مقالات وآراء

زيارة أوباما لإسرائيل خطأ فادح

علقت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية على زيارة الرئيس باراك أوباما لإسرائيل، وقالت إن هذه الزيارة خطأ فادح، وإنه لا معنى لتوقيتها خلال هذه المرحلة، مؤكدة أنها مجرد مضيعة كبيرة لوقت أوباما في فترة لا تتطلب منه إضاعة أي وقت.
وأضافت أن أوباما ترك أزمات الشرق الأوسط مثل تسريع إيران لبرنامجها النووي، واقتراب الحرب الأهلية السورية من الحدود، ومرور التحول السياسي في مصر بمرحلة خطرة بعد عامين من الإطاحة بحسني مبارك، وسعى لاغتنام الفرصة والتحدث مباشرة مع الإسرائيليين.
وأشارت إلى أن الهدف الظاهر من هذه الزيارة طمأنة الإسرائيليين بأنهم سيجدون دعما بشأن الأزمة الإيرانية، وإظهار رغبته في إعادة تقديم نفسه للإسرائيليين بعد مشاعر الغضب التي صاحبت زيارته للقاهرة خلال فترة ولايته الأولى، فضلا عن إظهار مشاعر الإعجاب ببراعتهم التكنولوجية، ليكون ذلك سببا في شعور الإسرائيليين بميل أكبر لتحقيق السلام مع الفلسطينيين.
وقالت المجلة إنه إذا ناقش أوباما قضايا مثل تجنيد اليهود المتشددين أو أسعار الشقق في تل أبيب فسيجد آذانا كثيرة تستمع إليه، فمثل هذه القضايا هيمنت على انتخابات إسرائيل الأخيرة، أكثر من قضيتهم المستقبلية مع الفلسطينيين، لكنه سوف يستمع لخطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ومنها مساعي وزير الدفاع موشيه يعلون لقصف إيران، ورغبة وزير الإسكان يوريي آرييل في بناء مستوطنات جديدة.
وتُذكّر «فورين بوليسي» بفشل زيارة نائب الرئيس الأميركي جون بايدن إلى إسرائيل قبل ثلاث سنوات، حين حاول أيضا طمأنة الإسرائيليين بشأن علاقتهم مع الولايات المتحدة، لكن ظهرت أنباء حول سماح وزارة الداخلية الإسرائيلية ببناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية، الأمر الذي أفسد أجواء تلك الزيارة ودفع بايدن لتوبيخ نتنياهو أثناء تناولهما وجبة العشاء، وظلت العلاقات فاترة بين الجانبين بعد شهرين من تلك الزيارة. كما أشارت إلى تصريح نتنياهو العام الماضي أن أوباما لا يمتلك «الحق الأخلاقي» بوقف إسرائيل عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد طهران، معتبرا أن أوباما «ساذج» إزاء قضايا الشرق الأوسط، تاركا انطباعا قويا بأنه يدعم فوز ميت رومني في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
تقول المجلة: رغم ما سبق توجه أوباما إلى تل أبيب في زيارة قال عنها باري روبين، الناقد الأميركي المؤيد لإسرائيل: «أعتقد أن الإسرائيليين حققوا انتصارا كبيرا.. لقد أقر أوباما بفشله في الضغط على إسرائيل والتأثير عليها».
ورغم أن البيت الأبيض لا يريد أن يكون نتنياهو أو حكومته الجديدة محور هذه الزيارة -وهذا سبب أن أوباما سيخاطب طلاب الجامعات الإسرائيلية في قاعة مؤتمرات بدلا من التحدث أمام الساسة داخل الكنيست- لكن حين يتعلق الأمر بتعاطي الإسرائيليين مع الزيارة سوف تتجه دائرة الضوء إلى نتنياهو وحظوظه السياسية، وسينظر إليه باعتباره منتصرا في معركته مع أوباما، وسيكون نتنياهو كالذي يقول: «ليس بوسعي فعل شيء حيال القضية الفلسطينية، لكن أستطيع الاستمرار في توسيع المستوطنات، والتركيز على إيران، وإهانة رئيس الولايات المتحدة، الذي لن يستطيع التوقف عن زيارتنا وتقديم الشكر لي».
وتوضح المجلة أن رؤساء أميركا السابقين بذلوا الكثير من الجهد والوقت في هذا الشأن، لكنهم فشلوا بشكل يفسر لماذا يريد البيت الأبيض تجنب النزاعات الشائكة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثل قضايا القدس والمستوطنات واللاجئين. وتساءلت: لماذا إذاً ذهب أوباما لزيارة إسرائيل؟ هل حقا يحاول إصلاح العلاقات مع أكبر حلفاء أميركا في الشرق الأوسط وإعادة تقديم نفسه للإسرائيليين وطمأنتهم بأنه يفهم أوضاعهم؟ وقالت: إذا كان ذلك صحيحا فهو حقا مضيعة للوقت، لكن ليس معنى ذلك أن هذه الزيارة لن يجنى من ورائها أي خير، فرغم أن الهدف الظاهر منها إصلاح العلاقة مع الإسرائيليين، لكن ربما يرسل أوباما بإشارة هامة إلى طهران مفادها: إن مواقفي لا تعني أنني لن أقف مع الإسرائيليين لمنعكم من امتلاك سلاح نووي.
وختمت المجلة بالقول: إذا أراد أوباما حقا فعل شيء من وراء زيارته أكثر من مجرد إرضاء الإسرائيليين، فينبغي عليه حين يلقي كلمته في القدس يوم الخميس القادم أن يدعو الإسرائيليين إلى التوقف عن القول إنهم لا يجدون شريكا حقيقيا في عملية السلام، وأن يبدؤوا في الجلوس فورا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى