ألمانيا تلغي “التجنيس السريع”.. اندماج أم تقييد للهجرة؟

ألغى البرلمان الألماني برنامجاً لمنح الجنسية بشكل سريع في خطوة يراها كثيرون بأنها تعكس التغير المفاجئ للموقف إزاء الهجرة داخل أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي رغم أزمة نقص العمالة. أقر البرلمان الألماني إلغاء ما يعرف بـ “التجنيس السريع” الذي كانت الحكومة الائتلافية السابقة برئاسة المستشار أولاف شولتس أقرته للأجانب المندمجين بشكل جيد في المجتمع الألماني.
وتعهد المحافظون بزعامة المستشار فريدريش ميرتس خلال الحملة الانتخابية بإلغاء التشريع الذي يتيح “لمن اندمجوا بشكل استثنائي” الحصول على الجنسية الألمانية خلال ثلاثة أعوام بدلاً من خمسة.
ومن بين 300 ألف تقدموا بطلبات الحصول على الجنسية في عام 2024، وهو رقم قياسي، لم يتم قبول سوى بضع مئات عبر مسار التجنيس السريع الذي كان يهدف بالأساس إلى أن يكون حافزاً للعمالة الماهرة لاختيار الاستقرار في ألمانياالتي تعاني من نقص حاد في العمالة.
ويتعين على المرشحين إثبات إنجازات مثل اتقان اللغة الألمانية، أو الخدمة التطوعية أو النجاح المهني أو العلمي. التجنيس نهاية الاندماج”
وجاء إقرار الإلغاء بفضل أصوات الائتلاف الحاكم الجديد المكون من الاتحاد المسيحي برئاسة ميرتس والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وبفضل دعم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي.
ويتكون الاتحاد المسيحي من حزب ميرتس المسيحي الديمقراطي وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري. يذكر أن حزب البديل يمتلك ثاني أقوى كتلة داخل البرلمان (البوندستاغ).
من جانبه، أوضح وزير الداخلية الألماني أن التجنيس هو نهاية عملية الاندماج، لا بدايتها، مؤكداً أن ” جواز السفر الألماني يجب أن يمنح كتقدير لنجاح الاندماج، لا كحافز للهجرة غير الشرعية”. إشارة خاطئة”
وقالت سونيا آيشفيده، نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي إن عدد الحالات المنخفض يظهر أن التجنيس السريع لم يكن العنصر الأساسي في قانون الجنسية، مشيرة إلى أن الإبقاء على إمكانية ازدواج الجنسية هو الأمر الأكثر أهمية.
بدوره اتهم فرات كوكاك من حزب اليسار حزبي الاتحاد المسيحي بأنهما “من خلال سياستهما في الهجرة، يرسخان في المجتمع كراهية الأجانب التي يروج لها حزب البديل”.
ورأي سياسيون من المعارضة وباحثون في مجال الهجرة إن هذا التغيير سيُعطي انطباعاً للمهاجرين ذوي الكفاءات العالية بأن ألمانيا لا ترحب بهم، في وقت تعاني فيه البلاد من تراجع ديموغرافي.
وقالت فيليتس بولات، المديرة البرلمانية لكتلة الخضر، أمام نواب البرلمان إن “ألمانيا في منافسة للحصول على أفضل العقول في العالم، وإذا اختار هؤلاء الأشخاص ألمانيا، فعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا للاحتفاظ بهم،” بحسب تقرير لصحيفة “الغارديان”.
بدوره، قال رئيس حزب الخضر، فيليكس باناشاك، لموقع Web.de الإخباري إن هذا التراجع “يُرسل إشارة خاطئة في وقت نحن فيه بحاجة إلى كل طاقاتنا، سواء كان الشخص يعيش هنا منذ ثلاث سنوات أو منذ ثلاثة أجيال.”