دين

كن مصلحًا وليس صالحًا فقط

بقلم : أحمد تركي

بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، شهر القرآن والبركات والخيرات، يتوجه الكثير من الناس إلى الله بالأعمال الصالحة من صيام وقراءة للقرآن وصلاة التراويح.. إلخ.

ورسالة الإسلام في مجملها واضحة وضوح الشمس في دعوتها  للمسلم إلى أن يكون مصلحا وليس صالحاً فقط،،،

فعلى مستوى الدعاء، عندما تدعو الله تعالى، لا تدعوه أن يجعلك صالحاً فقط !!، بل  ادعوه سبحانه أن يجعلك صالحا ومن المصلحين …

الفرق كبير جدااااااا

فالصالح هو من صلح في نفسه ويكتفي بذلك !! 

ليس عنده طموح أن ينشر الخير في محيطه الأسري والإداري والاجتماعي.. يعيش ليربي أولاده وليس له آثر على من حوله أو لصالح وطنه وأمته .. 

وهناك أناس كثر تحب أداء هذا الدور !!! 

يدخل  مؤسسة ويخرج منها على المعاش دون أن يصلح فيها قشة واحدة أو يضيف لها علم أو خبرة أو نجاح أو منفعة !!! وبعد ذلك يصدح شاكيا الزمن وسنينه وأنه جاء في الزمن الغلط !!! 

المصلحون يا سادة هم أداة التغيير، والعبور إلى المستقبل بالعلم والخبرة والعمل ومواجهة التحديات .

وهكذا كان الأنبياء والأولياء والمصلحون عبر التاريخ، وتعرضوا لقسوة وتحديات تدهش العقل البشرى.. لكنهم في النهاية انتصروا وقابلوا ربهم ببصمات خير زرعوها في الحياة وللناس.

لقد ذكر القرآن قصص هؤلاء جميعاً ليعطيك رسالة واضحة وصريحة ، ما تزرعه اليوم من خير ستجنى ثماره في الدنيا والآخرة ..

قال تعالى “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) البقرة

وما تزرعه من خير ويخفيه عدوك حتى لا يكون لك قدراً بين الناس سيعلن عنك حتماً يوماً ما.. وسيكون رأس مالك في الآخرة لدخول الجنة

ثم كانت الوصايا الإلهية الآتية :

-1لاتكن مفسداً في صورة مصلح.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ( 11) البقرة . 

-2لا تكن فاسداً في الخفاء ومدعياً للصلاح في العلن

وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)  البقرة

-3 لا تنزعج من مواجهة التغيير ودفع الضريبة !! 

فالله معك في أشد الشدائد وهو ناصرك ومعينك .. 

 إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” 39.  التوبة

-4احرص على إضافة شيء نافع للحياة قبل موتك ..

علم – مشروع – خدمة بلدك – نشر الأخلاق … الخ

على الأقل تربى أولادك … 

فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ثم اسأل نفسك هذا السؤال، ماذا قدمت لحياتي؟ لأجده  في دنياي  بركة وعزة وسيرة طيبة  ونجاح ومشروع صلاح ينفع ذريتى !! وأجده فى آخرتى رحمة وثواباً وجنة عرضها السموات والأرض … 

مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُومًا مَّدْحُوراً* وَمَنْ أَرَادَ الآخرةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً* كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاءِ وَهَـؤُلاءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً* انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وللآخرة أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً”. 18-21.  الإسراء

الكثير يتساءل؟ ماذا أخذت؟ والأجدر به أن يقول: ماذا قدمت؟

هذا هو السؤال الذى سيسأله الإنسان يوم  اللقاء مع رب العالمين ،،،،

يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24).  الفجر.

ما أحوجنا في شدائد عصرنا الذى نعيشه إلى هذا النوع من الناس !! لنعبر ببلدنا وحياتنا إلى المستقبل بقوة الإيمان والعلم والعمل وإدارة الأزمات ومواجهة التحديات المحتملة أو المحققة .. 

لا وقت عندنا لأصحاب الدروشة أو التنطع أو الفهلوة  !!!

لأن القوى فقط هو الذى سيستمر قوياً فى هذه الحياة مع تجدد أزمات انتشار الفيروسات !!  

الضعيف سيموت وتموت معه حضارته وعقيدته وانتماؤه !! 

ويقيني أن مصر المحروسة قوية وحباها الله تعالى وقت هذه الأزمات بالقوى الأمين، فكونوا خلفه جيشاً من الأقوياء المصلحين .

والله الموفق والمستعان.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: