مقالات وآراء

جيهان جادو تكتب : وطن يحترق

لقد مرت علي مصر اوقات عصييه مابين احتلال وثورات وانتفاضات وفي كل مرة تخرج فيها مصر من الازمة اقوي واصلب بل وقادرة علي مواجهة اي صعاب ومتحدية اي ازمة وساعيا قدما وبخطي واثقة نحو الافضل وهذه حقيقة مؤكده والتاريخ خير شاهد ودليل.
فقد تحملت مصر الكثير علي مر العصور وعانت علي مر الزمان الاصعب بداية من الاحتلال والانتهاء بالثورات والحروب ضد الظلم والطغيان وتخرج قوية صامدة متحدية كل الظروف والحواجز التي كانت حجرة عثرة في تحقيق المسار الصحيح نحو الهدف المرجو للمحافظة علي حضارتها العريقة. 
إلا ان الوضع اختلف بعض الشيء منذ اندلاع ثورة يناير الثورة التي كانت ملهمة لجموع الشعب المصري الذي ابي الطغيان ورفض الانصياع لواقع مرير  يوحي بالظلم الثورة التي الهمت المصريين بفكرة التغيير المحتم الذي كان الهدف المحدد من اجل الافضل.
لكن الامر الان وبعد توالي الاحداث التي وقعت علي مدار السنوات الثلاث الماضية اوضحت لنا ان الثورة انحرفت عن مسارها الحقيقي وعن هدفها المرجو فالرؤيا غير واضحة الصورة باتت مشوشة طريق التغيير والديمقراطية بات اقرب الي السراب
التغيير الذي نادي به الجميع واتخذ منه هدف منشود . لكنه وبكل اسف اصبح بعيد المنال يبتعد منا شيئا فشيئا ونحن وراءه راكضون طريق طويل لا ينتهي ابدا كما توهمنا فهل كان حلما مشروعا ولم نتخذ الاسباب لتحقيقه ام انه حقيقة ترتدي ثوب الوهم وشيء اصبح من المستحيلات فهل ليس من حقنا الحلم ام ان الاحلام هي الاخري لم تعد من حقنا كشعب يريد الافضل  ؟
للاقتراب اكثر من اجابة هذه الاسئلة تتضح عندما نضع ايدينا علي المشكلة الرئيسية إلا وهي سيطرة لعبة السياسة المتحركة والكراسي المصلحية  واختلاط المفاهيم الدينية وجعل الدين في كنف السياسة فأصبحت العملية السياسية مسيطرة  علي المشهد وبات ينظر الجميع لمصر علي انها المحرك السياسي في منطقة الشرق الاوسط باعتبارها قلب العروبة وعقل الشرق الاوسط بأكمله فأصبحت جميع الايدي تمتد اليها وأصبح العالم الخارجي ينظر ويترقب لها بشغف ويريد التدخل وتنصيب نفسه راعي رسمي لمجريات العملية السياسية ليكون في المقدمة وفي الصورة المشوهه.
اذا نحن امام حقيقة مؤكدة ان مصر محاطة بحصارين اولهما داخلي يتمثل في الصراع علي السلطة  والحكم والمصلحة الشخصية وهيمنة فصيل دون الاخر وعدم وجود مبادرات حقيقية يجتمع عليها كافة طوائف الشعب هذا من ناحية. 

والحصار الاخر هو الخارجي والمحاولات البائدة للتدخل في شئون مصر وبالتالي الشرق الاوسط.
لكن دعونا نواجهه الحقيقة الموجعة إلا وهي خطورة المشكلة الداخلية الاخطر والأعمق بكثير هذا بعد شعورنا المؤكد بالفرقة والانقسام والتناحر بل والتقاتل للدفاع عن مصالح سلطوية  لكن انقسامنا بين مؤيد ومعارض كان امرا طبيعيا ومقبول فهذا امر غالبا يحدث في معظم الشعوب فكل طرف يري وجهة نظره صحيحة وانه علي صواب بل يدافع عن فكرته وهدفه اما الخطورة تكمن عندما نقترب من مشاهد الحرب الاهلية التي عاشتها مصر بالأمس قتلي وجرحي وحرائق اشبه بحريق القاهرة من قبل عنف ودماء تسيل قتلي مصريين بأيدي مصرية سواء اتفقنا او اختلفنا عن السبب الغير المبرر للقتل هذه في وجهة نظري الاخطر من اي شيء يهدد امن مصر واستقراره.
السؤال الان وماذا بعد ؟ لقد عاش الجميع ليلة دامية بكل المقاييس مشهد درامي ممكن   ان نتخيله في اي مكان اخر وفي اي بلد اخري سوي مصر.
فسقوط هذا العدد من القتلي والجرحى يجعلنا نقترب من المشهد في سوريا او العراق بعدما تم تدمير جيشهما  بتخطيط واضح من الخارج.
تري ! هل جاء الدور عليكي يا قلب العرب ونبضها هل سيتركك ابناؤك تلفظين انفاسك  الاخيرة ويتركون وطنهم ينزف.
لابد وان ينأى الشعب المصري اجمعه عن هذه المخاطر التي لا يحمد عقباها والنار التي تقضي علي الاخضر واليابس الحل الوحيد للخروج من الازمة هو وحدة الصف هي الحل والحوار البناء لمصلحة مصر فقط لابد وان يتخلى الجميع عن عباءة المصلحة ويرتدي ثوب الوطن ويحميه فهوا غلي من اي مصلحه  وأهواء شخصية.
فهل لدي المصريين الاستعداد للتضحية لإنقاذ مصر هل لدي احد الرغبة في ان يعيد مصر لسابق عهدها ؟ الان قد تكون رغبة او اختيار وليس واجب. 
فالواجب سيأتي حتما عندما نري تدخلا خارجيا المشهد الذي لابد وان يكون بعيدا عن اعين الجميع واعتقد ان اي مصري حر شريف محب لوطنه لا يرغب في رؤية هذا السيناريو الدامي او المخطط الفاشي او التدخل الاحمق في شان مصر الداخلي مصر للمصريين دون جدال.
لابد وان يقف الجميع علي مقربه ومسافة واحدة من مصلحة الوطن  الفرصة مازالت متاحة لنا جميعا لارتداء الوطن والاحتواء به  وإطفاء نار وطن يحترق
مصر فوق الجميع 
بقلم : د/ جيهان جادو  
سفيرة النوايا الحسنه
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى