الذهول لا يفارق الشيخ حمد بن جاسم
قالت مصادر عربية تتابع الوضع القطري عن كثب أن الحال النفسية لرئيس الوزراء وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني هي حال رجل “مصدوم”.
وأضافت أن حمد بن جاسم رفض حتى اللحظة الاخيرة تصديق أن امير قطر الشيخ حمد بن خليفة سيقدم على خطوة تسليم نجله الشيخ تميم السلطة، وذلك على الرغم من أن الامير كان أكّد له مرارا أنه سيفعل ذلك وأن عليه مرافقته في الخروج من السلطة، تماما كما حصل عندما استوليا عليها في الانقلاب السلمي الذي قاما به في حزيران/يونيو من العام 1995.
وكشفت أنّ أكثر ما صدم حمد بن جاسم استعجال الامير في التنحي عن السلطة ثم الطريقة التي شكّل بها الامير الجديد الحكومة الجديدة. وقد جعله ذلك يغادر قطر الى جهة مجهولة وقطعه كل وسائل الاتصال به من هواتف نقالة ذات الارقام المعروفة من المحيطين به أو حتى اصدقائه. ورجّحت أن يكون رئيس الوزراء القطري السابق في مكان ما في البحر المتوسط على يخته.
وأوضحت أن الشيخ تميم لم ينتظر تقديم حمد بن جاسم استقالة حكومته كي يعلن أنه كلّف الشيخ عبدالله بن خليفة بن ناصر تشكيل حكومة جديدة. وكان لافتا ان حمد بن جاسم اضطر الى تقديم استقالة حكومته بعد ساعات من الاعلان عن اسماء اعضاء الحكومة الجديدة.
وتعتبر هذه سابقة عالمية في مجال استقالة الحكومات والاعلان عن تشكيل حكومات جديدة. كذلك، تعكس هذه الخطوة مدى اصرار الامير تميم على “اذلال” حمد بن جاسم الذي كان عليه، من وجهة نظره، تقديم استقالة حكومته بعيد القاء الامير الأب خطاب التنحي يوم السادس والعشرين من يونيو.
وتقول المصادر نفسها أنّ حمد بن جاسم كان يعتقد أن الامير الجديد أو مندوبين له سيتفاوضون معه في شأن الاستقالة وتشكيل الحكومة الجديدة. لكنّ شيئا من ذلك لم يحصل، بل تجاهل الشيخ تميم وجود حمد بن جاسم كلّيا وعمد الى تكليف عبدالله بن ناصر، ذي الخلفية الامنية، تشكيل الحكومة الجديدة التي اعلنت قبل تقديم الحكومة القائمة استقالتها.
واشارت الى أن مسلسل الصدمات لم يتوقف عند هذا الحدّ. فلم تمض أيّام قليلة على التغيير في رأس هرم السلطة، حتى صدر قرار اميري يقضي باعادة تشكيل مجلس ادارة جهاز قطر للاستثمار الذي يدير ما بين مئة وخمسين ومئتي مليار دولار من الاستثمارات القطرية في مختلف انحاء العالم.
وبموجب القرار أعفي حمد بن جاسم، الذي كان يدير عمليا الجهاز، من منصب نائب الرئيس. وجُرّد الرجل بالتالي من أي نفوذ مالي أو اقتصادي بعد اخراجه من دائرة التأثير في السياسة القطرية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وتوقعت المصادر العربية الاّ يتوقف مسلسل الصدمات التي تلقاها حمد بن جاسم عند هذا الحدّ، خصوصا أن هناك نية لدى الامير الجديد في اعادة فتح ملفّات كثيرة تعود الى عهد والده. من بين هذه الملفات المساعدات التي قدمتها قطر الى جهات معيّنة عربية، خصوصا في لبنان وفلسطين ومصر والعراق وتونس وليبيا ودول خليجية، بينها السعودية والإمارات والكويت.
اضافة الى ذلك، هناك رغبة واضحة لدى الشيخ تميم والمحيطين به في معرفة ما اذا كانت هناك مخالفات ارتكبت في مجال الاستثمار الخارجي. وهذا الامر لا يطال حمد بن جاسم وحده، بل يشمل ابناءه ايضا. وهؤلاء تصرّفوا في السنوات الاخيرة بصفتهم قيمين على جهاز الاستثمار الخارجي الذي كان اسميا برئاسة الامير، بينما كان يدار في حقيقة الامر من حمد بن جاسم.
وكان أمير قطر الشيخ تميم قد أشار في خطاب توليه السلطة إلى أنه سيعمل على إجراء تدقيق في ملف الاستثمارات الخارجية للدولة.