أخبارمقالات وآراء
الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث يتحدث القلب بلغة السياسة

بقلم: عبدالله معروف
في وقت يقف فيه العالم متفرجًا على مأساة غزة، يرفع الرئيس عبد الفتاح السيسي صوته، ليس بشعارات فارغة، بل بنبض قلب صادق يحاول حماية الحق وكرامة الشعب الفلسطيني.
في زمن تتشابك فيه المصالح وتضيع فيه المبادئ، يبقى صوت الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه القضية الفلسطينية مختلفًا، لا لأنه يتقن الخطابة، بل لأنه يدمج في كلماته مشاعر الإنسان مع مسؤولية القائد، فيخرج الخطاب السياسي وكأنه نبض قلب يرفض الظلم.
السيسي ليس من أولئك الذين يرفعون شعارات رنانة لا تجد طريقها إلى الواقع، لكنه يعرف أن المعركة أكبر من أن تخوضها دولة بمفردها في وجه تحالفات عالمية تحمي الاحتلال، وأن الحكمة أحيانًا تقتضي الصبر وانتظار لحظة القوة الجماعية.
في أحد خطاباته الأخيرة، تحدث بلهجة تفيض بالصدق والمسؤولية:
“أوعوا تتصوروا أبدًا إننا ممكن نقوم بدور سلبي تجاه أشقائنا في فلسطين. لنا دور محترم ومخلص وشريف، ومش هيتغير.”
هذه ليست عبارة بروتوكولية، بل عهد أمام الشعب وأمام التاريخ، يعكس التزامًا وجدانيًا قبل أن يكون التزامًا سياسيًا.
ثم وضع إصبعه على جوهر المأساة، واصفًا ما يجري في غزة بأنها لم تعد حربًا لتحقيق أهداف سياسية أو إطلاق سراح رهائن، بل “حرب التجويع والإبادة الجماعية وتصفيه القضية الفلسطينية”. كان واضحًا وصريحًا حين أشار إلى أن حياة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة تحوّلت إلى ورقة مساومة رخيصة، بينما يقف الضمير الإنساني متفرجًا، والمجتمع الدولي صامت أمام مشهد الموت.
ورغم كل الصعوبات، تواصل مصر تقديم أكثر من 70% من المساعدات لغزة، لكن الحصار الإسرائيلي على معبر رفح يمنع وصول معظمها. ولم يجعل الأرقام محور كلامه، بل جعل الألم الإنساني في الصدارة قائلاً: “المهم أن ندرك أن هناك إبادة ممنهجة”، داعيًا أوروبا وأمريكا والعالم بأسره مرارًا لإيقاف الحرب وفتح الممرات الإنسانية، مؤكّدًا أن القضية ليست قضية شحنات طعام ودواء، بل قضية حياة أو موت، وكرامة شعب بأكمله.
ثم جاءت عبارته التي تصلح أن تُكتب في كتب التاريخ:
“التاريخ سوف يتوقف كثيرًا، وسوف يحاسب ويحاكم أناسًا ودولًا كثيرة بسبب موقفها من هذه الحرب”، مضيفًا بجملة إنسانية عميقة:
“الضمير الإنساني لن يظل صامتًا بهذه الطريقة”.
هذه الكلمات تكشف أن الرئيس لا يرى نفسه بعيدًا عن مأساة غزة، بل يعيشها وكأنها جرح في قلبه. فالرجل العسكري الذي يعرف معنى النصر والهزيمة، يدرك أن المعركة اليوم ليست فقط بالسلاح، بل بالصمود السياسي، وحماية بلاده من أن تصبح الهدف التالي في مخططات الفوضى.
قد يرى البعض أن الصمت أحيانًا ضعف، لكن التاريخ يثبت أن القائد الذي ينتظر اللحظة المناسبة قد يحقق ما لا يحققه المتهور في أوج اندفاعه. والسيسي، وهو يتحدث من قلبه، يرسل رسالة واضحة: فلسطين ليست قضية عابرة في أجندته، بل جزء من هوية مصر وعقيدتها، وأن القدس في مكانة مكة، وأي اعتداء عليها هو اعتداء على الإسلام كله.
إن ما يميز السيسي في هذه اللحظة التاريخية، أنه جمع بين حزم القائد وحنين الأخ، بين واقعية السياسة ودفء الإنسانية، بين صوت العقل وصوت الضمير. وربما، حين يكتب التاريخ فصول هذه الحقبة، سيذكر أن هناك رئيسًا مصريًا، في زمن الصمت العربي، تكلّم قلبه بلغة السياسة، وظلّ يذكّر العالم أن الحق لا يموت وإن طال الزمن.