ضربة موجعة.. فرنسا تلغي مشاركة إسرائيل في أكبر معرض دفاعي
بعد أيام قليلة من قصف الاحتلال الإسرائيلي المميت لمخيم النازحين في رفح وما صاحبه من سخط دولي ومظاهرات حاشدة في كل أنحاء فرنسا، أعلنت الحكومة الفرنسية، الجمعة، إلغاء مشاركة 74 شركة إسرائيلية في معرض “يوروساتوري” للدفاع.
ويعتبر هذا الحدث العالمي الرائد -لجميع المتخصصين في مجال الدفاع والأمن- الأهم والأكبر في العالم. ويُقام كل عامين تحت رعاية وزارة القوات المسلحة الفرنسية للجمع بين العرض والطلب في هذا المجال. ومن المفترض أن يفتح أبوابه من 17 إلى 22 يونيو/حزيران الجاري، بضواحي باريس.
ويعد قرار فرنسا ضربة موجعة في قلب الصناعة الإسرائيلية، لأن المعرض كان يمثل فرصة ذهبية بالنسبة لإسرائيل لإظهار معرفتها وابتكاراتها الجديدة في مجال التسليح وعرض الخبرة الدفاعية الإسرائيلية التي كانت تتباهى بها في كل أنحاء العالم، تحت شعار “الجيش الذي لا يُقهر”
قرار الإلغاء
وقالت إدارة شركة “كوجيس إيفنتس” المنظمة للمعرض إنه “بقرار من السلطات الحكومية، لن يكون هناك جناح للصناعات الدفاعية الإسرائيلية في معرض يوروساتوري 2024”.
من جانبه، أوضح وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، لوسائل إعلام محلية أنه “لم تعد الشروط متوافرة لاستقبال الشركات الإسرائيلية في المعرض الفرنسي، في سياق مطالبة رئيس الجمهورية بوقف العمليات العسكرية في رفح”.
وأضاف لوكورنو “وفقا لتصريحات رئيس الجمهورية، هناك حاجة ملحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يضمن حماية السكان في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن والوصول الكامل إلى المساعدات الإنسانية”
وجاء رد إسرائيل سريعا على هذا القرار، وطالب الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس -في تغريدة عبر حسابه على منصة “إكس”ـ فرنسا بـ”إعادة النظر” في هذا الحظر، مشيرا إلى أنه ناقش الأمر مع رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال “وأكدت على أن هذا القرار من شأنه مكافأة الإرهاب في نهاية المطاف وطلبت من فرنسا إلغاء الحظر”.
ومن المقرر أن يشارك أكثر من 1700 عارض هذا العام من 62 دولة، للقاء المصنعين والشركات الناشئة من جميع أنحاء العالم، والجهات الفاعلة العامة والخاصة في مجال الدفاع والأمن، لتبادل التجارب مع أفضل الخبراء والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية، واكتشاف أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا والابتكارات وفهم وجهات النظر والتغيرات في هذا القطاع.
تحركات مسبقة
ويأتي ذلك في سياق حملة واسعة قادتها عدة جمعيات داعمة لفلسطين في فرنسا طالبت من خلالها الحكومة ومنظمي المعرض بعدم استقبال شركات إسرائيلية ووقف توريد الأسلحة الفرنسية إلى إسرائيل، فضلا عن منع تجارة الأسلحة التي من المحتمل أن يستخدمها جيش الاحتلال في غزة تحت طائلة الملاحقة القضائية.
وقامت منظمة “قاطعوا تسليح إسرائيل” بتنظيم مظاهرة حاشدة، الخميس الماضي، أمام مجموعة الصناعات الدفاعية والأمنية البرية والجوية الفرنسية في باريس “جيكات” (GICAT) لتأكيد هذه المطالب.
وقال الناشط في المنظمة لويك فورنيل “عندما نظمنا هذه الوقفة الاحتجاجية الخميس، علمنا في اليوم التالي أن مشاركة الشركات الإسرائيلية قد ألغيت بالفعل، مما يعني أن تحركاتنا والمظاهرات التي شاركنا فيها قد أتت بثمارها أخيرا”.
وأضاف فورنيل في حديث للجزيرة نت “نظمنا تعبئة لعدة أشهر نطالب فيها بعدم استخدام وعرض أسلحة إسرائيلية في معرض يوروساتوري 2024. وقد عقدنا اجتماعات عامة واتصل مئات الأشخاص هاتفيا بمنظمي المعرض لحثهم على القيام بهذه الخطوة”.
ويرى الناشط الفرنسي أنه “بالنسبة للرؤساء التنفيذيين للشركات الإسرائيلية الذين قالوا إننا اختبرنا للتو أسلحتنا على سكان غزة، وقد أثبتنا فعاليتها القتالية على أرض المعركة، كانت ستكون الخطوة الأمثل بالنسبة لهم هي الذهاب إلى مراكز بيع الأسلحة حول العالم لجني أموال طائلة، وكانوا يأملون حقا في حضور هذا المعرض وإبرام صفقات تجارية كبرى”.
انتصار التعبئة
ووصف الناشط في منظمة “قاطعوا تسليح إسرائيل” قرار الحكومة الفرنسية بـ”الانتصار” لأنه “لولا المظاهرات، لكانت الحكومة سمحت بمشاركة هذه الشركات التي تمثل الاحتلال الإسرائيلي، وقد رأينا سابقا كيف دعمت فرنسا الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة منذ البداية، وهو دعم لا يتزعزع رغم كل التصريحات الدبلوماسية التي تحاول التخفيف من حدة التواطؤ”.
لكن على الرغم من هذا الانتصار، أكد لويك فورنيل أنهم سيظلون يقظين خلال الأسبوعين المقبلين لمواصلة الضغط على جميع المنظمين، تحسبا لمشاركة ممثلين إسرائيليين للشركات أو أفراد من وزارة الدفاع الإسرائيلية بهدف التواصل وتوسيع شبكة علاقاتهم وحتى شراء المعدات.
وأشار المتحدث إلى أن الخطوة المقبلة تتمثل في زيادة الضغط على جميع الشركات التي ستكون حاضرة خلال المعرض حتى لا تلتقي بمشترين إسرائيليين، “وإلا فلن نتردد في تنظيم مظاهرات أخرى خلال أيام المعرض أو التهديد بإلغائه تماما لممارسة أقصى قدر من الضغط”.
وعند سؤاله عما إذا كان وصل المنظمة أو أفرادها أي نوع من التهديدات أو التضييقات، قال فورنيل إنَّا “لم نتعرض لأي شيء من هذا القبيل حتى الآن بسبب مواقفنا، لكن إمكانية حدوث ذلك في المستقبل واردة جدا بسبب وجود استياء كبير من ممثلي إسرائيل في فرنسا، لأن هذا القرار الحكومي يعتبر هزيمة ثقيلة وخطيرة لهم”.