
تعتزم الحكومة الألمانية في عام 2025 إجراء المزيد من التخفيضات في مساعدات التنمية. ويرى الخبراء في ذلك خطراً على الاستقرار العالمي وعمليات الإغاثة الإنسانية ما أن بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فترة ولايته الثانية حتى شرع بسرعة في أوائل شباط/فبراير في تنفيذ تقليصات كبيرة في مساعدات التنمية. ومن المتوقع أن تُخفض بنسبة حوالي 80 بالمائة. وفي عام 2024 كان بلده لا يزال أكبر داعم للدول النامية والاقتصادات الناشئة بحوالي 63 مليار دولار تليه ألمانيا بحوالي 32 مليار دولار.
كما تخطط الحكومة الألمانية الحالية التي تولت مهامها منذ أيار/مايو وتتألف من أحزاب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي لاعتماد المزيد من التخفيضات في عام 2025 بعدما قلصت الحكومة السابقة ميزانية وزارة التنمية بنسبة 8%.
ومن وجهة نظر منظمة المساعدة الألمانية ضد الجوع Deutsche Welthungerhilfe ومنظمة حقوق الأطفال “تير دي زوم” Terre des Hommes تُعد هذه التخفيضات إشارة كارثية، خاصة وأن أحزاب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي لم تعد لها في اتفاق التحالف التزام صريح بهدف 0.7 بالمائة: “بهذا لا تعلن الحكومة الألمانية فقط عن تخفيض مالي، بل أيضا عن تراجع سياسي عن الالتزامات الدولية”، هكذا تنتقد المنظمتان في تقريرهما حول سياسة التنمية المسماة “بوصلة 2025”. يجب على ألمانيا أن تتولى دور القيادة في سياسة السلام
يطالب الأمين العام لمنظمة المساعدة الألمانية ضد الجوع، ماتياس موغي والمتحدث باسم منظمة حقوق الأطفال “تير دي زوم” Terre des Hommes، يوشوا هوفرت الحكومة الألمانية بتولي دور قيادي في سياسة السلام في ظل عالم يزداد عدم الاستقرار فيه. ويتضمن التقرير الذي يمتد لأكثر من 30 صفحة العديد من التوصيات السياسية ورسومات توضيحية حول التعاون الإنمائي.
“يجب على ألمانيا أن تلتزم بالاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي والمبادئ الإنسانية، وكذلك بضمان الوصول إلى المساعدات وحماية المدنيين في الحروب والنزاعات. بالإضافة إلى ذلك يجب عليها العمل على منع استخدام الجوع كسلاح”، حسب ما ورد في التقييم الذي أعدته منظمات الإغاثة.
وفي اليوم السابق نشر معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي SIPRI في تقريره السنوي أحدث الأرقام حول التسلح العالمي. تخفيض المساعدات الإنسانية الطارئة إلى أكثر من النصف
ويُثير التخفيض المخطط في ميزانية وزارة الخارجية للمساعدات الإنسانية الطارئة القلق. ومن المقرر خفض ميزانية المساعدات الإنسانية الطارئة في ميزانية وزارة الخارجية الألمانية إلى أكثر من النصف لتصل إلى حوالي مليار يورو. أما الولايات المتحدة فقد أوقفت دعمها بالكامل لهذا الصندوق الذي تديره الأمم المتحدة. وبسبب التخفيضات الكبيرة على مستوى العالم، يضطر منسق المساعدات الطارئة توم فليتشر إلى إلغاء العديد من البرامج الموجهة لأفقر الفقراء.
ووصف ممثل الأمم المتحدة في جنيف التأثيرات على المحتاجين والجياع بأنها كارثية. بدلاً من المبلغ الأصلي المقدر بـ44 مليار دولار، يتوقع فليتشر الآن فقط 29 مليار دولار أمريكي لتوزيع الغذاء والماء والدواء والمأوى وغيرها من المساعدات. وبحسب ما ذكر فليتشر، سيكفي هذا المبلغ فقط لتلبية احتياجات 114 مليون شخص بدلاً من 180 مليون إنسان آفاق قاتمة للعديد من الدول الأفريقية
وحسب تقديرات منظمات الإغاثة ستكون الدول الفقيرة هي الأكثر تأثراً بتخفيضات ميزانيات التنمية، على سبيل المثال بوروندي وموزمبيق وليبيريا حيث شكلت المساعدات التنموية الرسمية المقدمة من الدول المانحة في عام 2023 ما بين 14 إلى 24 بالمائة من حجم الاقتصاد في هذه الدول.
لا شك لدى منظمات الإغاثة في العواقب التي قد تنجم عن تقليص الدعم المالي من الدول الغنية: “عندما يتم تقليص خدمات الحماية الاجتماعية يتجه الناس على المدى القصير إلى اتخاذ تدابير مثل بيع ممتلكات إنتاجية كالمواشي والأدوات الزراعية. وهذا بدوره يقلل من قدرتهم على تأمين سبل عيشهم على المدى الطويل”.