فوازير عربية .. في الجزائر رئيس يحكم دون أن يظهر
ترى المعارضة في الجزائر أن تواصل غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن النشاطات والمواعيد الرسمية يشل البلد، الأمر الذي ترفضه المعارضة.
وكان آخر لقاء لبوتفليقة بمناصريه يوم 8 مايو/أيار 2012 في سطيف (300 كلم شرق)، ألقى فيه خطابه الشهير الذي فُهم منه حينها أنه لن يترشح لولاية رابعة، ومذاك لم يتواصل مباشرة ولا عبر التلفزيون مع شعبه، وزادت “النوبة الإقفارية” التي ألمت به في أبريل/نيسان 2013 من تحمس المعارضة للمطالبة بشغور منصب الرئيس.
محطات الغياب
وغاب بوتفليقة عن الأنظار في عدة محطات كان يحضرها عادة، كافتتاح السنة القضائية (باعتباره القاضي الأول في البلاد)، وزيارات للولايات، وحضور احتفالات ذكرى الاستقلال يوم 5 يوليو/تموز، واندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر/تشرين الثاني، وتأميم المحروقات يوم 24 فبراير/شباط، وعيد النصر يوم 19 مارس/آذار، والصلاة بالمسجد في عيدي الفطر والأضحى، وحضور ذكرى المولد النبوي وليلة القدر.
لكن أهم المحطات التي لم يظهر فيها بوتفليقة كانت خلال الهجوم على قاعدة الحياة بمركب تيقنتورين في عين أمناس جنوب الجزائر في يناير/كانون الثاني 2013، والتي اعتبرها مراقبون أخطر تهديد واجهه الجيش منذ عشرية كاملة.
ولم يتحدث الرئيس -وهو وزير الدفاع أيضا- عن الموضوع لا خلاله ولا بعده، واكتفى رئيس الوزراء بالتواصل مع الإعلام المحلي والأجنبي، وأيضا الرد على اتصالات زعماء الدول الغربية.
وحتى خطاب الترشح لولاية رابعة لم يُلقه بوتفليقة بسبب وضعه الصحي الحرج، بل تكفل رئيس الوزراء عبد المالك سلال بذلك في فبراير/شباط 2014.
وظهر الرئيس خلال عملية الانتخاب على كرسي متحرك، وظهر بعدها أثناء حفل تأدية اليمين الدستورية بعد إعلان فوزه بولاية رابعة، وقيل إنه قرأ صفحة واحدة فقط من أصل 11.
واكتفى بوتفليقة بعدها باستقبال رؤساء وسفراء دول، وأحدثت العديد منها جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ما قيل إنها صور مركبة.
منصب شاغر
المرشح الرئاسي ورئيس حزب “طلائع الحريات” (قيد التأسيس) علي بن فليس اعتبر أن منصب رئيس الجمهورية “شاغر”، وذلك بعد عشرة أشهر من فوز بوتفليقة بولاية رابعة.
وأوضح أن بوتفليقة لم يعقد سوى أربعة مجالس وزارية ولم يخاطب الشعب منذ العام 2012، وليس له أي نشاط في الخارج. كما تحدث عن تأثر البرلمان والحكومة بغياب نشاط الرئيس.
وفي رد غير مباشر على بن فليس، يكرر وزير التجارة ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس أن “بوتفليقة يعمل برأسه لا برجليه”.
وبرأي الدكتور مراد عروج نائب رئيس حزب “تجمع أمل الجزائر” (مشارك في الحكومة) فإن المعارضة تريد حوارا مع السلطة ينطلق من أن الأخيرة غير شرعية، والانتخابات غير نزيهة، والرئيس عاجز عن تنفيذ مهامه، لتصل إلى نتيجة “تعال أيها الرئيس لنحاورك ونطلب منك التنحي وانتخابات رئاسية مسبقة مع أن الأخيرة كان للمعارضة مرشحون فيها.
ورفض عروج الطرح القائل إن في البلاد شللا، وأوضح أن “المعارضة عندنا تشارك في إدارة الشأن العام من خلال ترؤسها للكثير من المجالس البلدية والولائية تحت إشراف الحكومة، وتشارك في كل المجالس المنتخبة وفي اللجان البرلمانية”.
وتابع أن “إشكالية المعارضة تكمن في أنها تنازع الرئيس في منصبه، لكن دون انتخابات”.
قتل الأمل
في المقابل، يعتقد محمد حديبي نائب رئيس حركة النهضة المعارضة أن غياب الرئيس لم يشل البلد فقط، بل “قتل الأمل في نفوس الشباب الذين باتوا يبحثون عن أول فرصة للهجرة”.
وأضاف حديبي أن “الرئيس في وضع صحي حرج، وعليه أن يذهب إلى بيته، ولا يترك تسيير البلد في يد مجموعة من المنتفعين والمحيطين به”.
ويوافق إسماعيل (تخرج من كلية الحقوق العام الماضي ويعمل بائع ملابس في السوق الموازية) مع طرح حديبي، ويقول للجزيرة نت “لا أرى مستقبلا لديّ هنا (..) لم توفر لي الحكومة العمل، والرئيس الذي يفترض أن يفي بوعوده غائب”.
بدورها، ترى الكاتبة المستقلة فتيحة بوروينة أن الجزائريين بحاجة إلى رئيس يخاطبهم ويربّت على أكتافهم بالصوت والصورة، وليس برسائل تُقرأ نيابة عنه.
وأضافت فتيحة للجزيرة نت أنه “لا شك في أن الكثير من الجزائريين صاروا يشعرون باليتم، لأن أحد أهم أركان البيت الكبير (الرئيس) غائب، فهل يمكن أن يستمر الوضع على هذه الحال؟”.