المسترجلات السعوديات: افراط هرموني ام كسر للتقاليد؟
اقتحمت ظاهرة “استرجال المراة” أو “البوية” اسوار المجتمع السعودي المحافظ والمغرق في التقيد بالعادات والتقاليد الصارمة، واثارت عاصفة مدوية من الجدل حولها حيث اعتبرها الغالبية العظمى شكلا من اشكال التمرد على القيم والعادات الخليجية الاصيلة ومواكبة رديئة للموضة والتمدن.
الا ان اصوات البويات تتعالى وسط هذا الاستنكار والرفض لهن، ليبررن ذلك بولادتهن ذكورا في أجساد اناث او برغبتهن الجارفة في كسر القيود المسلطة على المراة السعودية وتحطيم حواجز الاستكانة والخوف.
ويطلق لقب البوية في السعودية على الفتاة المسترجلة التي تقلد الذكور في لباسها وسلوكها وقصة شعرها وتتعامل بفظاظة مع محيطها، وترفض وضع الماكياج أو ارتداء الإكسسوارات النسائية وتربط أحيانا علاقات عاطفية مع بنات جنسها.
لكن بعض ممن يصفهن المجتمع بالبويات يؤكدن أنهن ولدن ذكورا في أجساد إناث، ويعترفن بأنهن يعانين كثيرا بسبب انجذابهن العاطفي وأحيانا الجنسي للبنات ما يجر عليهن نقمة الأهل والمجتمع.
ويرى مختص في علم النفس بالرياض انه ينبغي على أولياء الأمور الالتفات لبناتهن والاهتمام بمعالجتهن مع ضرورة عرضهن على الاختصاصيين “فقد يكون وراء هذه التصرفات إفراط هرموني”.
وقالت واحدة منهن على منتدى “بويات” الخاص “انها لا تقوم “بشيء خاطئ”، واضافت “أنا خلقت هكذا: “داخلي رجل يشتهي البنات، ليس لدي ذنب في الموضوع فلماذا أذهب إلى الجحيم؟”.
وأرجع الصحافي السعودي يوسف القفاري في مقابلة مع موقع “راديو سوا” سبب ظهور البويات في السعودية إلى “ثقافة الكبت والفقد العاطفي والتفكك الأسري” التي بدأت تنتشر في المجتمعات الخليجية، وشدد على أن الحلول التربوية هي الطريقة المثلى لمنع “المظاهر والسلوكيات الخاطئة والغريبة بالمدارس السعودية”.
ويؤكد المحلل النفسي الدكتور هاني عبدالله الغامدي أن انتشار “الاسترجال” بين الفتيات يشير إلى دوافعهن لأنهن يعانين من الحرمان العاطفي و”هو الدافع الأبرز لظهور مثل هذه الحالات”.
وطلبت الدكتورة نادية نصير وهي أخصائية اجتماعية، الأسر الخليجية بمراقبة سلوك بناتهن خصوصا إذا ما قمن بـقطع شعرهن على شكل قصات ذكورية قصيرة جدا، أو بدأن يملن لارتداء ملابس الذكور، أو توقفن عن لبس الإكسسوارات النسائية مثل الأقراط والخواتم.
ودخلت فتاة سعودية اخرى عالم البويات تمردا على أسرتها ومجتمعها، وتشعر أن في داخلها يوجد ذكر قوي يميل للمنازعة ويرغب في فرض سطوته على من حوله ليقهر صورة المراة الضعيفة المغلوبة على امرها.
ويبقى وضع المراة السعودية دون المعايير العالمية وهي تخضع لقراءة متشددة للشريعة الاسلامية تفرض عليها العديد من الضوابط وتمنعها مثلا من قيادة السيارة او السفر للخارج بدون اذن ولي امرها.
ويتعذر على النساء العمل في قطاعات كثيرة وحيوية بحكم منع الاختلاط بين الجنسين.
وتحرم المراة السعودية في كثير من الاحيان من حقها في حضور اكبر الفعاليات الاجتماعية والترفيهية والتثقيفية بذريعة منع الاختلاط.
وهربت 1400 فتاة سعودية من منزل الاسرة خلال عام واحد، بسبب التشدد العائلي والتعنيف والإهمال وسوء المعاملة.
وتوفر مواقع الإنترنت فسحة كبيرة للفتيات “المسترجلات” وهامشا كبيرا من الحرية في التعبير عن رغباتهن، وهذا ما يفسره الحضور القوي لهن على الشبكة العنكوبتية، وخاصة في مواقع الترابط الاجتماعي.
ويؤكد مراقبون أن موقع “فيس بوك” يضم عدد كبير من المجموعات الخاصة بالمسترجلات من دول الخليج كمجموعة “بويات قطر” التي يبلغ عدد أعضائها 21 و”بويات الكويت” التي تضم 160 عضوة، في حين يصل عدد المنضمات لمجموعة “بويات وليديات” في مدينة الرياض وحدها لأكثر من 1100 عضوة.
ويوجد هاشتاغ خاص بالبويات على الموقع الاجتماعي يـُستخدم لنشر آخر أخبار الفتيات المسترجلات، كما يستغله البعض لنشر صور جنسية فاضحة أو سور قرآنية وأحاديث للرسول تؤكد أن “المتشبهات بالرجال سيكون مصيرهن النار في الآخرة”.
واطلق سعوديون حملة على تويتر لهداية الفتيات المسترجلات وارشادهن الى الطريق الصواب.
وتؤكد الباحثة النفسية السعودية فاطمة الهاجري انتشار ظاهرة البويات في مدارس المملكة.
وتضيف “الظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ جدا داخل المدارس كالمشاجرات والخلوات وتم اتخاذ الإجراءات النظامية حيالها والمتمثلة في استدعاء أولياء أمورهن ومواجهتهم بما هو حاصل وتوعية الأم أيضا”.
وتتعالى اصوات في المملكة محذرة من انتكاسة فطرة الأنثى لأن تكون أماً وزوجة فيما بعد، باعتبارها لا تقتصر فقط على مخالفة الفطرة بالشكل الخارجي، بل بالممارسات السلوكية المنحرفة والميل للجنس المماثل تحت مظلة الحرية الشخصية”.
وتحظى قضية “البويات” باهتمام السلطات الدينية والاجتماعية في دول الخليج، وخصوصا في المملكة العربية السعودية التي تعترف بوجود هذه الظاهرة وتحاول التعامل معها باللين مرة وبالشدة مرات.
وقررت السلطات السعودية في وقت سابق منع دخول طلاب وطالبات “الإيمو والبويات”، أي “الفتيات المسترجلات” من دخول الجامعات.
وحذرت وثيقة حكومية سعودية من انتشار ظاهرتي “الإيمو” و”البويات” في أوساط طلاب التعليم العام والجامعي في المملكة، وطالبت نحو عشرين جهة حكومية ذات علاقة بمتابعة الظاهرتين وتطبيق نظام رادع بحقهم.
وتراوحت العقوبات التأديبية بين أخذ تعهد على الطالب المنتمي لصنف “الايمو” او “البويات” بعدم تكرار المخالفة وحسم درجتين من درجات سلوك الطالب وإشعار ولي أمره، مع إحالته إلى وحدة المساعدة الإرشادية، إلى نقل الطالب لفصل آخر أو مدرسة أخرى، واستدعاء الجهات الأمنية في حال المخالفات السلوكية.
ونفذت وحدة الخدمات الإرشادية بإدارة التوجيه والإرشاد للبنات بتعليم جدة مؤخراً ورشة عمل بعنوان “آليات التعامل مع حالات اضطراب تحديد الهوية والجنس”البويات والايمو” استهدفت 30 مرشدة طالبات لإكسابهن الأساليب المهنية المتخصصة في التعامل مع حالات اضطراب الهوية والجنس “البويه” كونها حالات تُعبر عن معتقدات بعيدة عن الهوية الإسلامية.
وذكرت تقارير صحافية أن ستة من البويات أفلتن من قبضة رجال الشرطة والهيئة في الدمام في السابق، إثر إحداثهن فوضى وإزعاجا في أحد المجمعات التجارية بالدمام قبل أن يتم طردهن من مسئولي المجمع الذين رصدوا مخالفاتهن أمام المتسوقين.
وتتولى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متابعة ذلك في الأماكن العامة، ومراعاة التقيد بالتعليمات المتضمنة ضوابط التعامل مع من تصدر منه تلك المخالفات والسلوكيات غير المقبولة.