أخبار

بالوثائق – ماذا فعلت المخابرات السورية بالشيخ الذي نسيّ الدعاء للرئيس بشار الاسد !!!

نسخة لوثيقة أمنية دارت في أروقة وشعب مخابرت النظام السوري، كانت مرسلة من فرع فلسطين (235) من العميد الركن حسن دياب إلى رئيس فرع المخابرات، وذلك بعد سيطرة كتائب المعارضة المسلحة على مدينة إدلب شمال البلاد.

ووقعت الكثير من الأوراق والوثائق المهمة، التي كانت بحوزة الأفرع الأمنية والمخابرات التابعة لنظام بشار الأسد، بيد الثوار بعد فرضهم السيطرة على مدينة إدلب، فضلاً عن سجلات أنشئت على وجه الخصوص لأسماء المصلين في المساجد، وبالتحديد ‘صلاة الصبح’، حيث تضم السجلات جداول لاسم الأب، والأم والمولد، ومكان الإقامة والتوجه السياسي، والثقافة، والعمل وغيرها.

ومن بين الوثائق المهمة، وثيقة تبين أن رئيس فرع مخابرات إدلب طلب من العميد الركن دياب مراقبة أئمة مساجد إدلب، والخطباء حول ردود الفعل في الوسط الديني والشعبي بإدلب بعد بث حلقة تسيء للإسلام من مسلسل ‘بقعة ضوء’ في شهر رمضان وقدمتها ‘شاكيرا القبيسي’ كانت قد عرضت في شهر رمضان عام 2003.

وبيّن العميد الركن دياب أنه لم يتطرق أحد من خطباء المساجد، والأئمة، ومدرسي الدين الإسلامي للحدث أو نقد الحلقة في المسلسل، وذلك بعد مراقبة الدروس الدينية التي تلقى في شهر رمضان، وخطب يوم الجمعة في يومي 8 شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2003، وفي 14 من الشهر ذاته.

وأوضح أن خطيباً وحيداً، وهو الشيخ أحمد علوان بن مصطفى خطيب جامع أويس القرني في معرة النعمان، تحدث في خطبته خلال يوم الجمعة، عن فضل العشر الأخير من شهر رمضان، وتطرّق فيها إلى أن ‘مسلسل بقعة ضوء يسيء للإسلام والمسلمين، وقال الشيخ أن لا أحد يردع مثل هذه المسلسلات’، بحسب ما جاء في وثيقة المخابرات، التي بيّنت أن الشيخ علوان قد استدعي من قبل فرع 235 في عام 1999م لعدم دعائه للرئيس في نهاية خطبة الجمعة بتاريخ 6 من شهر تشرين الثاني في العام ذاته.

وأشار العميد دياب في الوثيقة إلى السيرة الذاتية الموجودة لدى فرع 235 عن الشيخ ‘علوان’ وقال أنه حاصل على إجازة في الشريعة من جامعة دمشق، ومدرس ديني في جامع الكبير بالمعرة، وهو إمام وخطيب جامع أويس القرني في المنطقة ذاتها، ونوه أن ‘علوان’ حيادي متدين، بالإضافة إلى أنه غير محموم، موضحاً أن له أقارب من جماعة الإخوان المسليمن لكنهم من درجة بعيدة وغير متأثر بهم.

وجاء في الوثيقة الصادرة من فرع 235 ‘وبالتدقيق من قبلنا مع الشيخ المذكور أحمد علوان، لمعرفة الأسباب والدوافع التي دعته لإثارة هذا الموضوع على المنبر، أفاد بما يلي: لم يشاهد تلك الحلقة وإنما اتصل ببعض المواطنين ممن شاهدوها وقالوا له بأنها مسيئة للإسلام، ومن هذا المنطلق تحدث عن الموضوع في خطبة الجمعة المشار إليها وقال: إن الفكرة من المسلسل قد وصلت خطأ إلى بعض المواطنين مما أثار حفيظتهم وطنوا ذلك طعناً بالدين الإسلامي، وأن المسلسل لم يوفق بمعالجة الإساءة إلى الدين الإسلامي من بعض الأشخاص، ومن هذا المنطلق أراد أن يوضح الفكرة’.

وأضاف البيان ‘وقال علوان إن هذا الموضوع ما كان ينبغي أن يطرح على المشاهدين بهذا الشكل، ولكن يجب أن يعطى حالة من البيان والنضج لكي لا يساء فهمه من البعض، لأن عدم الفهم يسيء للإسلام والمسلمين، كما يجب أن يكون هناك رادع ورقابة على تلك المسلسلات قبل عرضها، حتى لا يساء فهمها وتكون النتيجة سلبية’. وقد نشر الشيخ علوان على صفحته الرسمية على حساب الفيس بوك عدداً من الوثائق المسربة، من بينها وثيقة فيها اسمه ضمن الأئمة الذين خرجوا عن مضمون الخطبة في إحدى خطب يوم الجمعة، وكانت بتاريخ السادس عشر من شهر كانون الثاني، وأيضاً في شهر آذار/مارس من عام 2004م.

وفي حديث مع الشيخ علوان قال عن طريقة التعامل معه عند استدعائه من فرع فلسطين (235) بسبب خروجه عن مضمون الخطبة كانت الطريقة استفزازية، ويهددونه بقطع رزقه، وتوقيفه، وأضاف: لكن تعاملهم معي تغيّر كثيراً في أثناء حرب العراق، فكانوا يتجنبون استفزاز الخطباء، فكان عميد الفرع يستقبلني من باب مكتبه ويودعني حتى درج الفرع، لأن الاحتقان كان موجوداً، وكان يحضر مسجدي بضعة ألوف وقتها.

وأجاب عن المقصود بالنسبة للفرع بالخروج عن مضمون الخطبة فقال: الخروج عن مضمون الخطبة هو الحديث عن ضرورة الحجاب، أو الحديث عن الأوضاع الاقتصادية، أو سياسة الإعلام، أو الجامعة العربية، ومواقف الحكام العرب، وأمريكا، وتابع ‘علوان’ حديثه قائلاً: ‘حقيقة لم يصرّحوا بمنع الحديث عن الحجاب، ولكن كانوا يلمحون بذلك، وعندما تم استدعائي قال لي المحقق في فرع فلسطين يدعى إياد: إنت شو دخلك لو تحجبت البنت أو ما تحجبت؟ إنت شغلتك تلتزم بدرسك وبس’ وأشار أن المحقق إياد كان من منطقة ‘جوبة برغال’ القريبة من القرداحة في ريف اللاذقية.

وقال علوان إنهم كانوا يجبرونه على الدعاء للرئيس في نهاية كل خطبة، وعندما نسي الدعاء له في إحدى الخطب عام 1999 م، أبلغوه في مفرزة المعرة أنه يجب عليه أن يراجع فرع إدلب، ولما ذهب إلى الفرع، قال: انتظرت على الباب لمدة ثلاث ساعات تقريباً أدخلوني للمحقق، وألحّ مراراً ليعرف ما سبب تعمدي لترك الدعاء كما وصف، وطلب مني الدعاء للرئيس، وأكد علي أن أدعو له باسمه الصريح، وقال لي بالحرف: ‘هدول جماعتنا ‘المخبرين’ مابيفهموا إلا بالعريض، يعني اللهم وفق الرئيس بشار الأسد’.

وتحدث أن خطبه في المسجد عرّضته للاعتقال مرتين في عامي 2007/ 2008 الأولى كانت قرابة الأربعة أشهر، والمرة الثانية عشرة أشهر، وقال إنه تعرّض للتعذيب الشديد في الاعتقال الثاني، مما سبب تقرحات وجروحاً ونزيف دماء من ظهره، ولم يعالجوه قطعاً، وبقيت لأكثر من شهرين حتى اندملت الجراح وحدها، كما قلع اثنان من أظافر قدمه، وغيرها من أنواع التعذيب والكلام المهين، وحاولوا أن يلصقوا به تهمة المشاركة في تفجيرات منطقة القزاز في العاصمة دمشق، واللافت للانتباه أن فرع المخابرات كان يخصص سجلاً لخطبه في المسجد، موثقة بالتاريخ وأحياناً بتسجيلات صوتية، وظهر في إحدى الوثائق أن عنصر المخابرات الذي كان مكلّف بحضور خطبه هو المساعد ‘نزيه العلي’.

وكان الثوار قد سيطروا على مدينة إدلب في الثامن والعشرين من شهر آذار/ مارس الماضي في معركة ‘جيش الفتح’، وبعد سيطرتهم على الأفرع والمقرات الأمنية في المدينة، وعثروا على الكثير من الوثائق الأمنية والمخابراتية، كشفت طبيعة متابعة النظام للمعارضة وقاداتها، بينها عمليات اغتيال خططها مع عملائه والعديد من الوثائق المهمة، بعضها مرفقة بأسماء المتعاونين مع أفرع المخابرات والسلطات الأمنية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى