الأسرة والمجتمع

نصيحة فرعونية للعريس.. تزوج من بلد قريب منك

يكشف الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية، أن هكذا كلما تبحّرنا في أدبيات المصريين القدماء نرى العجب العجاب، فالمصري القديم الذي حث على بر الوالدين وحسن التعامل مع الأم؛ لم يغب عنه أن يُحث أبناءه على الزواج وتكوين أسرة كي تُصبح له عزوة يفخر بها، وفي حديثه عن الزواج لم يترك جانباً من الجوانب المعاصرة في أمور الزواج إلا وحدثنا عنها.

وأضاف ، بداية من شروط أختيار الزوجة، وكيفية التعامل معها، وإنجاب الأولاد وتربيتهم، بل لم ينس أن يوصينا أيضاً عن كيفية التعامل مع الزوجة في حال وجود خلافات أسرية، بل وأتحفنا بحكمته الراقية عن كيفية التصرف حال إذا ما دعت الضرورة الزوجين إلى الانفصال!

وقبل أن نتعرف على شروط قدماء المصريين عند أختيار الزوجة، دعونا نبدأ الوصايا الراقية التي قدمها “الحكيم آني” لابنه، حين يقول: احترس من المرأة الأجنبية الغير معروفة في بلدها؛ ولا تبادلها النظرات ولا تُظهر أنك تعرفها فإن هذه خطيئة عظيمة؛ حتى إذا لم تتحدث هي بذلك.

ويحذره من الاقتراب من المرأة البعيد عنها زوجها؛ فيقول: إن المرأة البعيدة عن زوجها لُجة عميقة لا تدرك غوالها حتى تلح عليك لمحادثتها في نعومة ولين، وهي تترقبك حين لا يكون هناك شهود وتلفك بحبائلها، وتلك خطيئة كبرى تستوجب القتل حين يُصغَى إليها!

الحكيم “حتب بتاح”

ويحذر الحكيم “حتب بتاح” ابنه من التلصص على النساء فيقول: تجنب مخالطة النساء، فما طاب مكان حللن فيه، ومن سوء الرأي أن يتلصص عليهن إنسان، وكم من امرئ ضل عن رشاده حين استهواه جسد امرأة.

الحكيم “عنخ شاشنقي”

ويحدثنا الحكيم “عنخ شاشنقي” حديث الخبير بطباع المرأة حين يقول: المرأة جسم من حجر لن يتأثر بأول من يتعامل معه، ولو عشقت المرأة تمساحا لسايرته في طبعه، ولو أخلصت المرأة لزوجها فلن يعاودهما سوء، ولكن ضياع المرأة عدم معرفتها بذلك، وزوجة الرجل الأحمق ممكن أن تضرب أحمقها!

كما حث “عنخ شاشنقي” ابنه على الزواج من بلد قريب وبيّن أضرار الزواج من البلد البعيد؛ فقال: لا تدع ولدك يتزوج امرأة من قرية أخرى وإلا انتزعوه منك! وهذا ما نراه واقعا الآن، ويحفزه نحو الزواج المبكر؛ فيقول: اتخذ لك زوجة حين تبلغ العشرين من عمرك، وبذلك يتأتى لك الخلف وأنت في معية الشباب.

“الحكيم آني”

 

كما وعظ “الحكيم آني” ولده “خنسو حتب” على الزواج المبكر، وحثه على تكوين أسرة فقال: تخير لك زوجة وأنت شاب، وأرشدها كيف تكون إنسانة، وعساها تُنجب لك طفلا، فإنها إذا أنجبته لك وأنت شاب استطعت أن تربيه وتجعله رجلا، وطوبى للرجل إذا أصبح كثير الأهل، ومن الخير أن يُبكر في الزواج وأن يكون للشخص أطفال كثيرون.

وعن شروط أختيار الزوجة:

يقول “عنخ شاشنقي”: احذر أن تتخذ فتاة سيئة الطبع زوجة لك، حتى لا تُورِث أبنائك تربية فاسدة، بل ويطالب الآباء أن يتريثوا في اختيار الأزواج لبناتهن ولا يجرين وراء الأثرياء؛ فيقول: تخير زوجا عاقلا لابنتك، ولا تتخير لها زوجا ثريا.

تكاليف الزواج:

وعن تكاليف الزواج يخبرنا عنخ شاشنقي عن أمر غريب حين يقول: قد تقترض مالا بفائدة لتتزوج، ولكن احذر أن تقترض مالا بفائدة لتتعاظم به.

وعن الحب وعدم التباغض بين الزوجين:

يقول: إذا تراضت المرأة مع زوجها فذاك فضل من الرب، وحبذا لو تخلص قلب المرأة وقلب زوجها من البغض.

ويقول أيضا: على المرء أن يُحب زوجته وأن يعمل لها كل خير، وألا يدخر وسعا في ذلك، فهي حقل طيب يحمل الثمار.

وعن التعامل اليومي مع الزوجة يقول كلاما قد نراه غريبا؛ حين يوصيه قائلا: لا تأخذ كلام المرأة في بالك، لا تفتح قلبك لزوجتك وإلا ذاع سرك، وإذا تهامست المرأة عن زوجها فلن يعاودهما خير، وإذا جعلت امرأتك حارسة على مالك؛ تطلع إليه ولا تثق بها، وإن لم تعتن المرأة بمقتنيات زوجها فاعلم أن هناك رجلا آخر يشغل بالها!

أما “حتب بتاح” فيكشف لنا عن التفاصيل الدقيقة في التعامل اليومي بين الزوجين، ويحذر ابنه من اتخاذ ضُرة لزوجته في بيتها؛ فيقول: إذا أصبحت كفئا كوّن أسرتك، وأحبب زوجتك، عاملها بما تستحق، أشبع جوفها، واستر ظهرها، وعطر بشرتها بالدهن العطر؛ فالدهن ترياق لبدنها، وأسعدها ما حييت، فالمرأة حقل نافع لولى أمرها، ولا تتهمها عن سوء ظن، وامتدحها تُخبت شرها، فإن نفرت راقبها، واستمل قلبها بعطاياك تستقر في دارك، وسوف يكيدها أن تعاشرها ضرة في دارها!

أما “الحكيم آني” فيُحث ابنه على حُسن التعامل مع زوجته ومساعدتها؛ وأن يحرص على استقرار البيت، فيقول له: عامل زوجتك وراعها؛ إن كنت تعرف عنها أنها ممتازة ولا تقل لها؛ أين هذا؟ وهاته، إن كنت قد وضعته في مكانه الصحيح، وإن شئت أن تسعد، فاجعل يدك معها وعاونها، حاول أن تمنع أسباب الشقاق في دارك، ولا تعمل على خلقه، واعمل على الاستقرار في دارك، ولكن احذر أن تمشى في طاعة أنثى، أو تسمح لها بأن تسيطر على رأيك.

وعن التعامل مع المرأة التي لا تُنجب؛ يقول: لا تهجر امرأة في دارك لأنها عقيم، إنما تُنكح الزوجة برغبة زوجها.

أما الخيانة الزوجية والتحذير منها فقد قال عنها “عنخ شاشنقي” كلمات توزن بماء الذهب، إذ يقول: من نكح زوجة على سرير، نُكحت زوجته على الطين، ومن نكح امرأة جاره، نُكحت زوجته على عتبة داره، وانما تفجُر المرأة برضا زوجها!!. (أي: كما تدين تُدان).

وفي حالة إذا ما دعت الضرورة للانفصال بين الزوجين؛ فقد أوصى القدماء بأن يُسّرحها بمعروف، فها هو الحكيم حتب بتاح يقول: إذا رُزئت بزوجة رعناء ومُسيئة لمواطنيها، ترفق بها أمدا، ولا تعجل بتسريحها، ودعها تطعم خبزك! المصدر:بوابة اخبار اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى