تعطيل مئات السيارات في ألمانيا ـ جزء من حرب روسيا الهجينة؟

تحليق مسيرات فوق منشآت عسكرية، تخريب في البنية التحتية والمرافق العامة وتدمير كابلات بحرية؛ هذه فقط نماذج من الحرب الهجينة المنسوبة لروسيا في ألمانيا وأوروبا. والآن عملية رش رغوة البناء في أنبوب عوادم مئات السيارات!. لا يستغرق الهجوم إلا ثوانٍ معدودة: رشة أو رشتان من زجاجة رغوة البناء في أنبوب عادم سيارة مركونة على الطريق. وبمجرد أن تتصلب الرغوة، لن تتمكن السيارة من الإقلاع. هل هو مقلب؟ أم لعب مراهقين؟ أم عمل سياسي لنشطاء حماية المناخ؟
بحسب تقارير إعلامية، تنطلق الشرطة في ولايات بادن فورتمبيرغ وبافاريا وبرلين وبراندنبورغ من فرضية وجود المزيد من الغموض حول الأمر. منذ شهر كانون الأول/ديسمبر، تم تعطيل 270 مركبة بهذه الطريقة. وتقود خيوط التحقيقات الأولية إلى وقوف أشخاص في روسيا وراء العملية.
استجوبت الشرطة أربعة من المشتبه بهم. واعترف أحدهم بأن شخصاً من روسيا هو من قام بتجنيدهم وأن التعليمات جاءت من روسيا عبر تطبيق على الهاتف المحمول. وتلقى المشتبه بهم 100 يورو عن كل سيارة يتم استهدافها وعدة آلاف من اليورو كدفعة أولى ولمرة واحدة.
وتعتقد السلطات الألمانية أن الأمر يتعلق بعملية تخريب روسية للتأثير على الحملة الانتخابية الجارية قبل الانتخابات العامة المقررة في 23 شباط/فبراير 2025. وأنالينا بيربوك مرشحة عن حزب الخضر لخوض الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير/شباط عن أحد المقاعد عن ولاية براندنبورغ. وحزب الخضر من أبرز داعمي أوكرانيا في تصديها للعدوان الروسي.
وبحسب الحكومة الألمانية، فإن روسيا تدخلت في الحملة الانتخابية في الانتخابات العامة الأخيرة في عام 2021. منذ الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، تضاعف عدد التدخلات، حسبما يقول جهاز مكافحة التجسس العسكري (MAD)، أحد أجهزة المخابرات في ألمانيا، في تحليل له.
وكتبت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك في بيانها “لا يمكننا تجاهل حقيقة أن التهديد الهجين قد تفاقم منذ ذلك الحين (بدء الغزو الروسي لأوكرانيا). على سبيل المثال، قبل بضعة أشهر، نقلت تقارير أن “وكالة التصميم الاجتماعي” التابعة للكرملين تلجأ بشكل متعمد إلى التزوير والأكاذيب لتقسيم المجتمعات وزعزعة استقرارها. كما تستهدف حملات الكرملين الأحزاب الديمقراطية في ألمانيا”.
وتتبع للكرملين شبكة من مئات الآلاف من الحسابات الآلية (ما يسمى بـ “الروبوتات”) على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تقدم نفسها على أنها حسابات لأناس عاديين وتنشر الدعاية المؤيدة لروسيا عدد الحالات في تزايد
إن عملية التخريب باستخدام رغوة البناء ليست الموجة الأولى من عمليات التخريب “الرخيصة” وصغيرة الحجم. منذ أشهر، يراقب المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية في ألمانيا) توجه أجهزة المخابرات الروسية إلى توظيف مجرمين صغار في البلدان المستهدفة لارتكاب الجرائم. ويقال إن أربعة شبان من صربيا والبوسنة والهرسك وألمانيا هم من المشتبه بهم في القضية الحالية المتعلقة بتعطيل السيارات برغوة البناء.
وقائمة الاعتداءات لا تنتهي: حرق الطرود في مراكز توزيع البريد وفي الطائرات، وتحليق مسيرات فوق منشآت الجيش الألماني، وأعمال التخريب في أسوار الثكنات، والدخول غير المصرح به إلى مناطق التدريب العسكري، وتخريب البنية التحتية في السكك الحديدية والمرافق العامة. ووفق أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وقع هجوم مشتبه به على رئيس شركة الأسلحة الألمانية راينميتال. ومن المرجح أن تشمل الاستراتيجية الروسية الهجينة أيضاً تدمير الكابلات البحرية في بحر البلطيق بواسطة ناقلات “أسطول الظل” الروسي، وهي ناقلات رخيصة تنقل النفط الروسي إلى آسيا.
وألمانيا ليست الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي تنشط فيها الاستخبارات الروسية. وفي مقابلة مع DW، أشارت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى أن روسيا تحاول ممارسة نفوذها في كل مكان: “لا ينبغي لنا أن ننظر إلى كل حادث من هذه الحوادث على حدة، بل يجب أن ننظر إليها في سياق أوسع. يتعين علينا أن نفهم أن نوايا روسيا تجاه أوروبا والبنية الأمنية الأوروبية لم تتغير”.
وبناء على ما سبق، تقوم السفن البحرية من دول بحر البلطيق الآن بدوريات مشتركة لمنع الهجمات الروسية على الكابلات البحرية.
وقد اشتكى ساسة ألمان يركزون على الأمن الداخلي، كعضو البرلمان عن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي رودريش كيزيفيتر، من استغراق مقاضاة أعمال التخريب المزعومة وقتاً طويلاً،: “ستمر أشهر أو حتى سنوات قبل الانتهاء من التحقيقات وجمع الأدلة ومن ثم المحاكمات وانتهاء بإصدار الأحكام. وبحلول ذلك الوقت، سيكون قد فر المجرمون إلى الخارج والعملاء الروس منهمكين في العملية التالية”.