أخبارمقالات وآراء

العندليب الاسمر وموضة الشعر الطويل

العندليب

كان عبد الحليم حافظ هو الموديل الذي يلهم الشباب سواء في ملابسه او قصة شعره كما كانت اغانيه هي دستور الحب الذي انتهجه كل شبان وفتيات العالم العربي ..وفي السبعينات كانت موضة الشعر الطويل والبنطلون الشارلستون، ونظرا لأني كنت من اصحاب الشعر الاكرت فقد انتشرت بين الشباب موضة فرد الشعر ولكن لم يكن في مدينتنا البسيطة الصغيرة “العريش” ذلك الصالون الذي يقوم بهذه المهمة فكنا احيانا نذهب الى غزة لصالون بحي الرمال امام سينما النصر بشارع عمر المختار فيقوم بالمهمة ثم عمل سيشوار فتخرج منه مزهوا طائرا تريد ان تقوم باداء دور البطل في احد الافلام الرومانسية او تغرد صادحا باغاني العندليب الاسمر التي تهز وجدان الحجر في زمن شحيح العواطف مغلق محافظ برغم انفتاح مدن الكيان الاسرائيلي المحتل على مصراعيها تصخب بكل الوان المجون ولم يكن الامر صعبا في الوصول اليها، ولكن كان حال الناس “لكم دينكم ولي دين”فظلت المجتمعات العربية المحتلة تحتفظ بقيمها ومبادئها وعاداتها وتقاليدها، ونظرا لانه من الصعب تكرار رحلة غزة الى ذلك الصالون من حين لاخر فقد كان البعض قد اخذ الخلطة السحرية لعملية فرد الشعر ومنهم ابن خالتي “سعيد” وقد كان قد توقف عن التعليم واصبح يعمل في الداخل الفلسطيني في مهنة المحارة الى ان اصبح “معلم” وفي اجازته الاسبوعية كان يمارس هوايته بعمل الخلطة وهي عبارة عن نشا مع صودا كاوية، ونظرا لانه كان يتعامل معها كأنها خلطة محارة فلم يكن يحسبها بالمقادير فاحيانا تكون خفيفة فتقوم بمهمة فرد الشعر دون تقرح بفروة الرأس واحيانا العكس، فكانت امي الحاجة وهيبة”ياسمين” تقوله “انت ياخالتي زي اللي بيتعلم الزيانة في روس الحزانا” وكلما اذهب لاقص شعري اتذكر سعيد رحمه الله حيث هناك جزء شبه فارغ في مؤخرة رأسي وهو غير موجود في كل اخوتي وانا اصغرهم ولكنهم لم ينعموا بالانامل الذهبية لصالون” سعيد،” وخلطته الحارقة، والتي لم تكن لتجعل الشعر حرير عالخدود يهفهف ويرجع يطير، كقول عبد الحليم ولكن هي “الموضة”، وعندما ارى بعض صوري الفوتوغرافية وابناء جيلي اضحك كثيرا من هذه الاشكال العجيبة ولكن ظهرت بعد ذلك موضات كالهيبز وهي الاسوأ الى ان وصلنا الى زمن الجينز المقطع الذي لم يكن يخطر ببال احد ان يراه في الجامعات والشوارع وعلى الشاشات يرتديه فنانون ومطربون واشكال لقصات الشعر كانت بالامس مثارا للضحك، كل هذا اصبح موضة واللا معقول اصبح عادي حتى الفاظ اللغة ماكان عيبا اصبح لغة دارجة، وذهب زمن عبد الحليم بشعره الاسود الطويل وجاء زمن له كل يوم ترند ورقصة والف قصة شعر لكنها لا تشبه ذلك الزمن ال”سعيد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى