مقالات وآراءوفيات
وداعا أيقونة الإعلام شيرين ابو عاقلة
وداعا أيقونة الإعلام
لست من هواة قناة الجزيرة ولكني احب طريقة تغطيتها لاحداث الأرض المحتلة فهناك براعة واستبسال واضح من المراسلين سواء في غزة او الضفة الغربية لتغطية الانتهاكات الإسرائيلية وكنت دائما اشفق على جيفارا البديري والراحلة العظيمة شيرين ابو عاقلة اللتان كانتا دائما في قلب الحدث،وفجعت اليوم مثل الملايين في كل العالم باستهداف شيرين برصاصة قاتلة في جذع المخ بين غطاء الرأس وسترة الصدر وعلى مسافة محسوبة وما اشبه اليوم بالبارحة فمنذ اثني وعشرون عاما رأينا نفس المشهد وجنود الاحتلال الاسرائيلي يقتلون الطفل محمد الدرة ووالده يأخذ ساترا في الانتفاضة الفلسطينية الباسلة وبالامس رأينا زميلتها ساندي تأخذ الشجرة ساترا وتحاول أن تمد يدها إليها وهي جثة هامدة فالرصاصة قاتلة ومحكمة التنشين بل ومقصودة وارادوا أن يخرسوا صوتها إلى الأبد فهي صوت المعركة المتأجج الذي يبث الخبر دائما من تحت النار ومن اسخن بقعة في الضفة الغربية لفلسطين المحتلة وهي معسكر جنين وقد غطت أحداثه من قبل منذ عقدين بحرفية غير مسبوقة ويشاء القدر أن تلقى ربها في نفس المكان وعلى طريقة الشهيد محمد الدرة،ولم تكن هذه أول الضحايا للاحتلال الغاشم ولكنها كانت الجريمة الأكثر فجرا وبدم بارد وفي وضح النهار فهي ليست نتيجة انفجار عشوائي ولاقذيفة طائرة وطالتها شظايا وإنما استهداف مباشر لايقونة صحفية فدائية جريئة وهبت حياتها من أجل مهنتها ولم ترتبط وتزوجت القضية الفلسطينية وكأنها تعرف مصيرها فلايبكي عليها زوج ولاضنى ولكن هيهات فقد بكاها الملايين واهتزت من اجل دمها كل الرايات الحرة واستنكر العالم باكمله هذه الجريمة ولم أكن اعرف انها تحمل الجنسية الامريكية فهي فلسطينية حتى النخاع تعمل منذ ربع قرن لفضح الانتهاكات الإسرائيلية فهي صوت الحقيقة لقضية عادلة لن تموت بموتها فمنذ خمسون عاما اغتالوا غسان كنفاني الصحفي والكاتب ومؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعبوة ناسفة تحت سيارته في بيروت و الذي كتب”عائد إلى حيفا وفي الادب الصهيوني والادب الفلسطيني المقاوم وأدب المقاومة في فلسطين ” وغيرها وقد تمت ترجمت كتاباته إلى عدة لغات وعاش غسان برغم اغتياله وهو في ريعان الشباب”٣٦عاما” بعد عملية مطار اللد بشهرين وهي العملية التي كانت من تخطيطه إلى جانب عمليات اخرى وكانت جنازته اكبر جنازة في تاريخ بيروت …والحق اقول ان الكفاح الفلسطيني لن يتوقف لابمقتل غسان بالامس ولا بتسميم ياسر عرفات ولا باغتيال شيرين التي لم اعرف انها مسيحية الا من التعليقات على شهادتها وكأن صكوك الوطنية والشهادة بيد البشر وأنهم أوتوا العلم الذي لاياتيه الباطل لامن خلفهم ولا امامهم،انها الجميلة الرقيقة المناضلة الوطنية الزاهدة الفدائية المسيحية التي ناصرت قضية القدس وملايين المسلمين متقاعسين يرفلون في نعيم الخطب الحماسية او في ولائم المناسف ولحم الثريد،فلتنتفض كل مفوضيات حقوق الإنسان في كل انحاء العالم لتحاكم المجرمين على فعلتهم وليكن التحقيق دوليا وليس محليا فلايمكن أن يكون القاضي هو الجلاد وعلى قناة الجزيرة أن تتمسك بتحقيق دولي اذا كانت كماتدعي انها قناة محايدة ولاتركن الا ماتريده جماعات الضغط الصهيوني،فهذا هو المحك الحقيقي لاختبار النوايا،واخيرا وداعا شيرين ابو عاقلة وداعا لصوت المعركة لقد قتلوك ولكن لن تموت القضية ولن يسكت صوت الحق وسيظل يصدح إلى أن تتحرر الارض وتعود القدس فلسطينية عربية.