مقتل “أيقونة التصدي” للجنود الإسرائيليين، وصاحب مقولة “بِيهمّش خليهم يضربوا”
أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” مقتل الشيخ زياد أبو هليل، بعد تعرضه “لاعتداء عنيف” من قبل القوات الإسرائيلية أثناء اقتحام منزله في بلدة دورا جنوب الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
ونقلت “وفا” عن مصادر أمنية أن القوات الإسرائيلية اقتحمت منزل أبو هليل (66 عاماً) فجر الاثنين في الذكرى السنوية الأولى للسابع من أكتوبر/تشرين الأول، واعتدت عليه بالضرب المبرح حتى فقد وعيه، لينقل إلى أحد المستشفيات قبل إعلان وفاته متأثراً بجروحه.
من هو الشيخ أبو هليل؟
الشيخ زياد أبو هليل يواجه جنوداً إسرائيليين
صدر الصورة، الحساب الشخصي للشيخ زياد أبو هليل
التعليق على الصورة، الشيخ زياد أبو هليل يواجه جنوداً إسرائيليين
يعد الشيخ زياد أبو هليل المسالمة، من مدينة دورا التابعة لمحافظة الخليل، شخصية عشائرية معروفة، فهو “مختار” أي زعيم أهل بلدته، ومن أشهر رجال الإصلاح العشائري وممثل القبائل العربية بالضفة الغربية المحتلة.
في أحد اللقاءات التلفزيونية، قال إن والده موسى أبو هليل كان مختاراً هو أيضاً، وقد شارك والده في معركة “القَسْطَل” ضد “العصابات الصهيونية” عام 1948 قبل إعلان قيام دولة إسرائيل فيما يعرف بـ”النكبة الفلسطينية”. كان مثقفاً متعدد اللغات، وقال عن نفسه إن لديه إلماماً باللغات العبرية والإنجليزية والروسية، إلى جانب لغته الأم العربية، مضيفاً أنه تعلم ذلك “نتيجة الاحتكاك” بالمجتمعات المختلفة. وقد اشتهر الشيخ أبو هليل بوقوفه في وجه السلطات الإسرائيلية داخل الخليل وخارجها، حيث شارك في الحراك في قرية العراقيب بصحراء النقب، وفي قرية عين حجلة شرق مدينة أريحا بالأغوار، وفي قرية باب الشمس شرق القدس، حتى عُرف فلسطينياً بـ”أيقونة التصدي للاحتلال”.
وجرى تصويره في أكثر من حادثة وهو يتصدى للجيش الإسرائيلي في اقتحامات، واعتُدي عليه وتعرض للإصابة عشرات المرات في مناسبات مختلفة.
وقد علق في تصريح تلفزيوني بعد الدفاع عن المتظاهرين في إحدى المرات قائلاً: “نعم لقد كنت بصدري العاري ولكن كان عندي سلاح أقوى من سلاحهم وهو إرادتي في البقاء والثبات والدفاع والنضال”.
وأضاف في حوار أجرته معه قناة الجزيرة عام 2015 بعد سقوطه وتعرضه للاعتداء على يد جنود إسرائيليين: “إرادتي في البقاء كانت أقوى من أسلحتهم الفتاكة الحديثة”.
وتعد كلمة “بيهِمّش” أشهر مقولة حُفظت عنه بين الفلسطينيين، حين صاح فيه أحد الجنود الإسرائيليين بأن هناك أطفالاً يقذفونهم بالحجارة، فقال للجنود: “بيهمش.. خليهم يضربوا” أي “لا يُهم”. الشيخ زياد أبو هليل هو أيضاً عضو و”سفير سلام دولي” في “منظمة المحبة لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات”، والتي تعرف نفسها بأنها منظمة إنسانية مدنية عالمية مستقلة وغير ربحية، ليس لها ارتباط بأي جهة سياسية أو دينية.
رجل “شجاع ومِقدام” قال عيسى عمرو، المدافع عن حقوق الإنسان في الخليل، إنه شارك مع الشيخ زياد أبو هليل في عشرات المظاهرات السلمية في الخليل، واصفاً إياه بأنه “بسيط وطيب وشجاع ومِقدام”.
وأضاف لبي بي سي أن الشيخ أبو هليل إنسان “وطنيّ” وكان “مثالاً للمواطن الفلسطيني الذي كان في مقدمة أبناء شعبه وفي المظاهرات وفي الفاعليات الوطنية”.
وأوضح الناشط الحقوقي أن أهم مظاهرة شارك فيها بصحبة الشيخ أبو هليل كانت في عام 2015 عندما احتجزت السلطات الإسرائيلية جثامين عشرات الفلسطينيين من الخليل الذي قُتلوا عند الحواجز الأمنية، وكان من بينها جثامين لسيدات.
وجثامين الإناث بحسب الشريعة الإسلامية وبحسب العادات والتقاليد لها “قدسية” مختلفة عن جثامين الرجال، كما حكى عيسى، الذي قال إن الأهالي خرجوا في مظاهرة شارك فيها الآلاف، مطالبين بالإفراج عن الجثامين لدفنها بعد تشييع الجنازات.
وفي أحد الفيديوهات التي توثق هذه الواقعة قال الشيخ زياد: “برجعش -وعد رجال- إلا بالبنات، لو بننسجن كلنا”، في تصميم على العودة بجثامين السيدات المحتجزات.
وقد نجحت التظاهرة، التي قادها الشيخ زياد أبو هليل، في الوصول إلى الحاجز الرئيسي في شارع الشهداء، وهو الطريق الرئيسي المؤدي إلى المسجد الذي يعرف بالحرم الإبراهيمي.
وبحسب عيسى، فقد توجه الشيخ أبو هليل إلى الجيش الإسرائيلي وتحدث إليهم باللغة العبرية، ما أدى إلى احتجازه هو وستة آخرين من القيادات العشائرية، قبل الإفراج عنهم لاحقاً.
“كان واضحاً للجيش الإسرائيلي أنهم لن يرحلوا إلى أن يغير الاحتلال رأيه” وفق الناشط الحقوقي الذي قال إن التظاهرة الحاشدة حظيت بتغطية الصحافة الإسرائيلية، ونجحت بالنهاية في التراجع عن قرار في الكابينت يقضي بمنع تسليم الجثامين لأهاليهم، بحسب الناشط الحقوقي.
وختم عيسى عمرو حديثه لبي بي سي بأن الشيخ أبو هليل عُرف كذلك بمشاركته في الفاعليات الاجتماعية، وبدوره في حل المشكلات بين الناس والوساطة للصلح، واصفاً إياه بأنه “إنسان رائع بكل معنى الكلمة”.
غضب على مواقع التواصل
وقد أثار خبر مقتل الشيخ زياد أبو هليل حالة من الغضب بين الأهالي والشباب الذين عبروا عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي. كما انتشرت مقاطع فيديو سابقة للشيخ هليل وهو يتصدى لجنود إسرائيليين.