أخبارثقافة وفنون

واحات وجبال الغردقة.. ثروات أثرية وسياحية تعانى الإهمال

تضم المنطقة الصحراوية المواجهة لغرب مدينة الغردقة، واحدًا من أكبر كنوز مصر المجهولة، وهى مجموعة من الواحات والأودية والمدن الرومانية القديمة، والحصون والبوابات، ومناجم الذهب، العيون الطبيعية، والكهوف القبطية، والتى تضم واحات الكفرة وأودية وجبال كانيون القطار والبديع وجبل الدخان، ما جعل هذه المنطقة المليئة بالمعالم الأثرية الفريدة نقطة اتصال هامة فى التاريخ القديم بين البحر الأحمر وصعيد مصر، ولكنها حتى الآن لم تُستغل كما يجب فى سياحة السفارى الصحراوية التى تستقطب آلاف السائحين الباحثين عن مغامرات فى قلب الصحراء وتضم هذه المناطق العديد من المواقع التى تعكس بوضوح ثروات مصر التاريخية والطبيعية، فبينما تمتد واحات الكفرة التى تحتوى على عيون مياه عذبة تغذى الحياة الصحراوية، تتناثر المدن الرومانية والحصون والبوابات التى كانت فى الماضى محطات سداد الضرائب ونقاط تفتيش على الطريق التجارى القديم الرابط بين البحر الأحمر وصعيد مصر وتشير الوثائق التاريخية إلى أن هذه المواقع كانت تحظى بأهمية استراتيجية، حيث كانت القوافل التجارية تتوقف فى هذه النقاط لدفع الضرائب مقابل المرور عبر الطريق التجارى، كما تتميز المنطقة بوجود أشجار التين والنخيل والسيال التى تزدهر فى بعض المناطق، ما يجعل هذه الواحات بيئة طبيعية ساحرة تجمع بين التاريخ والجمال.

وفى خطوة مهمة نحو الاستفادة من هذه الكنوز الطبيعية والتاريخية، شهدت المنطقة جولة تفقدية لهذه المناطق لعدد من قيادات المجلس الأعلى للآثار، ومنطقة آثار البحر الأحمر بهدف تطوير المنطقة تمهيدا لإعدادها لاستقبال زيارات الوفود السياحية وقامت لجنة من المجلس الأعلى للآثار بإجراء معاينة لعدد من المواقع الأثرية بمناطق وادى جبل الدخان شمال غرب مدينة الغردقة، تنفيذًا لقرار الدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. وتكونت اللجنة من محمد عبد البديع حرب رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، وعبدالرحيم الجامعى مدير عام آثار البحر الأحمر، وحسين الأمير مدير عام المساحة والأملاك لمصر العليا، وعدد من مديرى المناطق وكبار المفتشين. وتأتى هذه اللجنة ضمن اهتمام المجلس الأعلى للآثار بكل المواقع الأثرية وضمها لقانون حماية الآثار، وكذلك تسليط الضوء على المدن الصناعية القديمة المنتشرة بالصحراء الشرقية وخطط تطوير المواقع الأثرية وإعدادها للزيارة بتعاون محافظة البحر الأحمر للعمل على زيادة عوامل الجذب السياحى.

وطرح عدد من العاملين بالقطاع السياحى، فكرة إنشاء منتجع جبلى سياحى ضخم فى المنطقة، الذى من شأنه أن يجذب المزيد من السياح الراغبين فى اكتشاف سياحة السفارى الصحراوية والتمتع بالتنوع البيولوجى والثقافى لهذه الواحات العميقة وقال صابر عودة، أحد منظمى رحلات السفارى الصحراوية بالغردقة، إن هذه الواحات والجبال تعد من أهم المواقع السياحية فى البحر الأحمر، لا سيما بوابة الصعيد للبحر الأحمر فى العهد الرومانى، موضحا أن محطات سداد الضرائب التى كانت تشرف على ١١ قلعة رومانية تمتد من البحر الأحمر حتى حدود وادى قنا، تشكل أماكن غنية بالآثار والتاريخ، ما يجعلها وجهة مثالية لعشاق المغامرة والسياحة الثقافية وأضاف أنه تم التقدم بطلب إلى وزارة الآثار لإعادة ترميم هذه المواقع وتطويرها لتصبح محطات سياحية مهمة، خاصة فى ظل الزيادة المطردة فى أعداد السائحين الذين يتوجهون إلى البحر الأحمر للتمتع بعطلات السفارى الصحراوية وعلى الرغم من القيمة التاريخية والتنوع البيئى الفريد لهذه المواقع. وأوضح أن هذا التراث يواجه خطرًا داهمًا يتمثل فى الإهمال وعدم الحماية، والمنطقة تعانى من غياب الحراسات الأمنية على هذه المواقع الأثرية، وهو ما يعرضها لعمليات السرقة، مشيرًا إلى أن استغلالها بشكل صحيح يمكن أن يسهم فى رفع الوعى السياحى وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة.

وأكد الدكتور حجاج نصر الدين، المتخصص فى الجيولوجيا والخبير البيئى، أن واحات الكفرة وكانيون القطار والبديع من أبرز النقاط التى تستحق الاهتمام، فهى تحتوى على عيون مياه عذبة نادرة وسط الصحراء الشرقية وكانت تمثل طريقًا رومانيًا رئيسيًا للربط بين البحر الأحمر وصعيد وأضاف أن هذه الواحات كانت بمثابة محطات استراحة للقوافل التجارية فى العصور القديمة، ويحتفظ الجزء الأكبر منها بهيئته الطبيعية البكر التى تمنحها قيمة سياحية استثنائية، كما أن هذه المناطق تحتوى على مجموعات من الأشجار والنباتات التى تجعلها بيئة خصبة للعديد من الأنواع الحية، بالإضافة إلى الكهوف القبطية التى تعتبر من الأماكن التاريخية الهامة فى المنطقة.

وأوضح أنه فى ظل هذه التحديات، فإن الفرصة سانحة لتطوير هذه المنطقة السياحية الفريدة من نوعها ولكن يتطلب ذلك دعمًا حكوميًا كبيرًا لإحياء هذه المواقع، ونجاح هذه المشاريع لا يتوقف فقط على الترميم، بل على تنظيم رحلات سياحية ودورات تدريبية للعاملين فى مجال السياحة الصحراوية والحفاظ على البيئة وأكد أنه من الضرورى أن يتم تفعيل الشراكات مع شركات السياحة العالمية لتطوير هذه المواقع التاريخية وتحويلها إلى مناطق جذب سياحى، مع التركيز على التسويق والتوعية لأهمية الحفاظ على هذه المناطق تتمتع واحات الكفرة وكانيون القطار والبديع والدخان بقدرة هائلة، على أن تصبح وجهة سياحية عالمية لعشاق المغامرات والتاريخ، ولكن لتحقيق ذلك، يحتاج الأمر إلى تعاون جاد بين وزارة السياحة والآثار، والجهات المعنية فى المحافظة، للاستفادة من هذه المناطق الأثرية فى السياحة الصحراوية قد يكون الحل الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة فى المنطقة، وفى نفس الوقت الحفاظ على تراثنا الثقافى والبيئى للأجيال القادمة.

وقال بدوى عبدالكريم، مرشد سياحى، إن المنطقة مقصد سياحى مميز يمكن عمل برامج للسفارى لها يسهم فى جذب السائحين وزيادة الدخل القومى ويتطلب إحياء المنطقة إجراء ترميم للمعبد الرومانى عن طريق بعثة من وزارة الآثار وعمل الدراسات اللازمة لتجهيزها لاستقبال السائحين، وإدراجها ضمن رحلات الشركات السياحية كمقصد سياحى تاريخى بالبحر الأحمر.

وأضاف أن منطقة جبل الدخان تمثل أهم منطقة أثرية رومانية وتحتوى على آثار مختلفة، وأن المنطقة مفتوحة ولا توجد حراسة عليها وتقع على بعد ٦٥ كيلومترا فى صحراء الغردقة وتضم مدنًا وبوابات رومانية وعيون مياه عذبة وأشجارًا للتين والنخيل وكهوفًا قبطية، بالإضافة إلى ١١ نقطة تفتيش قديمة كانت تشرف على تأمين الطريق القديم الواصل بين البحر الأحمر والصعيد وتحصل على ضرائب على قوافل التجارة والتى لم تستغل للترويج لها فى سياحة السفارى الصحراوية التى يقبل عليها آلاف السائحين القادمين للمحافظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى