إجراء غير مسبوق.. هل تسعى الداخلية البريطانية لتجريم رفع العلم الفلسطيني؟
لندن- أثارت مذكرة أصدرتها وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان للشرطة البريطانية الكثير من الجدل، وذلك بسبب مضمونها الذي يلوّح بتجريم رفع العلم الفلسطيني أو رفع شعارات مؤيدة لفلسطين، الأمر الذي أحدث حالة من الارتباك في صفوف البريطانيين الراغبين في المشاركة في فعاليات متضامنة مع فلسطين.
وقالت برافرمان إن “حمل العلم الفلسطيني قد يكون غير مشروع”، ما فتح التكهنات حول قانونية حمل العلم الفلسطيني في الشوارع البريطانية.
وظل التساؤل يدور بين البريطانيين الذين يشاركون في الوقفات المتضامنة مع فلسطين، هل حمل العَلم الفلسطيني أصبح غير قانوني؟ وهل يمكن أن يؤدي حمله إلى اعتقال الشخص من قبل الشرطة؟
كل هذه التساؤلات كان سببها خطاب الوزيرة، الذي يعتبر غير مسبوق في التعامل مع أنصار القضية الفلسطينية، خصوصا أن بريطانيا كانت دائما ساحة لأكبر مظاهر التضامن مع فلسطين.
ودقت العديد من الفعاليات الحقوقية والمدنية ناقوس الخطر حول تهديدات وزارة الداخلية، واعتبروها ضربا لحرية التعبير وحق التظاهر السلمي، خصوصا أن وزيرة الداخلية دعت رجال الشرطة إلى اعتماد سياسة “صفر تسامح” مع أي مظهر من مظاهر ما أسمته الإشادة بحركة المقاومة الفلسطينية حماس التي تصنفها بريطانيا منظمة “إرهابية”، أو أي شخص يحتفي بعملية “طوفان الأقصى“.
خرق للقانون
ووصفت كيت هودسون الأمينة العامة لحملة الحد من انتشار الأسلحة والمعروفة بتضامنها مع القضية الفلسطينية، تهديدات برافرمان بمعاقبة من يحمل العَلم الفلسطيني، بأنه “أمر ينافي القوانين البريطانية”.
وقالت هودسون، في حديثها مع الجزيرة نت، إن “حق التظاهر هو حق ثابت وحيوي في البناء الديمقراطي، وكل مظاهرة من أجل الحقوق العادلة للفلسطينيين هي قطعا جزء من هذا النظام”، مضيفة أن وزيرة الداخلية تحاول تغيير وجهة نظر الشرطة البريطانية حول هذا الأمر.
وأكدت هودسون أنه على “امتداد سنوات كان رفع العلم الفلسطيني هو للدلالة على التضامن مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وهو حق تضمنه كل قرارات الأمم المتحدة”.
ووجهت الأكاديمية والناشطة الحقوقية البريطانية رسالة إلى الحكومة البريطانية، قائلة “عوضا عن مهاجمة الحق في التظاهر، فإن الحكومة عليها أن تعمل بجد من أجل حل سلمي ودائم؛ لإنهاء هذا الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وضمان بأن يعيش كل المدنيين في سلام”.
مؤشر مقلق
واعتبر بن جمال مدير حملة التضامن مع فلسطين محاولات وزيرة الداخلية اعتبار حمل العلم الفلسطيني كفعل محرض على الإرهاب، أنه “أمر مقلق للغاية، ويهدد الحريات المدنية، ويطبع مع نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وهي السردية التي باتت تنتشر في الخطاب السياسي”.
وقال بن جمال إنه في حال قامت الشرطة البريطانية بتطبيق توجيهات وزيرة الداخلية، فإنها “تعتدي على حق الفلسطينيين في حمل علم بلادهم، هذا العلم الذي يعتبر رمزا لوطنهم وأصولهم وكذلك رمزا لمعاناتهم من أجل التحرر من نظام الفصل العنصري والقمع الذي يتعرضون له”.
وشدد على أنه في بلد مثل بريطانيا، فإن مثل هذه التوجيهات تعتبر “تجاوزا ورغبة في ضرب حق أساسي من حقوق المواطنين البريطانيين في إظهار التضامن مع الفلسطينيين وحقهم المشروع في الحصول على حقوقهم الإنسانية بما فيها حقهم في تقرير مصيرهم”.
ودعا بن جمال كل أنصار فلسطين إلى “حمل العلم الفلسطيني في كل الوقفات والمسيرات من أجل دعم قيم حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي والعدالة والمساواة بين جميع البشر”.
الداخلية توضح
وبعد موجة الغضب التي أثارتها وزارة الداخلية البريطانية، أصدرت الأخيرة توضيحا حول الحالات التي قد تؤدي بصاحبها للاعتقال، وهي قيام أحد ما بحمل العلم الفلسطيني “بشكل مستفز” أمام أماكن العبادة اليهودية، أو في المناطق المعروفة بأنها مناطق سكنية لليهود، أو رفع شعارات تحريضية أو تمجيد حركة “حماس” التي تعتبرها لندن حركة إرهابية.
وكانت حملة التضامن مع فلسطين، أطلقت منصة رقمية لاستقبال شكاوى أي شخص يتعرض للمضايقة بسبب حمله للعلم الفلسطيني أو التعبير عن رأي مؤيد لفلسطين، وتهدف هذه المنصة إلى توفير الاستشارة القانونية والمساعدة في مواجهة تلك المضايقات.
وتقدمت الحملة بنموذج يوضح بعض الأمور التي يتم تناولها بشكل سيئ، مثل شعار “من البحر إلى النهر.. فلسطين ستكون حرة”، وتوضح الحملة أن المقصود من هذا الشعار هو أن الجميع يتحدون من أجل حرية فلسطين.