من هم الاتراك العثمانيين وما أصلهم
عبد الله أحمد الدالي
? اسمع المقال
لم يكن الأتراك القدامى متوحشون، وإنما حظو بقدر غير قليل من الحضارة، فكانت لهم لغة مكتوبة، واعتنقت بعد طوائفهم الديانات المعروفة آنذاك، كالبوذية والمانوية والميسيحية والنسطورية، لكنهم تفككوا إلى طوائف متحاربة وقع بعضهم تحت نفوذ الصين.
فى ظل الإسلام بدأ الأتراك في الظهور علي الساحة وخاصة بعد سقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس، مما أزال العائق الذي كان يقف في وجه حركة هجرة التركيو من وسط آسيا نحو الغرب، فقد ضمت دولة الخلافة الأموية عناصر تركية لكن نفوذهم بدا واضحا في عهد الدولة العباسية، بعدما كان الاعتماد عليهم في سير دفة الامور والحكم لموازنة النفوذ الفارسي الذي كان له اليد الطولى.
برز القادة ورجال الدولة ورجال الادارة والحكم الأتراك ونشآت دويلات تركية شبه مستقلّة تدين من الناحيه الإسمية لدولة الخلافة، ومن اهمها الدولة السلجوقية، ورغم تعدد الروايات فإن تاريخ الأتراك معروف علي وجه التحديد، فليس لهم تاريخ مكتوب بايديهم قبل سقوط القسطنطينية والكتابات التاريخية العثمانية لم تنشر إلا قليلا عن الدولة العثمانية قبل استقرارهم في الأناضول.
وعلي الرغم من اختلاف الرويات في أصل الأتراك العثمانيين الا انها تلتقي جميعاً عند إرجاع اصلهم إلى قبيلة فابي خان، وهي فرع من الأتراك الغز او التركمان، الذين هم بدورهم طبقا للاسطورة من نسل يافث بن نوح، وتعرض في تكرار ملح لقصة هجرتهم الغريبة تحت ضغوط المغول من موطنهم في إسيا إلى الأناضول إلى ان دخل أرطغرل أبو عثمان في خدمة علاء الدين الاول سلطان دولة المسلمين السلاجقة.
ترد تفاصيل تلك القصة علي النحو التالي، هاجر سليمان شاه مع قبيلتة ومعه ألف فارس إلى بلاد الأناضول، فاستقر في بلدة في شرقي تركيا الحاليه قرب بحيرة أرمينيا، ثم اراد العودة إلى بلاده واثناء عبوره مع عشيرتة نهر الفرات سقط في النهر وغرق وترك من بعده أربعة أبناء، رجع إثنان منهم من حيث أتوا بينما تابع الأخوان المسير إلى الشمال الشرقي ومعهما اربعمائة، أسرة وبينما تسير القافلة تحت قيادة ارطغرل لمحو جيشين يتقاتلان بالأناضول دون ان يعلموا شيئا عن هويتهما فسارعوا إلى نجدة الفريق الأقل عددا بدافع من النخوة ونصرة الضعيف، وبفضل مساعدتهم انتصرذلك الجيش وكانوا من المسلمين السلاجقة والجيش الآخر كان من المغول.
فما كان من السلطان علاء الدين إلا أن كافأ أرطغرل علي ما قام به واقطعه بقعة من الأرض بجانب بلاد الروم في الغرب من دولة السلاجقة، وأغلب الظن أن أسلاف العثمانيين كانو مجرد رعاة متجولين يبيعون خدمتهم لمن يبذل العطاء، ثم اتيح لهم الاتصال في ظروف غير معروفة علي وجه الدقة بالسلطان علاء الدين الذي كافأهم على إخلاصهم بمنحهم قطعة أرض لم يقنع بها ارطغرل، فشرع في توسيع دائرة أملاكه علي حساب أراضي الدولة البيزنطية بالأناضول ونجح في سياسة التوسيع فضم إلى منطقتة مدينة اسكي شهر.
مات أرطغرل عن عمر يناهز ثلاثة وتسعين عاما، ثم تولي بعده الحكم إبنه عثمان الذي انتسبت الدولة إليه لكونه أكد استقلال الدولة التام إثر انهيار دولة سلاجقة الروم، فاستحق ان يكون اسمه شعارا للدولة باعتباره زعيم لشعب محارب، وسرعان ما نمت هذه الإمارة لتصبح دولة مترامية الأطراف حكمت شعوبا كثيرة ومللا ونحلا غير متجانسة، وكان عمرها ٦٢٣ عاما واختلف عليها اربعين حاكما.