بهدف الإطاحة بفيروس كورونا .. حكم تونسي يخوض أغرب مباراة في التاريخ
يجتهد التونسيون كل على طريقته في نشر الوعي وحث الناس على الالتزام بالحجر الصحي العام، تجنبا لخطر فيروس كورونا الذي أصاب 975 شخصا وأدى إلى وفاة 40، وفقا لآخر المعطيات التي قدمتها وزارة الصحة أمس الثلاثاء.
وفي محافظة نابل شمال شرقي تونس، يحاول حكم كرة يد يدعى عبد الحق التلاتلي، البالغ من العمر 19 سنة، لعب دوره في مباراة وطنية من نوع خاص، اللاعبون فيها هم مواطنون عاديون والهدف الجماعي هو الإطاحة بفيروس كورونا ومنع انتشاره بين الناس.
يقول عبد الحق إنه وككل التونسيين التزم في بادئ الأمر بالبقاء في منزله امتثالا لتوصيات وزارة الصحة، لكن ضميره وحسه الوطني قاداه إلى كسر الحجر الصحي الذاتي والخروج كل يوم إلى الشارع مرتديا ملابسه الرياضية لتنبيه الناس إلى ضرورة التقيّد بقواعد الوقاية من فيروس كورونا، خاصة بعد أن لاحظ عدم انضباط الكثيرين بقواعد التباعد الاجتماعي التي تقول وزارة الصحة إنها السلاح الأول لمنع انتشار العدوى.
اتخذ عبد الحق طريقة خاصة وفريدة لتوعية الناس وحثهم على البقاء في منازلهم، إذ وظف هوايته وصفته كحكم كرة يد لتنفيذ مهمته التي يجدها صعبة في ظل تعنّت البعض ورفضهم لتنبيهات الأطباء، خاصة كبار السن منهم الذين يسيرون نحو الموت بأقدامهم كما يقول عبد الحق.
يطبّق محدثنا الشاب قواعد كرة اليد على الناس في الشوارع، ويشهر بطاقاته الرياضية في وجه المخالفين لقواعد التباعد الاجتماعي كعقاب لهم.
وتماما مثلما يحدث في مباريات كرة اليد، فإن لون البطاقة يختلف باختلاف نوع المخالفة ومستوى العقاب المستحق ضد المخالفين.
يوضّح عبد الحق: “أستخدم ثلاث بطاقات حسب درجة المخالفة، فالصفراء أرفعها مثلا لتحذير الناس ممن لا يتركون مسافة أمان لدى قضائهم لحوائجهم، وكلما قلّت هذه المسافة كلما كثرت البطاقات الصفراء التي أرفعها في وجوههم”. ويتابع “أما البطاقة الحمراء فأستخدمها حين لا يرفض المواطنون الامتثال لنصائحي والابتعاد عن بعضهم البعض، وهكذا الأمر بالنسبة للبطاقة الزرقاء”.
فكرة “حكم الكورونا” استوحاها عبد الحق من حكم كرة يد أجنبي نشر في الأيام السابقة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ينبه فيه الناس إلى البقاء في منازلهم لتجنب خطر العدوى بفيروس كورونا، ليفكر بذلك عبد الحق في تطويع هذه الفكرة على الشارع التونسي مستغلا معرفته بقواعد كرة اليد وعلمه بولع أبناء جهته بهذه الرياضة.
في البداية طبّق عبد الحق فكرته على أبناء حيه الذين تجاوبوا معه وساعدوه في تصوير هذه المبادرة من خلال فيديو بسيط نشره لاحقا على موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ليلاقي رواجا واسعا من مستخدمي الفضاء الأزرق ومن بينهم الجامعة التونسية لكرة اليد التي تبنت مقطعه المصور.
يقول عبد الحق لـ”سبوتنيك”: “استحسان الناس لهذه الفكرة وتشجيع جامعة كرة اليد لي دفعاني إلى توسيع هذه المبادرة والاتجاه نحو الأماكن التي يتجمع فيها الناس بكثافة على غرار الفضاءات التجارية والمغازات العامة والساحات الكبرى ومحطات النقل العمومية والخاصة، وكثيرا ما كان الناس يتجاوبون مع نصائحي”.
ولع عبد الحق بالرياضة رافقه منذ كان طفلا، إذ التحق وهو في عمر التاسعة بفريق كرة السلة بمدينة نابل قبل أن يتركها لينظم إلى فريق كرة اليد ويصبح لاعبا ضمن فريق الملعب النابلي بمحافظته الأم.
ولا ينظر عبد الحق إلى رياضته كهواية فقط، وإنما كرسالة أخلاقية وإنسانية ففادها المحبة والتضامن الاجتماعي والابتعاد عن حب الذات والأنانية لمجابهة فيروس لا يفرق بين الناس كبيرهم وصغيرهم.