ألمانيا تعيد النظر بعلاقاتها مع النيجر بعد الانقلاب هناك

لا تعتزم ألمانيا التخلي عن منطقة الساحل بعد انتهاء مشاركتها العسكرية في المهمة الأممية في مالي، إذا تسعى برلين من خلال مبادرة “بلس” لتدشين استراتيجية تنموية بهدف تعزيز استقرار المنطقة، التي تعد ركيزة لأمن أوروبا.
تعتزم ألمانيا توسيع برامج المساعدات الاقتصادية والشراكة مع بلدان منطقة الساحل مع انتهاء مشاركتها العسكرية في مالي نهاية أيار/مايو العام المقبل. وقالت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية إن الخطة ترمي إلى “تلبية احتياجات شعوب المنطقة. وتهدف الخطة إلى جذب المزيد من الشركاء في منطقة أوسع.”
وقالت وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه في بيان “نحن أكثر نجاحا عندما يتعلق الأمر بالعمل مع شركاء دوليين أكثر من العمل مع أشخاص بمفردهم”.
يشار إلى أن ألمانيا تلعب دورا محوريا في دعم جهود استقرار وتنمية بلدان منطقة الساحل الإفريقي الناطقة باللغة الفرنسية.
وتأمل ألمانيا من خلال تدشين عملية تنموية شاملة في أن تصبح قوة ناعمة في منطقة الساحل التي تعد محورية لأمن أوروبا فيما كشفت الوزيرة عن أنها سوف ترأس “تحالف الساحل” الذي يسعى لتعزيز التعاون بين دول الساحل ودول غربية.
وقد لقى التحالف على إشادة دولية لدعمه تمويل 1200 مشروع بقيمة 26.5 مليار يورو فيما سيحدد الاجتماع المقبل الشهر المقبل في موريتانيا، الدولة التي سوف ترأس الكيان.
انسحاب القوات، لكن المساعدات سارية
وينظر إلى إعلان الحكومة الألمانية التي أطلق عليه اسم “بلس” بمثابة تأكيد من برلين على أنها لا تزال ملتزمة بالمنطقة حتى بعد انتهاء مشاركتها في بعثة الأمم المتحدة للمساعدة على إرساء الاستقرار في مالي (مينوسما).
الجدير بالذكر أن مهمة “مينوسما” تأسست عام 2013 وتألفت من 15 ألف عنصر، فيما أسس الاتحاد الأوروبي مهمة تدريب عسكرية بقوام عسكري بلغ ألف جندي من أجل تدريب قوات الجيش في مالي، بينما جرى نشر القوات الفرنسية بعد ذلك بعام لمحاربة الإرهاب في مالي في إطار عملية “برخان”، التي دعمتها قوة “تاكوبا” التابعة للاتحاد الأوروبي والمكلفة بدعم القوات المالية في القتال ضد الجماعات المتطرفة.
وكانت موافقة الأمم المتحدة على مهمة “مينوسما” ترمي إلى تمهيد الطريق أمام انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة السياسية في مالي، لكن وجود القوات الأممية والفرنسية لم يحول دون استمرار عنف الجماعات المسلحة فيما أدى إنقلاب عام 2021 إلى ظهور قادة يعارضون أي تفويض أممي.
واتجه قادة مالي إلى روسيا للحصول على الدعم بما في ذلك الترحيب بنشر عناصر من مجموعة فاغنر شبه العسكرية التي تتهمها دول غربية بتقويض الأمن في هذا البلد الأفريقي والتسبب في قتل مدنيين.
في المقابل، تقول موسكو وباماكو إن مجموعة فاغنر تقدم نفس المساعدات التي كانت تقدمها قوات حفظ السلام الأممية.
لسنوات طويلة، ظلت النيجر واحة الاستقرار وأخر معاقله في منطقة الساحل التي تعصف بدولها اضطرابات وأزمات سياسية خانقة. فقبل عامين، شهدت البلاد انتقالا ديمقراطيا ناجحا للسلطة رغم محاولة انقلاب فاشلة حاولت إرباك المشهد الديمقراطي، وهو تطور على عكس ما حصل في دول الجوار، لا سيما مالي وبوركينا فاسو التي شهدت في السنوات الأخيرة أربعة انقلابات.
بيد أن الأيام القليلة الماضية، حملت أخبارا غير سار لهذا المسار مع انقلاب قامت به قوات من الحرس الجمهوري أعلنت استيلائها على السلطة واعتقالها الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي رفض قبول ذلك، قائلا: “سنصون كافة الإنجازات التي تحققت بشق الأنفس. كل أبناء النيجر المحبين للديموقراطية والحرية سيحرصون على ذلك”. وفي مقابلة مع قناة فرانس 24، خرج وزير الخارجية حسومي مسعودو قائلا: “نحن السلطات الشرعية والقانونية. كانت هناك محاولة انقلاب، لكن لم يشارك كلّ الجيش في هذا الانقلاب”.
تزامن هذا مع إعلان قائد الجيش في النيجر دعمه للانقلاب إذ ذكر بيان وقعه رئيس أركان القوات المسلحة، عبده صديقو عيسى، “القيادة العسكرية للقوات المسلحة في النيجر قررت تأييد إعلان قوات الدفاع والأمن من أجل تجنب مواجهة دامية بين مختلف القوات”. ويبدو أن القيادة العسكرية حريصة على تفادي تشكيل مجموعات منفصلة داخل الجيش ما ينذر بانزلاق البلاد إلى حرب على غرار السودان.

جرى اعتقال الرئيس المنتخب محمد بازوم على وقع الانقلاب الذي قامت به قوات من الحرس الجمهوري
بازوم.. جاني أم مجني عليه؟
وفي مقابلة مع DW، قال سيديك آبا، صحافي من النيجر، إن الرئيس المنتخب محمد بازوم ارتكب “خطأ بعدم إحكام السيطرة على جهاز الأمن فور توليه منصبه فضلا عن أنه لم يأخذ الوقت الكافي لوضع طابعه الخاص على هذا الجهاز الأمني”.





