة للدول النامية. أجرت أبحاثًا رائدة حول انشطار الذرة، وأسست لأفكار تدعو لتوظيف العلم لخدمة الإنسانية، وليس للحروب أو التدمير.
واجهت موسى عقبات اجتماعية وسياسية، لكنها نجحت بتفوقها العلمي وإصرارها على المساهمة في مجال دقيق. أسهمت موسى في وضع الأسس لفكرة استخدام الفيزياء النووية لتوليد الطاقة ومعالجة الأمراض، حيث كانت تسعى لتطوير العلم لخدمة البشرية في المستقبل.
فاطمة عباس ودورها في تجربة PESTSTEP
تأتي الباحثة فاطمة عباس اليوم كواحدة من العلماء العرب الذين يتابعون تطلعات سميرة موسى في استثمار العلوم النووية لخدمة العالم. تعمل فاطمة على إتمام رسالة الدكتوراه في الفيزياء النووية التجريبية في ألمانيا، وتشارك في تجربة PESTSTEP، وهي واحدة من التجارب المتقدمة التي تُجرى في مراكز بحثية عالمية مثل GSI Helmholtz Centre وFAIR.
تجربة PESTSTEP وأهميتها
تستهدف تجربة PESTSTEP دراسة التفاعلات النووية المعقدة من خلال استخدام مسرعات الجسيمات لدراسة الجسيمات النادرة وغير المستقرة. تُساعد هذه الأبحاث في:
1. فهم أعمق لتطور الكون عبر دراسة العناصر الأساسية وتفاعلات الجسيمات تحت الذرية.
2. تطوير تطبيقات سلمية للطاقة النووية، ما يُسهم في إنتاج طاقة نظيفة ومستدامة.
3. تحسين تقنيات العلاج الطبي عبر استخدام التكنولوجيا النووية لعلاج السرطان وتشخيص الأمراض.
مساهمات فاطمة عباس
تلعب فاطمة دورًا محوريًا في هذا المشروع، حيث تساهم في:
1. تصميم التجارب العلمية: إعداد الأجهزة واختبار الظروف المثالية لإجراء التجارب وتحقيق نتائج دقيقة.
2. تحليل البيانات: معالجة وتفسير البيانات الضخمة الناتجة عن التجارب، للوصول إلى استنتاجات علمية جديدة.
3. التعاون الدولي: تُشارك فاطمة ضمن فرق علمية عالمية، ما يُعزز مكانة العلماء العرب في المراكز البحثية الكبرى.
4. تطوير التكنولوجيا النووية: المساهمة في تحسين التقنيات المستخدمة في دراسة الجسيمات النووية وخصائصها.
الربط بين الماضي والحاضر: من سميرة موسى إلى فاطمة عباس
ما يجمع بين سميرة موسى وفاطمة عباس هو الإصرار على تحقيق الريادة العلمية في مجال يُعد من أعقد التخصصات العلمية.
• الرؤية المشتركة: سميرة موسى سعت إلى جعل الطاقة النووية أداة للسلام والتنمية، وهو ما تسهم فيه فاطمة عباس اليوم عبر أبحاثها في الطاقة النووية السلمية.
• التفوق العلمي: كلتا الباحثتين تمثلان نموذجًا لقدرة المرأة العربية على تحقيق إنجازات علمية عالمية رغم التحديات.
• البُعد العالمي: بينما كانت سميرة موسى تحلم بعالم يستفيد من الطاقة النووية بأمان، فإن فاطمة عباس تُحقق هذا الحلم على أرض الواقع ضمن تعاون علمي دولي في كبرى المراكز البحثية في ألمانيا.
دور فاطمة عباس في تمكين الأجيال الجديدة
تُعد فاطمة نموذجًا يُحتذى به لجيل جديد من الباحثات العربيات الطموحات. نجاحها في العمل ضمن فرق علمية دولية في ألمانيا يعزز فكرة أن العلم بلا حدود، وأن الإبداع والابتكار هما لغة مشتركة تجمع العلماء من مختلف أنحاء العالم. استمرارها في تجربة PESTSTEP يُسلط الضوء على مساهمات العلماء العرب في تطوير الأبحاث العالمية، ويُحفز المزيد من الشباب على اقتحام المجالات العلمية الدقيقة.
خاتمة
فاطمة عباس ليست فقط امتدادًا لمسيرة سميرة موسى، بل هي دليل على قدرة المرأة العربية على المنافسة عالميًا في مجالات الفيزياء النووية والتجارب العلمية المتقدمة. من خلال أبحاثها في ألمانيا ومشاركتها في تجربة PESTSTEP، تُثبت فاطمة أن الطموح والالتزام بالعلم قادران على كسر الحواجز وتحقيق إنجازات علمية تُفيد البشرية جمعاء.
