" قميص وبلوزة ": حرب طلبة مصر على التحرش
مواجهة التحرش في مصر لم تعد مسؤولية الدولة أو منظمات المجتمع المدني، ففي أروقة الجامعات أطلق الطلبة حملات توعية حول خطورة الظاهرة وكيفية مواجهتها، خاصة بعد أن تحولت بعض الجامعات هي الأخرى إلى بؤر للمتحرشين.
نظمت حركة “ضد التحرش” ، وهي حركة تطوعية أنشأت عام 2012، ورشة عمل وأطلقت حملة بعنوان “قميص وبلوزة” في جامعة عين شمس، لتوعية الطلبة بخطورة التحرش. وفي وقت سابق، دُشنت حملة مماثلة في كلية الإعلام جامعة القاهرة دعيت باسم”أحكي”، لمناهضة التحرش داخل الجامعة، بالتعاون مع إدارة الجامعة ووحدة مناهضة التحرش والعنف، وهو ما يؤكد أن هذه الحملات ستتمدد وتنتشر بعد أن عجزت السلطات المصرية حتى الآن على مواجهة الظاهرة. فرص نجاح الحملة تبقى موضع سؤال، لأنها أطلقت على نطاق ضيق خاصة وفي كليات محددة واستهدفت فئة معينة وهم طلبة الجامعات.
قميص وبلوزة رمز للمساواة
يقول منير عادل وهو متطوع من حركة “ضد التحرش”، وأحد منظمي حملة قميص وبلوزة إنها ورشة عمل لتوعية الطلاب بمخاطر التحرش ولكشف عقلية المتحرش ولتسليط الضوء على الاختلاط والانغلاق داخل الجامعة. وتابع: “أعددنا ورشتي عمل؛ واحدة في كلية الصيدلة جامعة عين شمس، والأخرى في كلية طب جامعة المنوفية”. وأكد أنهم لم يتعرضوا لأية صعوبات، خاصة بوجود تنسيق بين اتحادات الطلاب وبين الجامعات.
وعن طبيعة الحملة، قال منير لـ DWعربية: “ليست عبارة عن ورش عمل فقط، بل النزول وسط الطلبة، عبر حملات توعية للبنات، والطرق التي يجب إتباعها حتى تسترد حقها. وتابع: “وتوعية الأولاد أيضاً بكيفية التدخل لحماية الفتيات”.
ولكن ماذا عن اسم قميص وبلوزة؟، يجيب عادل: “اختيار الاسم دليل على المساواة بين البنت والولد، فالبنت قد ترى القميص بلوزة والولد يرى البلوزة قميص”. وبرر عادل اختيار شباب الجامعة، باعتبارهم الجيل القادم الذي سيواجه هذه الظاهرة وسيربون أولادهم على خطورة التحرش.
وذهب عادل إلى أن التغيير الايجابي الذي حدث في الفترة الأخيرة هو إقرار الدولة والمجتمع بوجود هذه المشكلة، وإصدارها قوانين لمكافحة الظاهرة.
“احكي”: أول مبادرة طلابية ضد التحرش
تتحدث ابتسام أحمد مختار، الطالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة المشاركة في مبادرة “احكي”، عن فكرة الحملة قائلة: ” الفكرة بدأت عبر مشروع مشترك مع جامعة برلين الحرة ، وهو كورس أونلاين، وفكرته عمل حملة إعلانية، على قضية مجتمعية” .تابعت الناشطة الجامعية تابعت بالقول: “ووقع الاختيار على التحرش داخل الجامعة، أمًا الجانب الألماني، فقد وقع اختياره على التحرش في الملاهي الليلية والعودة في الساعات المتأخرة”. وأضافت: ظهورنا الإعلامي وانتشارنا كان بسب مساهمتنا في قضية التحرش الشهيرة ( التي رفعت) ضد الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية”، حيث قام عدد من الطلبة بتقديم شكوى بسبب قيام أستاذ جامعة بالتحرش بهن وبزميلاتهن.
وفيما طالبت عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أعضاء الحملة أن يقصروا حملتهم على الحرم الجامعي، فقد حققت الحملة هدفها، وشرح خليل خلاصة ذلك بالقول: ” كانت النتيجة تزايد عدد الشكاوي التي قدمت ضد شخصه من جانب الحملة، والتي نجحت في الضغط لاتخاذ قرار عقابي ضده ( الأستاذ المتحرش).
اهتمام طلابي بحملات مكافحة التحرش
حسين أحمد، طالب بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قال أنه يعرف حملة “احكي” عن كثب واعتبرها خطوة لتشجيع الفتيات على أن يكشفن عما يتعرضن له، ذاهبا إلى أن الظاهرة بدأت تنخفض مقارنة بالسابق.
وعبّر حسين عن استيائه لقيام الشباب بالتحرش بالفتيات، معتبرا أن سبب ذلك هو الأهل الذين يربون أولادهم بشكل خاطئ. أما هالة شيحة الطالبة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، فكشفت أنه تتعرض للتحرش في الشارع بشكل كبير، بسبب أنها مغتربة، مؤكدة أنه قد بات لدى البنات رد فعل سلبي تجاه الرجال بسبب كثرة التحرش الذي يتعرضن له. أمًا عن الحملات، فكشفت هالة أنها لم تسمع عنها شيئا، خصوصا أنها طالبة في كلية محافظة تنتقص من قدر أي فتاة تتحدث عن التحرش حسب وصفها، وأردفت: ” ويعتبرونها لم تتلق التربية الجيدة، وهذا ما يدفعني أن أكره الجواز”.
وسمعت يُمنى ياسر، الطالبة بكلية تجارة جامعة عين شمس عن حملة قميص وبلوزة، وكشفت أنها تعتبرها مهمة مضيفة: ” لأن مجرد ظهورها شجًع بنات كثيرات، وأصبح لديها ( البنت) علم تعمل ايه و متعملش ايه “، وطالبت بزيادة الأمن في الجامعة وزيادة فاعليته/ مؤكدة أن لديها نية في الفترة المقبلة أن تنخرط في هذه الحملات ، وبالفعل عُرض عليها سابقاً أن تٌعلًم الفتيات كيفية الدفاع عن أنفسهن، ولكنها تريد أن يكون الموضوع شاملا.
هل الجامعة مكان آمن؟
فتحي فريد منسق حملة “شفت تحرش”، والتي سبق أن انتقدت جامعة القاهرة لعدم قدرتها على حماية الطلبة من التحرش، أعتبر أنّ وجود مبادرات من الطلبة المصريين يعني أنّ الجامعة مكان آمن، وبناء عليه، فهناك مجموعات تنظّم نفسها داخل الجامعة وتنظّم انتشارها، حسب فريد. ويفسًر ذلك: “هناك كوارث تحدث داخل الجامعة واستغلال جنسي من هيئة التدريس، بل انه توجد بؤر آمنة للتحرش”، ويشرح فتحي أبعاد ذلك بالقول: ” هناك أماكن معروفة لو الطالبة مرت منها تتعرض للتحرش”.
وكشف فتحي أنّ ” شركات الأمن لا تملك خبرة في التعامل مع هذه الظاهرة، بل أنّ عناصرها في بعض الأحيان يتحرشون بالبنات”.
وأشار فريد في حواره مع DWعربية إلى التنسيق المشترك بين الحركة ووحدة مناهضة العنف في الجامعة، مبديا أسفه لعدم توفر ساحة آمان للفتيات لا في الشارع ولا في الجامعة.
وفي السياق ذاته، وصفت الناشطة النسوية الدكتورة عزة كامل المدير التنفيذي لمنظمة “أكت ” الحقوقية الحملة بالخطوة الهامة، ” لأنها تساعد على توعية الطلبة وتثير أفكارا عند الشباب، وتناقش الأحداث التي يتعرضون لها من الجنسين، وهذا سيصب في النهاية على فكرة التطوع لدى الشباب للحد من التحرش”.
ولم تعتبر د. عزة في حديثها مع DWعربية، أنّ الجامعة مقصّرة في مواجهة ظاهرة التحرش، خاصة وأن لديها وحدة لمكافحة التحرش، وأن أي حملة شبابية تظهر في الجامعات تساعدها تلك الوحدة وتنسق معها، كما أن الجامعة تتعاون دائما مع منظمات المجتمع المدني في هذا السياق.
ريهام مقبل – القاهرة Deutsche Welle