«أم المعارك» بين موسكو وواشنطن في دير الزور
ومما يثار أن “مجلس دير الزور العسكري” لا يمتلك سوى مئات من المقاتلين، ومعظمهم لا يملك تجارب عسكرية كافية، وأن “مغاوير الثورة” يعاني من تشتت في عناصره المنتشرين في الحسكة شمال محافظة دير الزور، وفي شرقي محافظة حمص جنوب محافظة دير الزور.
وأن الأمر ذاته قد ينطبق على “قوات النخبة السورية ” بعد انضمام بعض عناصرها إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ولكن ردا على تساؤلات “ايلاف” اعتبر محمد الشاكر المتحدث الرسمي باسم قوات النخبة السورية أنه “في البداية، مسألة الضعف من عدمه في معركة ذات خصوصية كمعركة دير الزور، لاتتعلق بالإمكانيات العسكرية بقدر ما تتعلق بالبنية الديمغرافية لدير الزور، ومدى قبول أهالي دير الزور للقوات التي ستدخل المدينة”.
أما بالنسبة لمسألة التحشيد الإعلامي حول دور قوات سوريا الديمقراطية في معركة دير الزور ، فأجاب “هنا تختلف الحسابات الجيوستراتيجية، فبالنسبة لمجلس دير الزور العسكري، هو فصيل ينضوي تحت قوات سوريا الديمقراطية، والأخيرة تعد آخر الخيارات وأبعدها عن دخول دير الزور، لأسباب تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية نفسها”، التي وجد أنه “ليس لها أية حسابات استراتيجية في دير الزور، وفي معركة نسميها” أم المعارك” في الحسابات بين الدولتين العظميين روسيا والولايات المتحدة، و في معركة تتركز جغرافيتها في مناطق تمتد من مطار دير الزور شرق دير الزور مروراً بالميادين فالبوكمال حيث يتحصن التنظيم الذي اجتذب قيادات وعناصر التنظيم في الرقة والعراق وعلى جغرافية تمتد طولياً على ضفتي نهر الفرات ، وبمساحة تقارب المائة كم من القرى المتلاصقة التي تحتاج إلى جانب التفاهمات الروسية – الأمريكية- عدة وعديداً يتناسب ومهمة التحالف الدولي، في معركة بالتأكيد أصعب بكثير من معركة الرقة، التي لم تتمكن جميع فصائل قوات سوريا الديمقراطية حتى هذه اللحظة وبدعم سخي من التحالف الدولي من إنهائها”.
جذب الفصائل
لذلك رأى أن “كل ما يقال أو يروج من قبل قوات سوريا الديمقراطية لخوض معركة دير الزور هو مجرد بروباغندا إعلامية ، إذ ستبقى مناطق تمددها تدور في فلك أقصى الجهة الشمالية لدير الزور، إذ مازالت قسد بعيدة المعركة، حتى في مناطق داخل الحدود الادارية للحسكة مثل مركدة التي تبعد 80 كم عن دير الزور، ولكن قوات سوريا الديمقراطية تحاول الترويج لدورها في المعركة لجذب الفصائل العربية إليها، أو المحافظة عليها، كون غالبية الفصائل العربية تنتظر معركة تحرير ديارها التي تم تهجيرهم وأهاليهم منها” على حد تعبيره.
وأضاف “تحاول قوات سوريا الديمقراطية الإيحاء بأنها القوة الوحيدة في المنطقة. وتزاد احتمالية عدم مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في معركة دير الزور، أمام التفاهمات الروسية الأمريكية، التي سمحت للنظام في إطار العملية السياسية من فك الحصار – ولا نقول تحرير – عن حيي القصور والجورة حيث يتواجد النظام في مناطق لا تشكل نسبة تذكر قياساً بمناطق تواجد داعش في المحافظة، التي لم يبدأ السباق عليها بشكل فعلي، كسباق يتجاوز الاستحواذ العسكري، بقدر ماهو مرهون بحسابات سياسية تندرج تحت بند العملية السياسية والتفاهمات الدولية، بالإضافة لحسابات اقتصادية، حيث يتركز النفط السوري في مدينة الميادين، التي يتحصن فيها التنظيم المتطرف بكثافة”.
وعليه ، يختصر الشاكر الوضع بالقول: “تبدو معركة دير الزور لا تتعلق بتواجد النظام في مركز المحافظة المدمر بشكل شبه كلي، ولا بالتحركات في أقصى شمال المحافظة، بقدر ماستتركز المعركة في جغرافية تتعلق بالريف الشرقي لدير الزور الذي يمتد إلى الحدود العراقية بمسافة 100 كم على ضفتي نهر الفرات (الجزيرة والشامية)، مايعني أن المعركة ستكون تداعياتها تتعلق بإدارة شبه دولية، تتعلق بإدارتها من قبل فصائل الغطاء الأمريكي، وفي مقدمتها قوات النخبة السورية، كفصيل عربي غالبيته من أبناء الريف الشرقي لدير الزور”.
بينما أشار الى أن روسيا ستستفيد “من تزويد النظام بالنفط ، في تقاسم لسلة الغذاء والاقتصاد السوري، الذي يفترض أن يمهد للعملية السياسية بين النظام والمعارضة”.
استبعاد النخبة؟
أما بالنسبة للسؤال حول حقيقة استبعاد قوات النخبة السورية لأن عشيرة الشعيطات لديها ثأر مع عشائر أخرى، فيتابع الشاكر: “هذا الكلام طالما سمعناه من الجهات التي تقف وراء داعش، متناسين أن قوات النخبة السورية هي مكون من أبناء جميع القبائل، وما يجمعهم هو الرؤية الواحدة ضد تنظيم داعش كعناصر، بغض النظر الأبعاد العشائرية، ناهيك بأن قوات النخبة السورية هي فصيل عسكري يتبع لتيار الغد السوري، وأن قوات النخبة ليست فصيلاً بدون مرجعية كما هو حاصل في فصائل أخرى، إذ يمتثل عناصر القوات وقياداتهم لقرارات القيادة السياسية، التي تتسق مع أهداف تيار الغد السوري في بناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية، كدولة قانونية يخضع فيها الجميع حكاماً ومحكومين تحت سقف القانون”.
وحول السؤال عن صحة عدم مشاركة قوات النخبة السورية في معركة دير الزور، أكد المتحدث باسم قوات النخبة أن “هذا الكلام لم نسمعه إلا من قبل أصوات حاولت و تحاول تهميش قوات النخبة و التشويش عليها وعلى وانجازاتها في معركة الرقة، و نحن لانرد على أحد حول ذلك، انطلاقاً من ثقتنا بتحرير ديارنا وعودة أهلنا المهجرين، و عاداتنا تفرص احترام أي مكون سوري يحارب داعش، في الوقت الذي وصل فيه الرد من التحالف الدولي وعلى لسان ريان ديلون المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي، الذي أكد الدور المستقبلي لقوات النخبة في إدارة الرقة، والنفوذ الذي تمتلكه القوات وقياداتها في معركة دير الزور”.
عاصفة الجزيرة
وكانت القيادة العامة لمجلس دير الزور العسكري زفت في بيان، تلقت “ايلاف” نسخة منه، “بشرى” البدء بحملة عاصفة الجزيرة والتي تستهدف الى “تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف ديرالزور الشرقي”.
وأكدت أنه في الوقت الذي تنهار فيه دفاعات “عصابات داعش ويقترب التنظيم الإرهابي من نهايته المحتومة في مدينة الرقة وتسطر قوات سورية الديمقراطية أساطير من البطولة والفداء ونجاحها في تحرير سبعين بالمائة من المدينة، تحاول عصابات داعش شن الهجمات على مناطق الشدادي والريف الشرقي لدير الزور في محاولة يائسة لرفع معنويات قواته في الرقة لذلك فإننا في مجلس ديرالزور العسكري قررنا البدء بهذه الحملة الحاسمة والتي تنبع من روح المسؤولية الذي نشعر به تجاه إخواتنا وإخواننا في الرقة تأييدا ومؤازرة وواجبا تجاه أهلنا في الجزيرة السورية عامة وريف دير الزور الشرقي خاصة والذين ينتظرون هذه اللحظة التاريخية بفارغ الصبر”.
وفي هذه المناسبة، ناشدت “أهلنا في المنطقة للالتفاف حول قواتنا والانضمام إلى صفوفها من أجل تصفية الإرهاب وإنقاذ شعبنا من الظلم”، كما دعته إلى الابتعاد عن مراكز تواجد الإرهابيين حفاظا على سلامتهم ونؤكد بأننا سنبذل قصارى جهدنا من أجل أن لا يتضرر المدنيون العزل وسنعمل على نقلهم إلى المناطق الآمنة”.
وحيت قوات سوريا الديمقراطية على تأييدها ومشاركتها في هذه الحملة ، وشكر البيان أيضا قوات التحالف الدولي لما تقدمه من دعم لقواتنا أرضا وجوا ، ومعنويات قواتنا عالية وجاهزيتها تامة لتحقيق الانتصار.
كما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالتزامن اليوم، بدء حملة عسكرية للسيطرة على مناطق في الجزيرة والمنطقة الشرقية للفرات، تحت مسمى عاصفة الجزيرة.
وأشار طلال سلو الناطق باسم قسد الى “أن مسرح عمليات هذه الحملة هو المنطقة الشرقية للفرات، إضافة إلى ما تبقى من الجزيرة”، مضيفا “أما مسرح عمليات الجيش السوري والقوى الرديفة له هو في المنطقة الغربية وبعدية كل البعد عن المناطق التي تستهدفها هذه الحملة”.
كما أكد أنه لن يكون هناك صدام مع قوات النظام “طالما أن كل قوى لها مسرح عمليات مختلف”.