الأخوة الإنسانية واجب وطني ودولي
تعني الأخوة الإنسانية أن يحترم الإنسان حق أخيه الإنسان في العيش بكرامة وحرية وأمان، بعيدا عن التطرف والإرهاب والتجويع والتشريد.. أن يحظى بمواطنة كاملة وعدالة شاملة واعتبار لا يعرف للعنصرية والتهميش معنى ومنهجاً. لان التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك؛
أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.
أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها.
أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
أن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات المفاهيم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛
أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا؛
أن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛
أن الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها؛
أن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان؛
أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم.
الأخوة الإنسانية أصبحت مسؤولية العالم، ولمن لا يعلم فإن وثيقة «الأخوة الإنسانية» هي الأولى من نوعها في تاريخنا الحديث، تم توقيعها في فبراير 2019 في الإمارات من قبل فضيلة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، لنشر ثقافة المواطنة والتعايش والإخاء بين الناس. إن تنفيذ «الوثيقة» يمكن أن يشكل خطوة رائدة تساهم في تخفيف الاحتقان الموجود في العالم، وتحفز المبادرات والجهود المماثلة على العمل، وهو ما قد ينقذ الإنسانية من مآسٍ يتحمل تبعاتها الأبرياء.
هناك عدة طفرات إيجابية محتملة لهذه الوثيقة خاصة فيما يتعلق بدور الدين في مجتمعاتنا المعاصرة ومسئوليات رجال الدين، سواء في المؤسسات الدينية الرسمية أو المجتمع المدني الديني على المستويين الوطني والدولي.
مرجع هذه الطفرات المحتملة – التي لن تتحقق إلا عبر تنفيذ الوثيقة بثلاثة خصائص إبداعية تجمعت في وثيقة الأخوة الإنسانية. فهذه الوثيقة تتجاوز عموميات حوار الأديان المعهود إلى آفاق غير مسبوقة للتعبير المحدد عبر عمل فردي وعمل مشترك وطنياً ودولياً. كما أن هذه الوثيقة ذات مضمون لا يقتصر على المثل الأخلاقية والقيم الروحية التي تمثل الطبيعة الجوهرية للأديان دائماً هي أيضاَ ذات توجه يدخل في إطار الحقوق والواجبات، ليس بين أتباع الدين الواحد طبقاً لشريعة هذا الدين وإنما أيضاً اتباع العقائد المختلفة وحتى غير المتوفر بالأديان بصفتهم الإنسانية المشتركة، وأخيراً فإن هذه الوثيقة نقدية بالأساس فى صلب منهجها، وهذا أمر في غاية الأهمية فى مجال الفكر الديني.
فإننا أخترنا فى هذا التحليل أن نسعى إلى تقديم قراءة حقوقية لوثيقة الأخوة الإنسانية، أى من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان متمثلاً بشكل أساسي فى اتفاقيات حقوق الإنسان فى إطار الأمم المتحدة وكذلك ما يسمى بالقانون المرن الذى يشمل الإعلانات والتوصيات الدولية ذات الصلة بمختلف أوجه العلاقات بين الأديان والمعتقدات من جهة وحقوق الإنسان من جهة أخرى
ملاحظتنا الأولى على هذه الوثيقة التاريخية ليست اصطلاحية فقط ولكنها ملاحظة تفاهمية أيضاً وهى أن كلاً من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية يستخدمان فى المادة 18 من كليهما مصطلح “الدين أو المعتقد”
أما “وثيقة الأخوة الإنسانية” فإن أول كلمة فى مقدمتها هى كلمة “الإيمان” و هذا الاقتراب جوهري وموفق بإعتبار أن الإيمان هو مرتكز ومقصود كافة الأديان والعقائد. وبما أن الإيمان قاسم مشترك بين الأديان والعقائد فإنه يجعل المؤمنون أخوة أياً كانت عقائدهم. وسرعان ما ربطت الوثيقة هذا المفهوم التوحيدى الجامع، مفهوم الإيمان بمفهوم آخر لا يقل عنه شمولية وتضامناً، ألا وهو مفهوم الإنسانية ويرتبط بهذه الملاحظة أن التعريف الحقوقى الدولى للدين أو المعتقد، وفقاً للتعليق العام رقم 22 لعام 1993 للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يشمل الأديان السماوية وغير السماوية سواء كانت توحيدية أو لا توحيدية وكذلك العقائد غير الدينية
الملاحظة الثانية: هى أن طبيعة وثيقة الأخوة الإنسانية كما تعرفها ديباجتها، ليست مجرد إعلان نوايا وإنما هى أيضاً “دعوة” لكلاَ من يحملون فى قلوبهم إيماناً بالله وإيماناً بالأخرة.”الإنسانية“ أى يتوحدوا ويعملو معاً من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلاً للأجيال القادمة. تمثل هذه الوثيقة إذن برنامج عمل. وهذا ما تؤكده الفقرة الختامية للوثيقة التى تدعو كافة الأطراف المعنية من حكومات ومنظمات دولية أو منظمات مجتمع مدنى وقادة الفكر والرأى إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية ومناهج تعليمية ومواد إعلامية. وهذا التوجيه يختلف عن كثير من الإعلانات والتوجيهات التى تقتصر على التعبير عن موقف دون محاولة تغيير الواقع.
ملاحظتنا الثالثة: هى أن هذا التعداد لمجالات وأدوات العمل لتنفيذ وثيقة الأخوة الإنسانية يوافق تماماً هيكل وتوجيه وثيقة سابقة عليها وهى برنامج عمل الرباط لمكافحة خطاب الكراهية لعام 2012م. والتى ينقسم مضمون توصياتها إلى قطاعات تشمل التشريعات والقضاء، والسياسات العامة ورجال الدين ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية وأهمية برنامج عمل الرباط لمكافحة خطاب الكراهية من منظور وثيقة الأخوة الإنسانية.
هو أن هذا البرنامج يقدم لتلك الوثيقة أحد أهم أدواتها التنفيذية من أجل تعزيز الأخوة ألا وهو مكافحة خطاب الكراهية التى تناقض الأخوة وتحرض على العنف والتمييز باسم الدين أو العرق أو القدمية. نقطتنا الجوهرية فى هذا النحو هى أن وثيقة الأخوة الإنسانية يحتاج تنفيذها إلى الوثائق والمعايير الحقوقية ذات الصلة وهذا ما أكدته وثيقة “الأخوة الإنسانية” فى مستهل فقراتها العاملة إذ نصت على “أن هذه الوثيقة، اذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى دور الأديان فى بناء السلام العالمى، فإنها تؤكد الأتى.”
ولعل هذه الملاحظة تقدم إجابة على سؤال مهم حول تفسير “أسرار تجاهل وثائق مكافحة التعصب والتطرف الدينى”
إن تفسير هذه الظاهرة الملفتة المؤسفة، تعدد الوثائق المهتمة مع بقاء معظمها حبراً على ورق، مرجعه فى تقديرنا، أمران، أولهما: سياسى، وثانيهما: منهجى. من الناحية السياسية أحياناً ما يكون إصدار هذه الوثائق هدفاً دعائياً فى حد ذاته أكثر منه وسيلة صادقة لإحداث تغير حقيقى. ومن الناحية المنهجية لا يمكن لوثائق مكافحة التطرف والتمييز والعنف باسم الدين أو تحقيق غاياتها بدون تحقيق التناغم بين مناهج – إعمال، هذه الوثائق والتنسيق بين سياسات الأطراف القائمة على تنفيذها كلما كان ذلك ضرورياً لكفاءة الأداء ونقل التجارب وتعظيم النفع.
الملاحظة الرابعة: على منطلقات وثيقة “الأخوة الإنسانية” هو أنها منطلقات ليست دينية فقط وإنما تربط الأديان عبر مفهوم الإيمان بكل ما تعانيه الإنسانية من مظالم لم تنجح الحكومات وحدها فى التصدى لها ولم يكف القانون بذاته ولا آلياته الوطنية والدولية للقضاء عليها بشكل ناجز. ومن هنا تتحدث وثيقة “الأخوة الإنسانية” باسم طائفة عريضة من الفاعلين وصولاً الى كل فرد بذاته
أن توسع وثيقة “الأخوة الإنسانية” فى تحديد نطاق الأطراف الفاعلة ذات المصلحة فى إعمال مضمون هذه الوثيقة يعكس أهم مبادئ القانون الدولى لحقوق الإنسان ألا وهو المشاركة الفعالة ودور المجتمع المدنى فى إعلام قيم حقوق الإنسان والدفاع عنها، فهذه ليست مسئوليات الحكومات وحدها كما أن كفالة احترام حقوق الإنسان لا يقتصر على دور السياسات التشريعية وسلطات القضاء. بل أن كل طرف فاعل فى المجتمع عليه واجبات وله حقوق من بينها أن تهتم بالشأن العام ويدعو لاحترام حقوق الآخرين.
الملاحظة الخامسة: على هذه الوثيقة المهمة، هى أن توسع وثيقة “الأخوة الإنسانية “المحمود فى تحديد طوائف الأطراف الفاعلة المخاطبين بها فإنها لم تتطرق إلى بيان مضمون المسئوليات التى ينبغى أن يضطلع بها كل من هذه الأطراف بشكل محدد، وهذا أمر مفهوم لأن تحديد هذه المسئوليات بشكل متصل يقتضى عملاً أوسع بكثير من نطاق وثيقة الأخوة الإنسانية ويدخل فى إطار مقتضيات تنفيذ هذه الوثيقة وليس مضمونها.
وربما كان الملمح الأكثر وضوحاً فى تقديرنا، وهذه ملاحظتنا السادسة، هو أن “وثيقة الأخوة الإنسانية” ربما كانت أكثر تركيزاً على مسئوليات المجتمع الدولى منها على مسئوليات كل حكومة وطنية بذاتها.
“أننا … نطالب أنفسنا وقادة العالم وصناع السياسة الدولية والاقتصاد العالمى بالعمل جدياً على …… ” هؤلاء هم المخاطبون المعنيون بمسئولية التعبير طبقاً لإعلان الأخوة الإنسانية وربما كان السبب كامناً فى ” أن هذا الإعلان يأتى إنطلاقاً من تأمل عميق لواقع عالمنا المعاصر…” أكثر منه لواقع المجتمعات الوطنية المتباينة فى ظروفها ومضمونها وهذه الأولويات المعطاه لمسئوليات المجتمع الدولى يفسرها إعلان “الأخوة الإنسانية ” ذاته بأن العالم بات يعيش مما يمكن أن تطلق عليه بوادر حرب عالمية ثالثة على أجزاء … فى وضع عالمي تسيطر عليه الضبابية وخيبة الأمل.”
وبالطبع فإننا لا نعتقد أن بواعث إعلان الأخوة الإنسانية ونية واضعيه قد انصرفت إلى إغفال المسئوليات الوطنية في هذا الخصوص فكل الأزمات الدولية لها جذور وطنية. ولكنها فقط ملاحظة جديرة بالتأمل لأنها تثير إشكالية معقدة سواء فى التحليل السياسى أو التحليل الحقوقى. ونفى بذلك إشكالية العلاقة بين الجذور الوطنية والمصادر الوطنية للأزمات العالمية وربما كانت هذه الإشكالية الموضوعية هى أحد مصادر دولية تسبب قضايا حقوق الإنسان وهذه أحد عقبات التعاون الدولى سواء فى مجالات التنمية أو حقوق الإنسان وحتماً وثيق الارتباط.
الملاحظة السابعة فى قراءتنا الحقوقية لوثيقة “الأخوة الإنسانية” هى أن هذه الوثيقة ربما كانت أكثر وثيقة دولية صادرة عن مؤسسات دينية رسمية بهذا الوزن الروحى والامتداد الجغرافى والديموغرافى تطرق لموضوعات حقوق الإنسان بمضمونها المعاصر بشكل هو الأكثر تفصيلاً على حد علمنا عن أى وثيقة أخرى إلى الحق فى الحياة والحق فى التنمية وحرية التعبير وحرية العقيدة وحقوق المرأة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق المهاجرين، وإن استخدمت في التعبير عن بعض ما تقدم مصطلحات أخرى، كما إنتقدت الوثيقة بعض المسميات الحقوقية كمصطلح الأقليات.
وهناك ملاحظة ثامنة، تتفرع عن الملاحظة السابقة وتحتل أهمية كبيرة فى تقديرنا فيما يتعلق بالتحليل المقارن بين الأديان وحقوق الإنسان ومبادرات نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك فى مجتمعاتنا التى بات معظمها بحكم الهجرة وثورة الاتصال مجتمعات متعددة الثقافات والأديان. أكدت بوضوح وان كان بشكل غير مباشر أن هناك مناطق خلافية بين الأديان وبعض تفسيرات مفاهيم حقوق الإنسان. وهذا أمر لا غبار عليه إطلاقاً. فالفكر الدينى هو أحد أهم مجالات الفكر الدينى وكسائر أوجه الفكر فإن له ثوابت محكمات وفيه أيضاً “أخر متشابهات” أى تحتمل تفسيرات قابلة للتطور مع تغير الظروف(8). ونفس ذلك ينطبق على فكر حقوق الإنسان. ومن هنا فإن كلاً من الفكر الدينى والفكر الحقوقى قادر على إثراء الآخر.
ملاحظتنا التاسعة تتعلق بأولويات وثيقة الأخوة الإنسانية وتبدد لنا الأولويات الأكثر وضوحاً هى تحرير الدين من أعبائه ومواجهة ظاهرة الإستخدام السياسى للأديان كأدوات للصراع والسيطرة والدعوى للكراهية والعنف وما يرتبه ذلك من خلط وإضطراب سواء لدى المؤمنين بالأديان أو غير المؤمنين بها أو بين هذا وذاك. ولقد ثبتت وثيقة الأخوة الإنسانية منهج الأمانة الذهنية والتاريخية الكاملة حيث أقرت بمسئولية تخص رجال الدين فى بعض مراحل التاريخ عن هذه الظاهرة ودعت لمكافحتها كمسئولية مشتركة.
أما الملاحظة العاشرة والأخيرة، فى إطار قراءتنا الحقوقية لوثيقة “الأخوة الإنسانية” فهو إنها وإن أشارت لمفاهيم كالحوار بين أتباع الأديان المختلفة والتعاون المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف”، فإنها لم تشر لأى آليات تنفيذية أو خطوات عملية لتنفيذ أهم تعهد تنفيذى. تضمنته هذه الوثيقة الهامة. ندعو ونتعهد أننا سنعمل على إيصال هذه الوثيقة الى صناع القرار العالمى، والقيادات المؤثرة ورجال الدين فى العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدنى، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأى، وأن نسعى لنشر ما جاء بها من مبادئ على كافة المسئوليات الإقليمية والدولية وأن ندعو إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية ومناهج تعليمية ومواد إعلامية“.
وتقديرنا أن غياب الآليات التنفيذية ليس نقصاً فى وثيقة الأخوة الإنسانية وإنما هو مسئولية ملقاة على عاتق كافة الأطراف المخاطبة مضامين هذه الوثيقة الهامة والعميقة والدقيقة سواء من حيث مصدرها أو مقاصدها.
وأخص بالذكر من بين هذه الأطراف منظمات المجتمع المدنى الدينى. وإذا كان ثمة رسالة واحدة جوهرية ينبغى لمنظمات المجتمع المدنى الدينى أن تتناقلها من خلال وثيقة الإمام الأكبر والجد الأعظم فهى فى تقديرنا أن دور هذه المنظمات لا ينبغى أن يقتصر على المساعدات الإنسانية وإنما ينبغى أن يمتد إلى الدفاع عن المبادئ الإنسانية. هذه الملاحظة تثير ملاحظات تابعة عديدة أهمها ما هو دور المجتمع المدنى الدينى فى إطار نظرية ومعايير وممارسات المنظمات غير الحكومية بشكل عام، وماهى المسئوليات الحقوقية للفاعلين الدينيين غير الحكوميين؟
وهل هم مؤهلون للاضطلاع بهذه المسئوليات الحكومية؟ وما الذى ينقصهم من أجل أداء هذه الدور المهم للفرد والمجتمع الوطنى، بل وللسلم والأمن الدوليين؟ وكيف يمكن تمكينهم من القيام بدور الأليات التنفيذية لمبادرة الأزهر والفاتيكان؟ وما هى أهم التجارب الوطنية والدولية فى هذا العدد؟ وما هى الدروس المستفادة منها؟
وهذه كلها أسئلة نطرحها بشكل إبداعى و حقوقي لوثيقة الأخوة الإنسانية التى تمثل خطوة عظيمة ولكنها تظل خطوة أولى.